مجلس الأمن يفشل في اعتماد قرار بشأن حماية المدنيين في السودان

الفيتو الروسي يعطل قرار مجلس الأمن بشأن وقف الأعمال العدائية في السودان وإيصال المساعدات الإنسانية

عاين- 18 نوفمبر 2024

فشل مجلس الأمن الدولي، في اعتماد قرار بشأن السودان، يطالب القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع باحترام الالتزامات التي وقعا عليها بشأن حماية المدنيين.

وعلى الرغم من تأييد 14 عضوا من مجموع 15، فإن استخدام روسيا لحق النقض “الفيتو” حال دون تمرير مشروع القرار.

وعقب بدء اجتماع مجلس الأمن للتصويت على مشروع القرار، اليوم الاثنين، طلب السفير الفرنسي إجراء مشاورات مغلقة بين الأعضاء لتسوية خلافاتهم حول مسودة القرار وضمان اعتماده.

واقترحت السفيرة البريطانية، رئيسة المجلس، تعليق الاجتماع للتشاور، وتم ذلك بعد عدم اعتراض الأعضاء.

وبعد عدة دقائق من التشاور، عاد الأعضاء إلى قاعة مجلس الأمن، ليجري التصويت على مشروع القرار المقدم من سيراليون والمملكة المتحدة.

وحصل المشروع على تأييد 14 من أصل 15 عضوًا في المجلس، لكن القرار لم يعتمد بسبب استخدام الاتحاد الروسي – أحد الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس – حق النقض.

ويدين مشروع القرار، استمرار اعتداءات قوات الدعم السريع في الفاشر، ويطالبها بوقف فوري لجميع الهجمات ضد المدنيين في دارفور وولايتي الجزيرة وسنار وأماكن أخرى.

كما يدعو مشروع القرار الأطراف المتنازعة إلى وقف الأعمال العدائية فورًا والبدء بحوار حسن النية للتوصل إلى اتفاق عاجل بشأن وقف إطلاق النار على المستوى الوطني.

وعقب انتهاء التصويت، قال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، إن المدنيين السودانيين عانوا عنفاً لا يمكن تصوره خلال الحرب.

ولفت إلى أن هذه المعاناة تشكل “ندبة على الضمير الجماعي”. وأضاف “في وجه هذه الأهوال، عملت المملكة المتحدة وسيراليون معًا لجمع هذا المجلس لمعالجة هذه الأزمة والكارثة الإنسانية، بهدف حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية والدعوة إلى وقف إطلاق النار”.

وأضاف: “دولة واحدة وقفت في طريق تحدث المجلس بصوت واحد. دولة واحدة هي المعرقلة، وهي عدوة السلام” في إشارة لروسيا.

واعتبر وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي أن الفيتو الروسي عار، ويظهر للعالم مرة أخرى الوجه الحقيقي لروسيا.

نقد لاذع

كان لامي يوجه نقدًا لاذعًا لروسيا، بينما كان نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة يتفحص هاتفه المحمول.

واستطرد الوزير البريطاني قائلاً عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “عار على بوتين شن حرب عدوانية على أوكرانيا. عار على بوتين لاستخدام مرتزقته لنشر الصراع والعنف في أنحاء القارة الأفريقية”.

والأحد أعلنت المملكة المتحدة أنها ستطرح مشروع قرار في مجلس الأمن بشأن السودان، بهدف إزالة العقبات أمام وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة جراء النزاع.

وفي إطار توليها الرئاسة الدورية للمجلس، سيترأس وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي التصويت على المشروع، الذي اقترحته المملكة المتحدة وسيراليون، والذي شمل دعوات لحماية المدنيين.

وقال لامي في بيان نشرته وزارة الخارجية البريطانية إن “الصراع الوحشي في السودان أسفر عن معاناة هائلة”، مؤكدًا أن الشعب السوداني في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية. وأشار إلى أنه لا يمكن تقديم هذه المساعدات دون ضمان الوصول الآمن للمحتاجين، محذرًا من أن المجاعة لا ينبغي أن تُستخدم كسلاح حرب، وأنه لا يمكن إنهاؤها إلا إذا كانت جميع المعابر الحدودية والطرق مفتوحة وآمنة.

إعلان جدة

وبعد نحو ثلاثة أسابيع من اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم منتصف أبريل 2023، نجحت الوساطة السعودية الأميركية في عقد مفاوضات بين الطرفين بمدينة جدة، أسفرت عن التوقيع في 11 مايو 2023 على “إعلان جدة”، الذي نص على الالتزام بحماية المدنيين في السودان وتسهيل العمل الإنساني، والسماح بمرور آمن للمدنيين لمغادرة مناطق النزاع بشكل طوعي إلى الوجهة التي يختارونها.

كما نص على التمييز بين المدنيين والمقاتلين والأعيان المدنية والأهداف العسكرية، مع الامتناع من أي هجوم قد يسبب أضرارًا مدنية مفرطة مقارنة بالميزة العسكرية المتوقعة. وتم التأكيد على اتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة لتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين، مثل عدم استخدام المدنيين كدروع بشرية.

كما تم التأكيد على السماح لجميع المدنيين بمغادرة مناطق الأعمال العدائية والمناطق المحاصرة بشكل طوعي وآمن، والامتناع عن الاستيلاء على المرافق الخاصة والعامة، مثل المستشفيات ومنشآت المياه والكهرباء، وحمايتها من الاستخدام العسكري.

وشمل الاتفاق أيضًا الامتناع عن تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية، والامتناع من عمليات الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي للمدنيين. وأكد السماح باستئناف العمليات الإنسانية الأساسية وحماية العاملين في هذا المجال.

كما تم إعطاء الأولوية للمناقشات بهدف تحقيق وقف إطلاق نار مؤقت لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية الطارئة واستعادة الخدمات الأساسية، مع جدولة مناقشات لاحقة لوقف دائم للأعمال العدائية.

تصاعد اعمدة الدخان جراء عمليات عسكرية في الخرطوم – ارشيف

كما أكد الإعلان أن الالتزام به لن يؤثر في الوضع القانوني أو الأمني أو السياسي للأطراف الموقعة عليه، ولن يرتبط بالانخراط في أي عملية سياسية.

ومنذ 15 أبريل 2023، يشهد السودان حربًا دامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بعد أن اندلع القتال في العاصمة الخرطوم، ليأخذ الصراع أبعادًا إقليمية تمتد إلى مناطق واسعة من دارفور وكردفان والجزيرة وسنار.

هذا النزاع العسكري العنيف، الذي بدأ نتيجة توترات بين الطرفين على خلفية صراع السلطة، أسفر عن سقوط الآلاف من القتلى والجرحى، فيما نزح مئات الآلاف من المدنيين داخل السودان وخارجه.

كما أن القتال، الذي استخدمت فيه كافة أنواع الأسلحة بما في ذلك الطيران الحربي، دمر البنية التحتية في العديد من المناطق، خاصة في مدن دارفور، مما فاقم الأوضاع الإنسانية.

 كما أدت الهجمات المتواصلة على المنشآت المدنية مثل المستشفيات، والمرافق الأساسية مثل المياه والكهرباء، إلى تفاقم الأزمات الحياتية اليومية للمواطنين، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء.

وأفاد تقرير صدر عن المعهد الهولندي للعلاقات الدولية بأن السودان يواجه أسوأ مجاعة شهدها العالم منذ أربعين عامًا، محذرًا من أن نحو 10 ملايين سوداني مهددون بالموت بحلول عام 2027 إذا استمرت الحرب الحالية دون توقف.

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *