هل يقود إنهاء مهمة (يونيتامس) إلى تدخل دولي مباشر في السودان؟
عاين- 2 ديسمبر 2023
تنتهي الأحد الثالث من ديسمبر الجاري مهمة بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان المعروفة بـ”اليونيتامس” عقب تصويت 14 عضو في مجلس الأمن الدولي الجمعة على قرار إنهاء مهمة البعثة بطلب من الحكومة السودانية.
وكانت الحكومة السودانية التي يسيطر عليها الجيش تقدمت بطلب إلى مجلس الأمن منتصف الشهر لإنهاء تواجد البعثة على الأراضي السودانية معللة ذلك بعدم وجود جدوى من استمرارها لأن مهمتها كانت مرتبطة بالفترة الانتقالية.
ونقل وكيل وزارة الخارجية السودانية السفير دفع الله الحاج علي وهو الذي ترأس الوفد السوداني في نيويورك عمل من خلالها على اتصالات مع أعضاء مجلس الأمن لإنهاء مهمة (اليونيتامس) نقل لأعضاء المجلس في اجتماع الجمعة أن “القيادة السودانية” جاهزة لإكمال الفترة الانتقالية وإنهاء الحرب واقامة انتخابات حرة ونزيهة والتعاون مع المكتب القطري للأمم المتحدة في السودان.
القطيعة مع المجتمع الدولي
ويقول الدبلوماسي والمحلل في شؤون الأمم المتحدة، عمر عبد الرحمن لـ(عاين) إن مغادرة (اليونيتامس) كانت متوقعة منذ مغادرة رئيسها فولكر بيرتس لأن التيار الصاعد داخل الحكومة السودانية وهو التيار الذي يناهض وجود المنظمات الدولية المناهضة لتوجهات النظام القديم.
ويضيف: “من الواضح أن الحكومة السودانية التي يقودها جنرالات الجيش منزعجون من تقارير الأمم المتحدة وطبعا مصدرها البعثة الأممية في السودان حول الانتهاكات ضد المدنيين”.
وأردف : “في آخر تقرير للأمم المتحدة عن الانتهاكات ضد المدنيين خلال الحرب أكد مقتل 258 مدنيا بالقصف الجوي لطائرات تابعة للجيش السوداني وربما كان هذا التقرير أكثر إزعاجا بالنسبة للجنرالات”.
وقال الدبلوماسي السابق عمر عبد الرحمن، إن وكيل وزارة الخارجية السفير دفع الله الحاج علي معروف بأنه ينتمي إلى النظام السابق، وهو الذي قاد وفد السودان في نيويورك لإجراء هذه المهمة التي يعتقد أنه نجح فيها.
ويرى عبد الرحمن، أن التيار الذي يهيمن على القرار داخل الحكومة والخارجية السودانية لا يهمه حتى وإن عاد السودان إلى العزلة الدولية والقطيعة مع المجتمع الدولي كما كان في عهد نظام البشير.
واضاف: “لا يكترثون للمجتمع الدولي.. هم يريدون السلطة في رقعة جغرافية محددة خارج مناطق الحرب وقد نشهد الفترة القادمة تكوين حكومة في تلك المناطق وهي مؤشرات بدأت بتعيين الولاة وبعض المسؤولين”.
وتابع عبد الرحمن: “ربما لا يدري الجنرالات أن البديل قد يكون الانتقال إلى مرحلة البند السابع وتدخل قوات أممية لحماية المدنيين لأن (الحرس القديم) القادم من نظام البشير يرفض إيقاف الحرب أو تقديم تنازلات في منبر جدة”.
تحركات بريطانية
وكان نائب المندوب البريطاني في مجلس الأمن الدولي حمل الحكومة السودانية مسؤولية حماية موظفي البعثة إلى حين مغادرة البلاد عقب إنتهاء المهمة وتأتي هذه التحذيرات في وقت صاغت فيه بريطانيا قرار إنهاء البعثة بموافقة 14 عضوا في مجلس الأمن الدولي في تصويت جرى في نيويورك الجمعة.
بينما قال دبلوماسي سابق بوزارة الخارجية السودانية وجرت إقالته بعد الانقلاب العسكري إن بريطانيا قامت بصياغة القرار وهي التي أشرفت على هذه العملية استجابة لرغبة السودان لكن في ذات الوقت من الواضح أنها تعلم حجم الضغوط التي ستواجه”القيادة السودانية” في مدينة بورتسودان مقر الحكومة من المجتمع الدولي.
ويوضح مصدر دبلوماسي آخر، أن القرار جاء سريعا وسيتولى الدبلوماسي الجزائري رمطان لعمامرة مهمته مبعوثا للأمين العام للأمم المتحدة ولا أعتقد أنه يحتاج إلى مقر بقدر ما أنه سيقوم بتفعل أدواته لمراقبة الانتهاكات ورفع التقارير الدورية إلى الأمين العام للأمم المتحدة وبدوره إلى مجلس الأمن.
وأردف المصدر الدبلوماسي: “روسيا عارضت قرار إنهاء البعثة لأنها تعلم أن التدخل الدولي في السودان في الفترة القادمة لن يكون في صالحها”.
قرار مختطف
وجاءت بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان (اليونيتامس) بطلب من الحكومة الانتقالية بقيادة عبد الله حمدوك التي أطاحها بها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان والجنرال محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع في أكتوبر 2021.
ويرى المحلل السياسي محمد كمال، إن القرار داخل الحكومة يقع تحت سيطرة “الحرس القديم” منذ اندلاع الحرب ولم يكن للبرهان قائد الجيش أي تأثير في طلب الغاء مهمة البعثة الأممية سوى الموافقة على هذا القرار الذي اتخذته مجموعة موالية لنظام البشير.
ويرى كمال، أن البعثة لم تكن بالتأثير الكبير ووقع الانقلاب العسكري والحرب أثناء وجودها في السودان وأثناء عملها لكنها بعد الحرب كانت تعمل على رصد الانتهاكات التي تقع من الجيش والدعم السريع.
وأردف كمال : “من الواضح أن مغادرة اليوينتامس لا تحمل أنباء سارة لمن عملوا على مغادرتها في السودان لأن البديل سيكون التدخل الدولي المباشر لحماية المدنيين طالما رفضوا تقديم تنازلات في محادثات السلام في منبر جدة بالسعودية”.