اتفاق المسارات الانسانية للمنطقتين يشعل خلافات أجنحة الحركة الشعبية
جددت الاتفاقية الإطارية التي وقعتها الحركة الشعبية جناح مالك عقار والحكومة الانتقالية بشأن المسارات الانسانية لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق، الخلافات بين جناحي الحركة الشعبية بقيادة كلا من مالك عقار من ناحية وعبدالعزيز الحلو من ناحية أخري.
وكان الطرفان انقسما عن بعضهما منذ أكثر من عامين، سيطر بعدها الحلو علي كافة المناطق المحررة في جبال النوبة وبعض المناطق في النيل الأزرق، بينما احتفظ فصيل عقار ببعض المناطق في النيل الازرق.
وفيما يتمسك جناح عقار الذي وقع على الاتفاق باهميته ودوره في ايصال المساعدات للمحتاجين، يدحض فصيل الحلو الامر برمته ويري فيه محاولة التفاف من جانب فصيل عقار ووفد الحكومة، مشيرا الى ان الاتفاق الإنساني وقع مع فصيل لا وجود له على الارض الامر الذي سيقود إلى الفشل لا محال.
ويعاني المواطنون في مناطق سيطرة الحركة الشعبية في جبال النوبة والنيل الازرق من أوضاع انسانية متدهورة منذ ثمانية سنوات عندما نشبت الحرب في المنطقتين بين الحركة الشعبية وحكومة المخلوع عمر البشير.
وزار برنامج الغذاء العالمي هذا العام منطقتي جبال النوبة والنيل الازرق لأول مرة منذ ثمانية سنوات، الأمر الذي يعده كثيرون بداية لدخول الوكالة الاممية للمنطقتين لتقديم الغذاء للمواطنين.
في غضون ذلك أعلنت الوساطة تعليق المحادثات في مسار مفاوضات الحركة الشعبية جناح الحلو والحكومة لمدة أسبوعين بطلب من وفد الحركة عقب فشل الطرفين في التوصل لاتفاق بشأن علمانية الدولة التي يصمم عليها وفد الحلو.
اتفاق اطاري
وقعت الجبهة الثورية مجموعة مالك عقار اتفاقية تقديم المساعدات الإنسانية ووقف العدائيات من أجل تسريع الوصول لاتفاق يجلب الأمن والسلام ويعزز استقرار السودان و المنطقة برمتها، كما يرى نائب الأمين العام للجبهة الثورية ياسر عرمان.
ورغم وجود بعض المجموعات الأخرى خارج هذا الاتفاق، الا ان عرمان يتمسك بانه ليس اتفاقا خاصا بفصيله فقط وانما اتفاقا اطاريا لتوصيل الإغاثة للمنطقتين النيل الأزرق و جزء من جبال النوبة، على حد قوله.
وأوضح عرمان في حديث ل (عاين) في جوبا ان “هذا الاتفاق يأتي تماشيا مع روح التوافق التي تسود عملية المباحثات بين شركاء العملية السياسية في السودان”، مضيفاً: أنه تم طرح مسودة الاتفاق الاطاري الذي تقدمت به الجبهة الثورية وتسعى عبره الى طرح رؤيتها نحو مجمل القضايا المهمة على رأسها الوحدة في ظل التنوع. سعيا الى تحقيق رؤية السودان الجديد الذي يعالج مشكلات السودان ولهذا تسمح الاتفاقية لتمرير المساعدات الإنسانية ووقف العدائيات من الأطراف الموقعة علي الاتفاقية الإطارية.
كما أكد “عرمان” انهم بدأوا في تكوين الآليات وقاموا بتسمية ممثلي الجبهة الثورية للوسيط للعمل في انتظار أن يسمي الطرف الحكومي ممثليه للعمل ضمن آلية مراقبة وقف العدائيات، ثلاثة بكادقلي جنوب كردفان وثلاثة بالنيل الازرق وثلاثة بالخرطوم وننتظر رد الوسيط وبدء الآلية عملها بحسب جدول تنفيذ الاتفاق، ومن هنا نقدم الدعوة للطرف الآخر، للحركة الشعبية فصيل بقيادة عبد العزيز الحلو للعمل سويا حيث تجمعنا حركة واحدة ومصالح المنطقتين ويجمعنا السودان ولا سبيل للإقصاء أو العمل منفردا ولابد من التنسيق من اجل احلال السلام.
