إنتقال متعثر: ما هي مطالب الشباب بعد عامين من الثورة؟
30 يونيو 2021
في ظل انتقال متعثَر، ووضع سياسيَ مضطرب، تعمل المكونات الثورية على دعم الانتقال عبر مراقبة يومية للأوضاع، ولا شك أن العمود الفقري لهذه المكونات الثورية هم فئة الشباب، فالناظر لتاريخ ثورة ديسمبر يجد أن القوام الأساسي للتظاهرات والاعتصامات التي أطاحت بنظام الثلاثين من يونيو كانت من فئة الشباب.
بينما نرى اليوم، وبعد مرور قرابة العامين من تشكيل الحكومة التي أتت تحت قيادة غطاء الثورة السياسي ـ قوى إعلان الحرية والتغيير، نجد أن واضاع الشباب ما زالت في معاناة كبيرة، وهم يمثلون الجزء الأكبر من السودانيين، إلا أنهم لا يستطيعون الوصول لمراكز اتخاذ القرار.
قامت “عاين” باستطلاع آراء الشباب حول الثلاثين من يونيو، وعن مطالبهم بعد مرور قرابة العامين على تكوين حكومة جاءت عقب ثورة شعبية واسعة أطاحت بواحدة من أعتى دكتاتوريات العصر الحديث.
نظرات مختلفة للتغيير
قال الشاب أكرم الدومة، من مدينة ربك، العضو السابق في تنسيقية لجان مقاومة ربك ومقرر سابق للجنة الإعلامية، أن التغيير يعني الانتقال من حالة “اللادولة” أي الوضع اللامؤسسي، إلى حالة “الدولة” أي وضع المؤسسات الفاعلة، ويضيف الدومة أن هذا التغيير المنشود لا يتأتى في ليلة وضحاها، بل يحتاج لبذل الكثير.
من جانبها أضافت الشابة وئام أحمد، والتي عاشت معظم حياتها في منطقة نيالا، أن التغيير يعني لها التحول من وضع إلى آخر سواء كان الوضع الجديد جيداً أم سيئا، مع أننا نطمح للتغيير نحو الأفضل دائماً.
بينما يعتقد الشاب محمد سلمان، المدافع عن حقوق ذوي الإعاقة، أن التغيير يجب أن يأتي عبر توافق كبير ومشاركة واسعة، من أجل الوصول لرؤية مشتركة ليتم تنفيذها على أرض الواقع من أجل الوصول للهدف المرجو.
فيما كشفت الشابة يُسرا المبشر، العضو المؤسس للمنبر النسوي ـ كسلا، ان التغيير يعني تحقيق العدالة الاجتماعية وأن يتمتع المواطنين بحقوقهم كاملة، وذلك عبر فصل السلطات الثلاثة، للوصول إلى دولة مدنية مرجعية تشريعاتها يجب أن تكون علمانية، وأن تكون المؤسسات الحزبية والمدنية ذات تواجه ديمقراطية.
“الحكومة الانتقالية بطيئة في استكمال هياكل الانتقال، من مفوضية السلام، المؤتمر الدستوري، مؤتمر نظام الحكم، في حين أن هذه هي اللبنات الأساسية لخلق الدولة المرجوة“. |
وأضاف الشاب حسام أبو الفتح، العضو بتحالف الحرية والتغيير: عبر حزب المؤتمر السوداني، أن التغيير يختلف بحسب وجهة نظر كل شخص للتغير، فمثلاً يُعتبر التغيير لضحايا الحرب الانتقال من الحرب للسلام، ويعتبر التغيير بالنسبة للنساء الانتقال من السلطة الذكورية إلى سلطة تحفظ كرامة النساء، ولكن باختصار يمكن أن نقول أن التغيير هو زوال سودان الماضي وقيام دولة تحمل أجندة المستقبل، وقيم الكرامة الإنسانية والحرية للسودانيين ، إضافة إلى العدالة لكل ضحايا الإنقاذ.
