جواز السفر السوداني.. بحث شاق عن وثيقة النجاة
3 يناير 2024
حاصرت الحرب لأشهر عدة (اسحق علي) مع أسرته المكونة من زوجته وأطفالهم بمدينة أم درمان غربي العاصمة السودانية، ووجد “علي” نفسه مضطرا للبقاء وسط المعارك بعدما علم أن وزارة الداخلية تنوي إعادة افتتاح مركز استخراج الجوازات بمحلية كرري، حتى يتمكن من استخراج جوازات سفر إلى أبنائه.
وبالرغم أنه لا يملك القدرة المالية ليُسافروا خارج السودان، لكنه يرى من الضروري أن يكون لكل فرد جواز سفر ساري المفعول تحسباً لأي طارئ.
دفع علي (٤٥٢) ألف جنيه سوداني ـ ما يعادل حوالي ٥٢٠ دولاراً) ليتحصل أبناؤه الخمسة على جوازات سفر، وقال إنه استدان نصف المبلغ لتغطية هذه التكلفة.
ومع عودة عمل وزارة الداخلية في عدد من الولايات الآمنة ارتفعت رسوم سعر استخراج الجواز الواحد إلى ثلاثة أضعاف سعره في فترة ما قبل الحرب، إلا أن كثيراً من الأسر السودانية قد أنفقت كل مدخراتها في سبيل استخراج جوازات السفر.
استئناف ثم توقف
في مؤتمر صحفي خلال أغسطس الماضي، أعلن وزير الداخلية المكلف الفريق شرطة حقوقي، خالد حسان، استئناف استخراج الجواز الإلكتروني في تسع ولايات وهي: نهر النيل، سنار، النيل الأبيض، الشمالية، كسلا، القضارف، البحر الأحمر، بالإضافة لولايتي النيل الأزرق والجزيرة.
لكن خرجت بعض هذه المراكز عن الخدمة؛ بسبب تمدد الحرب ووصولها إلى الولايات التي كانت تشهد أماناً نسبياً منذ اندلاع الصراع، ووصول قوات الدعم السريع إلى أجزاء واسعة من ولايات الوسط مثل ولاية الجزيرة التي تسيطر عليها، وحدود ولايتي سنار والنيل الأبيض ما أثر سلباً على سير عمليات السجل المدني واستخراج جوازات السفر.
وكان المدير العام لقوات الشرطة ـ وزير الداخلية المكلف، الفريق شرطة خالد حسان، قد أكد أنه تمت استعادة بيانات السجل المدني وأنظمة المرور كاملة بعد تأثر مراكز السجل المدني بأحداث الحرب وتعرضها للتخريب.
رسوم تعجيزية
يشير المواطن، نزار بشير لـ (عاين) إلى أنه كان يمتلك جوازاً مدته خمس سنوات، وبعد اندلاع الحرب فقد جوازه مع مستندات أخرى في بيته بالخرطوم، فوجد نفسه مضطراً لاستخراج جواز جديد. يقول:” بعد استئناف استخراج الجوازات تفاجأت بأنه ليس هنالك ما يسمى ببدل الفاقد لمعالجة مشكلة الجوازات المفقودة والتالفة، وإنما جميع عمليات الاستخراج تتم مرة أخرى وبنفس رسوم الاستخراج الجديد “.
وأعقب إعلان رسوم الجوازات استياءً كبيراً وسط المواطنين الذين وصفوا الرسوم بأنها باهظة، حيث قررت السلطات أن رسوم استخراج الجواز للبالغين تبلغ ١٥٠ ألف جنيه، و٧٥ ألفاً للأطفال. في وقت كانت الرسوم فترة ما قبل الحرب تبلغ ٥٠ ألف جنيه سوداني.
يقول نزار، إن “إجراءات استخراج الجواز لم تكن صعبة بالنسبة له، وأكد بأن أكبر صعوبة واجهته هي توفير رسوم الجواز”.
وكان رئيس حكومة الأمر الواقع عبد الفتاح البرهان، وجَّه بتخفيض الرسوم لتُصبح ١٢٠ ألف جنيه للبالغين، و٨٠ ألفاً للأطفال.
وعلى الرغم من قراره الصادر وتوجيهه لكل من وزير المالية والاقتصاد الوطني، والمدير العام لقوات الشرطة المكلف بمهام وزير الخارجية، إلا أن هنالك تبايناً في رسوم الجوازات.
ذكر إسحق علي بأنه دفع مبلغ ٨٥ ألف جنيه لسعر الجواز الواحد للأطفال بمركز كرري، أي بزيادة تبلغ خمسة آلاف جنيه، وأكد أن هنالك اختلافاً في الأسعار قائلاً:” السعر الذي ظهر به معروف وواضح، لكن هنالك اختلاف أسعار بين كل ولاية وأخرى “.
ووفقاً لمؤشر غايد لترتيب جوازات السفر، فإن الجواز السوداني يحتل حالياً المرتبة ٩٣ من حيث القوة، ويتيح لحامليه إمكانية السفر بدون تأشيرة إلى ٤١ وجهة سفر حول العالم.
ويحتاج حملة الجواز السوداني الحصول على تأشيرة مسبقة للسفر إلى ١٨٨ وجهة حول العالم منها الصين وروسيا والولايات المتحدة وجميع دول الاتحاد الأوروبي.
مصاعب وتحديات
بعد أن افتتحت وزارة الداخلية مركزاً للجوازات في محلية كرري بالثورة الحارة ١٧، فإن أعداداً كبرى من المواطنين الذين نزحوا واستقروا في حارات ضاحية الثورة شمال أم درمان، قرروا استخراج جوازات السفر من مركز جوازات كرري.
ووفقاً لشهادات مواطنين بمحلية كرري، فإن عدد الذين يتم تسجيلهم يومياً يقارب اليوم أربعة آلاف جواز، بينما يتم تسجيل مائتي شخص فقط في اليوم.
تقول وجدان الطاهر، وهي ربة منزل تنتظر استلام جوازات أبنائها:” عانينا في الأسبوعين الماضيين من مشاكل الشبكة؛ مما أثر سلباً على سير إجراءات التسجيل والاستخراج، حيث كنا نأتي يومياً دون جدوى“.
وكانت شبكة الإنترنت قد انقطعت خلال ديسمبر لأكثر من عشرة أيام بمحلية كرري، وشهدت أيضاً أجزاء واسعة من البلاد انقطاعا للشبكات عقب الأحداث الأخيرة بولاية الجزيرة.
يواجه المواطنون الآتين لاستخراج جوازاتهم بمركز محلية كرري سقوط قذائف مكثفة حول محيط المركز، مما يهدد حياتهم للمخاطر، خصوصا أنهم يصطحبون أطفالهم معهم لإكمال إجراء التصوير الخاصة باستخراج الجواز.