السودان: صمت رسمي حول لقاء “البرهان ونتنياهو” وتأييد للشارع
عاين –4 فبراير 2020م
تسود حالة من الارتباك الدوائر الرسمية في السودان بعد اللقاء المفاجئ والنادر لرئيس مجلس السيادة في الحكومة الانتقالية، الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مدينة عنتبي الأوغندية أمس الاثنين لساعتين وفقا ما اعلنت وسائل اعلام اسرائيلية نقل عن رئيس الوزراء.
وبعد مرور ساعات على اللقاء وعودة رئيس مجلس السيادة للخرطوم، ما زال الصمت الحكومي يتسيد الموقف في اعاقب الزيارة غير المعلنة، ويزيد غموضها بعد ساعات من نهايتها إعلان مجلس الوزراء السوداني عبر متحدثه الرسمي فيصل محمد صالح، علمه بمهمة رئيس مجلس السيادة في يوغندا بالنظر إلى ما فجرته من اهتمام متعاظم في الأوساط السياسية بالسودان وهل هو موقف متفق عليه بين مجلسي السيادة والوزراء الذين رشحت أنباء عن عقدهما اجتماعات مغلقة منذ صباح اليوم.
حديث الشارع
فور إعلان اللقاء رسمياً عبر وسائل اعلام إسرائيلية ونقلت عنها وكالات انباء دولية، ضج الشارع السوداني بهذا الحدث التاريخي وسط موجة تأييد جارفة من قبل المواطنين السودانيين بجانب رفض مجموعات أخرى للخطوة، ويقول المواطن محمد الامين القرشي، لـ(عاين)، “هذه الخطوة تاخرت كثيرا من واقع أهمية اسرائيل المتصاعدة في المنطقة كقوة اقتصادية وبالتالي قوة عسكرية مؤثرة وتلعب أدوارا خطيرة في المنطقة”.
وتابع القرشي، ” لا يعقل ان نتفرج على الحصار الاقتصادي المضروب على البلاد ويلعم ساستنا الخروج منه لا بد له ان يمر عبر تل ابيب المؤثرة في المنطقة..”، وتابع “نحن في ضائقة معيشية تتطاول صفوف الخبز والوقود واخبار هذه الازمة تملأ الوكالات العالمية التي سمت من قبل ثورتنا صورة خبز وبالمقابل لم نقرأ أزمات ومكابدة عيش في الدولة الفلسطينة المحتلة..علينا ان نتعقل في ادارة امورنا و نراعي مصالح شعبنا”.
فيما يقول المواطن، عثمان السعيد، انه تفاجأ بلقاء رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان رئيس وزراء حكومة “العدو الاسرائيلي”، اشار الى انه لن يرض ان يضع السودانيين يدهم على يد دولة مغتصبة لأرض فلسطين. وقال لـ(عاين)، “اخطأ البرهان التقدير في هذا الوقت ولا يمكن لاجل وعود امريكية برفع العقوبات او غيرها ان نبيع مبادئنا”.
وعلى الرغم من اجتماع الساعتين في عنتبي بين البرهان ونتنياهو، لم تتضح أجندته كلياً، ألا ان موضوع رفع العقوبات الامريكية على السودان كان محوره الأساسي، لاسيما وان واشنطون هي اللاعب الأبرز في ترتيبه، وقال بيان لديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي: “يؤمن رئيس الوزراء نتنياهو بأن السودان تسير في اتجاه جديد وإيجابي وعبر عن رأيه هذا في محادثاته مع وزير الخارجية الأميركي بومبيو. ويريد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان مساعدة دولته على تجديد مسيرتها نحو الحداثة وذلك من خلال إخراجها من العزلة ووضعها على خريطة العالم”. ووفقا لما تناقلته وكالات أنباء، ان البرهان ونتنياهو ، اتفقا في اللقاء على إطلاق تعاون يتوقع ان يؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلدين في نهاية المطاف.
اتفاق اليمين واليسار
وفي الخرطوم سارعت احزاب يمينية ويسارية لرفض الخطوة وعدتها هينة للقضية الفلسطينية، وقال الحزب الشيوعي السوداني، في تسجيل صوتي للناطق باسمه فتحي فضل، إن “اجتماع نتنياهو والبرهان يأتي كدليل واضح لموقف لا يمت بصلة للعلاقات النضالية التي تربط بين الشعبين السوداني والفلسطيني” واشار الى ان حزبه، يعتبر اللقاء طعنة وخيانة لتقاليد ونضالات شعبنا ضد الإمبريالية والصهيونية، وقال “وموقفنا الواضح من نضال الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين ومقبول تكتيكا حل الدولتين”.
واشار الحزب، الى ان هذه القضية تقود إلى السؤال الجوهري في من يحكم السودان، بين المكون المدني والعسكري، لجهة التصريحات المرتبكة لمجلس الوزراء من القضية، وقال فضل ” يجب ان تعلن الحكومة موقفا واضحا من القضية الفلسطينية عبر وزارة خارجيتها”.
من جهته، قال الحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري، في بيان، إن “لقاء البرهان بعراب تحالف الصهيونية والليبرالية الجديدة نتنياهو، سقطة وطنية وأخلاقية، وخطأ إستراتيجي، وانتهاك دستوري، وهدم لثوابت السودان في الوقوف مع الحق السليب”. واشار الى انه لا فائدة مرجوة من هذا اللقاء للشعب السوداني غير الانخراط مع ذيول التبعية والعمالة في المنطقة العربية وإفريقيا”. في الاثناء أعلن حزب المؤتمر الشعبي- ذو التوجه الاسلامي، رفضه للقاء، واعتبره“صادما” للموقف الشعبي المساند للشعب الفلسطيني، و”طعنة” للقضية الفلسطينية و”تلطيخا” لسمعة السودان.
قرار يتطلب استفتاء
من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، محمد عبده مختار، ان الحكومة السودانية في وضع حرج بالنظرة الواقعية للمصالح بين الدول، وان وجود السودان على بعد خطوات من التقارب مع اسرائيل يصب في مصلحة البلاد لان الطريق الى قلب امريكا يمر عبر اسرائيل، ومعلوم ان السودان يقبع تحت طائلة عقوبات أمريكية ممتدة لسنوات وضعته في عزلة اقتصادية وسياسية قاسية.
وبالمقابل، يقول مختار لـ(عاين)، ان المبدأ من القضية الفلسطينية والذي يسانده الشارع السودان يطلب مزيدا من التريث في اتخاذ مثل قار التطبيع الكامل مع اسرائيل لجهة ان هذه القرار الذي وصفه “بالكبير” يجب ان يمر على استفتاء على الأقل في غياب الهيئة التشريعية في البلاد، وليس كافيا اتخاذ لك في المجلس التشريعي الذي أقرته الوثيقة الدستورية.