30 يونيو: نحو استكمال هياكل الإنتقال:
وعن مطالب موكب الثلاثين من يونيو، يعتقد الدومة أنه في ظل هذا الاضطراب السياسي: فإن مبادرة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك تعتبر منطقية في هذا الوقت، واذا تم تنفيذها بصورة فعلية: فيمكن أن نمضي في الطريق الصحيح، وبصورة عامة فان مطالب الثلاثين من يونيو يجب أن تتمحور حول بناء الدولة، ابتداءً من بناء حكم محلي قوي، وحتى تأسيس قانون انتخابات ملائم وتأسيس الدستور، إلى تبني خطاب العدالة الاجتماعية، ويعتقد أن الدعوات لإسقاط النظام لن يكون مفيد في هذا الوقت، وانا اختلف معهم بسبب امكانية الاستفادة من هامش الحريات الموجودة حالياً في بناء وتقوية الأجسام القاعدية.
وتؤيد وئام بعض المطالب من إصلاح مؤسسات الدولة، وتعتقد أن ما حدث بعد تشكيل الحكومة هو عكس ما كان يتوقعه الشباب، فالوضع الحالي مرتهن لمصالح حزبية بعينها، ومصالح فردية، بالاضافة للتدهور الأمني والاقتصادي بشكل عام.
“يجب مشاركة ذوي الإعاقة في كافة هياكل الحكم الإنتقالي، وتعزيز مبدأ التمييز الإيجابي على أساس الإعاقة ومناصرة مبدأ تكافؤ الفرص في جميع قوانين وسياسات الدولة، مراجعة جميع القوانين الوطنية لتتوافق مع العهود والمواثيق الدولية فيما يخص الأشخاص ذوي الإعاقة“
محمد سلمان، مدافع عن حقوق ذوي الإعاقة |
فيما قسم محمد سلمان مطالبه في جزئين: القوانين والسياسات، والخدمات. وبخصوص القوانين والسياسات يطالب محمد سلمان بمشاركة ذوي الإعاقة في كافة هياكل الحكم الإنتقالي، وتعزيز مبدأ التمييز الإيجابي على أساس الإعاقة ومناصرة مبدأ تكافؤ الفرص في جميع قوانين وسياسات الدولة، مراجعة جميع القوانين الوطنية لتتوافق مع العهود والمواثيق الدولية فيما يخص الأشخاص ذوي الإعاقة، إدماج حقوق ذوي الإعاقة في جميع السياسات والخطط التنموية والميزانيات العامة للفترة الإنتقالية، كما طالب بحل جميع مجالس واتحادات ذوي الإعاقة وتكوين لجان تمهيدية جديدة على أسس الديمقراطية والشفافية.
وفيما يخص بند الخدمات، قال سلمان إن المطالب هي تقنين وتأمين والعمل على الوقاية من كافة أنواع الإعاقات عن طريق الكشف والتدخل المبكر، توفير وتقنين الرعاية الصحية التعزيزية والتاهيلية والعلاجية وكل المعينات الطبية لكل نوع إعاقة، وبدعم كامل من الدولة.أضاف سلمان أنه يجب أن يتمتع الأطفال ذوي الإعاقة بكامل حقوقهم قانونياً وتلقي الخدمات فيما يتناسب مع إعاقتهم، و الزامية وتحفيز مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل، والتأمين على دور الدولة في تقديم الدعم المباشر وغير المباشر لذوي الإعاقة.
فيما قالت يسرا المبشر أن مطالب الثلاثين من يونيو هي أن يتم تشكيل المجلس التشريعي عاجلاً، وتكوين كل المفوضيات المذكورة في وثيقة الانتقال. فيما دعم حسام ابو الفتح توجيه مواكب الثلاثين من يونيو لدعم مسار الانتقال، لأنه يراه تحول من ذكرى كابوس ليل الإنقاذ إلى بزوغ الديمقراطية وانجلاء الديكتاتورية، كما يؤكد على تنفيذ شعارات الثورة واستكمال هياكل السلطة ودفع ملف العدالة للأمام.
