كيف حولت الدعم السريع (توتي) إلى “معتقل كبير”؟

عاين – 19 سبتمبر 2024  

بعد أكثر من 500 يوم تحت الحصار، استطاع منتصر ياسين الخروج من جزيرة توتي في العاصمة السودانية الخرطوم، ليروي فصلاً من انتهاكات واسعة تمارسها قوات الدعم السريع على السكان العالقين في الجزيرة.

وتحولت توتي بحسب منتصر وناجين آخرين، إلى سِجْنُ كبير، يمنع السكان العالقين من مغادرتها إلا بعد دفع مبالغ مالية لمنسوبي قوات الدعم السريع، بينما خصصوا المنازل التي احتلوها معتقلات يحتجزون فيها المدنيين بشكل تعسفي.

ويصاحب هذه الانتهاكات أعمال نهب واسعة لممتلكات المواطنين، مع فرض إتاوات على بائعي الخضروات والبضائع، ورسوم على الراغبين في الخروج من نيران الحرب في جزيرة توتي.

وسيطرت قوات الدعم السريع على جزيرة توتي في ملتقى النيلين في العاصمة السودانية الخرطوم، في مايو من العام 2023م، وفرضت حصار كامل على السكان بعد إغلاق الجسر الوحيد المؤدي إلى الجزيرة، مما خلف أوضاع إنسانية كارثية، تمثلت في نقص الغذاء والخدمات العلاجية.

وكان تقرير أعدته (عاين) مؤخراً وثق إلى وفاة أكثر من 100 شخص في جزيرة توتي خلال خمسة أشهر؛ بسبب عدم حصولهم على الرعاية الطبية، نظراً لانعدام الأدوية، وإغلاق كافة المؤسسات الطبية، وتبقى مركز واحد فقط يفتقد لأبسط مقومات الرعاية.

اغتيالات منظمة

يروي منتصر ياسين في مقابلة مع (عاين) أن قوات الدعم السريع تمارس عملية اغتيالات منظمة في جزيرة توتي، خاصة للذين يحاولون التحرك والخروج إلى مناطق أخرى، حيث قتل ثلاثة مواطنين مؤخراً حاولوا المغادرة.

وشدد أن قوات الدعم السريع نصبت ارتكازات واسعة، وتعزل الخرطوم من جزيرة توتي، كما تم إغلاق كامل المحال التجارية في المنطقة، ونفاد المواد الغذائية.

ويضيف: “يسعى سكان توتي إلى مغادرتها عبر القوارب نحو بحري، لكن ارتكازات قوات الدعم السريع تفرض رسوم الخروج، مع انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان”.

وتمارس قوات الدعم السريع نهباً للسيارات الخاصة، وتهديدا للمواطنين وابتزازهم، بجانب سرقة المنازل التي غادرها أصحابها بالتعاون مع شباب بالمنطقة، مما جعل الجميع يفكر في الخروج من الجزيرة.

تقع جزيرة توتي في قلب العاصمة السودانية عند ملتقى النيلين (الأزرق والأبيض) وتحيطها المياه من كل جانب، وتبلغ مساحتها 990 كلم، ويسكنها حوالي 20 ألف نسمة، ونتيجة الحرب نزح معظم مواطنيها.

وشدد منتصر ياسين، على أن قوات الدعم السريع تفرض إتاوات على المواطنين وتجار الخضر، مما دفع الجميع إلى مغادرة المنطقة، التي تحولت إلى ثكنة عسكرية.

ونتيجة للانتهاكات الجسيمة حزم منتصر حقائبه، وغادر جزيرة توتي، تاركا خلفه عدد من المواطنين المضطرين على البقاء، تحت ظروف إنسانية بالغة السوء، وازداد الوضع تدهورا بعد أن استعاد الجيش السيطرة على جزيرة توتي؛ إذ دخل عناصر الدعم السريع إلى الجزيرة، وارتفعت وتيرة الانتهاكات.

نهب الأموال

من جانبه، يقول عبد القادر عثمان وهو مواطن تمكن من مغادرة جزيرة توتي في مقابلة مع (عاين)، إن انتهاكات الدعم السريع وصلت حتى إلى نهب المنصرفات المالية التي ترسل إلى السكان العالقين في الجزيرة، ويساعدهم على ذلك متعاونون ومرشدون من المنطقة.

وشدد أنه دفع مبالغ مالية إلى قوات الدعم السريع للسماح له بمغادرة الجزيرة، وتمكن من الوصول إلى أمدرمان بعد مغامرة ورحلة شاقة، أنفق خلالها مبالغ طائلة.

ويضيف: “في ظل وجود المخاطر في توتي، يتلقى المواطنين تحويلات النقود بصورة سرية، وبعد استمرار المعاناة، قرر الخروج، بسبب القصف المستمر، واتجه مع أطفاله، وزوجته الحامل إلى أم درمان السلاح الطبي، ومن ثم إلى الولاية الشمالية”.

وتابع: “أثناء مغادرتنا قابلتنا مجموعة من قوات الدعم السريع، وطلبوا منا جمع أموال تحت الترهيب، والضرب، والإهانة من دون تمييز بين النساء وكبار السن”.

وتفاقمت وتيرة الانتهاكات في جزيرة توتي بعد انسحاب مجموعة الدعم السريع التي كانت في الإذاعة، إلى توتي إذ انتشرت السرقات والاعتقالات التعسفية، فهناك معتقلون منذ وقت بعدين لم يعرف مصيرهم، بينما مات 6 أفراد دخلات معتقلات الدعم السريع في الجزيرة، بحسب منتصر ياسين.