وجود على الأرض
ولكن الحركة الشعبية قيادة الحلو رفضت دعوة عرمان كما رفضت الاتفاق برمته باعتبار أن قيادة عقار ليست لها أراضي مسيطرة عليها في الواقع على الأرض. واكتفى سكرتيرها العام عمار امون بالقول لـ(عاين) ” معروف من له اراضى يسيطر عليها ليدخل الاغاثة وما تم لا شأن لنا به يخص الأطراف الموقعة” وكانت الحركة الشعبية قيادة الحلو قد استبقت الاتفاق بين الحكومة السودانية الانتقالية الحركة قيادة عقار بتنظيم استقبال رسمي لعبد العزيز في منطقة يابوس مقر رئاستها وهي الزيارة الاولى المعلنة للحلو منذ انقسام الحركة الشعبية في 2017. واستقبل الحلو بنفسه المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي ديفيد بريسلي لدى زيارته يابوس الأسبوع الماضي. ولدي مخاطبته احتفال استقباله في يابوس أكد الحلو قبوله الاتفاق من حيث المبدأ لكنه اشار الى ان ضمان تنفيذه ان يأتي عبر حركته لأنها التي تمتلك أراض و لها وجود على الأرض في مناطق النزاعات في المنطقتين.
من جانبها التزمت بقية مكونات الجبهة الثورية الصمت حيال الاتفاق الموقع بين الحكومة الانتقالية والحركة قيادة عقار وحاولت (عاين) الحديث إلى رئيس الجبهة الثورية الهادي ادريس الذي أكتفي بقوله ” هذا مسار يخص الموقعين عليه”
تفاؤل حذر
من جهته ظل الشارع السوداني المقيم بجوبا في حالة ترقب وحذر لسير المفاوضات، خاصة اولئك الذين شردتهم الحرب بمناطقها الثلاث، ويقول المواطن إسماعيل قادم نأمل أن تسارع الأطراف لتوقيع اتفاقية سلام شامل وعادل يرد المظالم ويساعد على عودة النازحين واللاجئين، لأن الأوضاع حرجة ونترقب السلام بلهف. ومضى في ذات الاتجاه الحرفي يوسف ادم اللاجئ بجنوب السودان منذ بدء الحرب في 2011 “نحن كسودانيين نحتاج لبناء سودان جديد يتجاوز مشكلات الماضي و يؤسس لدولة تحترم التنوع وتحسم جدل الهوية” وأضاف حتى ولو عبر استفتاء عام هل السودان بلد عربي ام افريقي وبعدها نتوحد كسودانين من اجل السلام و الإعمار و التنمية لأن البنية التحتية لا تبنى الا في ظل سلام واستقرار. السودان غني بموارده الطبيعية ينقصنا دولة قوية يحكمها القانون و دستور دائم يتيح الفرصة أقاليم السودان المختلفة ان تتعاقب على سدة الحكم دون تمييز او اقصاء.
العلمانية
في الأثناء أعلنت لجنة الوساطة الخميس الماضي عن رفع المفاوضات لمدة أسبوعين بناء على طلب من وفد الحركة الشعبية.
وقال المتحدث باسم الحركة الشعبية الجاك محمود في بيان تلقت (عاين) نسخة منه ان تعليق المفاوضات جاء بغرض إجراء مشاورات واسعة مع المؤسسات القاعدية علي خلفية تعثر المحادثات وجمودها بسبب تباعد المواقف بين الطرفين حول علمانية الدولة وحق تقرير المصير، الأمر الذي حال دون توقيع إعلان المبادئ.
وأكد البيان أن وفد الحركة الشعبية تقدم في الجلسة الأخيرة من المحادثات بمقترح فصل الدين عن الدولة مع حق إقليمي جبال النوبة والنيل الأزرق في ممارسة تقرير المصير لتحديد مستقبلهما السياسي بما في ذلك الإستقلال التام عبر إستفتاء شعبي، وذلك في مقابل رفض وفد الحكومة الإنتقالية النص على العلمانية صراحة.
واحتضنت حاضرة جنوب السودان جوبا من العاشر من الشهر الجاري جولة المباحثات الثانية للأطراف السودانية متمثلة في الحكومة الإنتقالية و التي يترأسها وفدها المفاوض الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، يرافقه عدد من أعضاء مجلس السيادي من المدنيين و العسكريين بجانب بعض الوزراء من جهة و من جهة أخرى نجد تحالف الجبهة الثورية أحد أكبر المجموعات المفاوضة حيث تضم تحت مظلتها تسعة حركات مسلحة وأحزاب سياسية ومجموعات مطلبية، بالإضافة للحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو، وتتولى لجنة وساطة جنوب سودانية يترأسها مستشار رئيس جمهورية جنوب السودان للشئون الأمنية الجنرال توت قلواك ، ولم يمضي على انطلاقة الجولة من المباحثات أكثر من أسبوع حتى احرزت المباحثات تفاهمات و تقدم في بعض مسارات التفاوض تمثلت في تمديد تفويض جوبا لرعاية التفاوض حتى منتصف شهر فبراير القادم و هذا التمديد أملته ظروف التأجيل الذي سبق انطلاقة هذه الجولة، وبعد ذلك استطاعت الجبهة الثورية كأحدى القوى المتفاوضة مع الحكومة الاتفاق على جملة من الملفات على رأسها تقديم المساعدات الانسانية ووقف العدائيات.