احلام شباب السودان في الإنتظار:
قال الدومة أنه لم يكون يعول على مكاسب شخصية من الثورة، ولكن الطبيعي أن تكون الدولة دولة رفاه اجتماعي بحيث يستطيع كل مواطن الوصول لجميع الخدمات الأساسية من تعليم، صحة وخدمات اخرى، ولكن هذا لم يحدث أبداً، وبدلاً من أن تُدار الدولة بكفاءة، تحولت لمحاصصات حزبية، وهذا أمر واضح في الولايات المختلفة، وهذا لا يشبه الثورة وتضحيات الشباب.
كما أضاف الدومة ان الحكومة الانتقالية بطيئة في استكمال هياكل الانتقال، من مفوضية السلام، المؤتمر الدستوري، مؤتمر نظام الحكم، في حين أن هذه هي اللبنات الأساسية لخلق الدولة المرجوة.
“إن بطء عجلة التغيير يثقل كاهل الناشطين، وبالنسبة لكسلا يوجد فراغ سياسي، أذ لم يتم تعيين والي حتى الآن، كما لم تزاول لجنة ازالة التمكين عملها، و هذا يمكن رؤيته باعتبار ان ملف العدالة معطلة“.
يُسرا المبشر، عضو المنبر النسوي ـ كسلا |
وئام ان الذي تحقق هو رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والمضي قدماً في إعفاء الديون الخارجية وتطور العلاقات مع المجتمع الدولي، وإلغاء بعض القوانين المقيدة للحريات، بالإضافة لارتقاء السودانيين في المطالبة بحقوقهم. وأشار سلمان أنه إذا ما قارنا الواقع الحالي بالتوقعات التي كانت في الحسبان فإنه لم يتحقق أي شي بالنسبة له على كل الأصعدة ، بالاضافة لأن ملف قضية ذوي الإعاقة خارج تفكير حكومة “الثورة”.
فيما ترى الشابة يُسرا أن هذا السلام لا يُعدو أن يكون أكثر من حبر على ورق، وترى أن البطء الحكومي يتسيد المشهد، كما تعتقد إن التحفظ على مواد اساسية في اتفاقية سيداو يعتبر اشكالاً كبيراً، أضافة الى الاستهتاراً من قبل الحكومة والسياسيين بحقوق النساء، كما تلحظ أن هنالك ضعف في توفير الأمن والتعامل مع الصراعات في الشرق.
وتضيف يسرا إن بطء عجلة التغيير يثقل كاهل الناشطين، وبالنسبة لكسلا يوجد فراغ سياسي، أذ لم يتم تعيين والي حتى الآن، كما لم تزاول لجنة ازالة التمكين عملها أيضاً، و هذا يمكن رؤيته باعتبار ان ملف العدالة معطلة.
كما تقول يُسرا أن الحكومة تتعامل في ملف السلام مع منطقة الشرق بارتجال، وبهذا فهي لا تجد أي شعار من شعارات الثورة قد تحقق ولا حتى في طور التحقُق، فتقول في 15 أكتوبر قُتل شباب برصاص نظاميين في مدينة كسلا اثناء احتجاج سلميَ، كما مُنع اطفال ذوي إعاقة من الجلوس لامتحانات الشهادة هذا العام، ما يهمني هو الانتصار للحقوق، لفاعلية المؤسسات وديمقراطيتها، وهو الأمر الذي لم يحدث بعد.
من جانبه يعتقد أبوالفتح ان الحكومة نجحت في ارجاع السودان لموقعه الطبيعي بين الدول، بالاضافة لأنها تمكنت من تحقيق السلام مع بقية شركاء السلام، ولكن يعتقد ان ملف العدالة يسير ببطء، فيما يرى أن الانتقال معقد وطويل والخروج من هذا الوضع يستلزم العمل من أجل المستقبل.