حجير تونو ودوانة مناطق لم تجف فيها الدماء

 عاين –13 ابريل 2020

بالرغم من الهدوء الذي بدا أنه يخيم على مناطق الحرب في غرب السودان، إلا أن بعض المناطق في جنوب دارفور ما زالت تعاني من ويلات الحرب وتخسر قراها عدد من مواطنيها وسكانها، حيث توالت الأحداث المؤسفة في جنوب دارفور بمحلية بليل منطقتي حجير تونو ودوانة اللتان تبعدان حوالي 33 كيلو مترا من نيالا، حيث قتل في 8 مارس الماضي حوالي 10 أشخاص بينما حرقت عشرات المنازل على خلفية صراع بين المزارعين من سكان منطقة حجير تونو والرحل القريبين من المنطقة.

حجير تونو ودوانة مناطق لم تجف فيها الدماء

تفاصيل الحكاية

وتعود تفاصيل الحادثة إلى احتكاك بين أحد المزارعين ويدعى عبد الله، في إحدى الغابات المجاورة حيث ذهب لقطع بعض الأشجار، إلأ أن قابله أحد الرعاة ومنعه من قطع الأشجار، واندلع شجار بينهما انتهى بطعن عبد الله للراعي بسكينه ومن ثم تسليم نفسه للشرطة، وقام بعدها أهالي القتيل بجمع أسلحتهم والهجوم على قريتي دوانة وحجير تونو وقتل عدد من الأشخاص وحرق المنازل، في حادثة شنيعة شهدت فقدان الأمن في المنطقة في غياب الدور الرسمي للسطات الأمنية، وحسب إفادات صحفية لشهود عيان، فإنه لا زال هنالك بعض المفقودين الذين اختطفهم الرعاة.

تهديدات العودة

وتعتبر منطقة حجير تونو من المناطق القليلة التي تمت فيها العودة الطوعية للقرى الأصلية بعد استيطان بعض المجموعات الرعوية للقرى القريبة منها. وبهذا الصدد يقول منسق لجان المقاومة بمنطقتي حجير تونو ودوانة عبد المنعم إبراهيم لـ(عاين)، إن المواطنين النازحين عادوا للمنطقة في نفس عام 2014 الذي نزحوا فيه منها، واشتكى من الإهمال الذي يعانيه المواطنين العائدين من نقص الخدمات وعدم توفير الأمن، وحمل السلطات الحكومية المحلية المسؤولية في ذلك.

وأشار إلى المضايقات التي ظل يلاقيها المواطنون الأصليين من المستوطنين الجدد من الرحل وبعض القبائل واستهدافهم لمواطني المنطقة بالقتل والاختطاف والاغتصاب، ونتج عن تلك الهجمات قتل عدد من المواطنين وإصابة العشرات بين عامي 2017 و 2018. ويواصل إبراهيم أن الهجمات من المستوطنين المحليين توالت حتى العام 2020 حيث يمنع اؤلئك المستوطنون المواطنين من قطع الأشجار التي تساعدهم في بناء منازلهم، مشيراً إلى حادثة اغتصاب 8 فتيات من القرية.

وأوضح أنهم فتحوا بلاغات لدى الشرطة مرفقة بتقارير طبية مع وجود أكثر من متهم واحد، واتهم عبد الرحمن السلطات الأمنية المحلية بالتواطؤ وذلك بإطلاق سراح المتهمين. وحسب إفادات المواطنين المحليين، فإن الرعاة يهدفون لزعزعة استقرار المواطنين لتتاح لهم إمكانية الرعي واستغلال الأراضي.

حجير تونو ودوانة مناطق لم تجف فيها الدماء

القصاص الضائع

وفي ذات السياق، تحكي المواطنة زينب عبد الله آدم اسماعيل، ابنة أحد قتلى 8 مارس لـ(عاين)، أنهم لم يكونوا يعلمون بما يدور حولهم عندما هاجمتهم المليشيات المسلحة وأطلقت النيران عليهم داخل البيوت، وقالت :” كنا نجلس سويا برفقة أسرتنا بما فيهم والدي وخالاتنا وعماتنا، وعندما خرج والدي من البيت تلقى رصاصة أردته قتيلاً”، وأضافت زينب ان المليشيات التي هاجمتهم، يرتدي بعضهم أزياء مدنية والآخر أزياء عسكرية ويلفون فوق رؤوسهم “الكدمول”، وطالبت الحكومة الانتقالية بضرورة القصاص والمحاكمات العادلة لكل القتلة الذين يستبيحون دماء الأبرياء دون حق، لافتة إلى تكرر حوادث الإعتداء على مناطقهم كل عام.

ومن جانبه حمل عضو تنسقية قوى اعلان الحرية والتغيير بولاية جنوب دارفور عبد الحفيظ عبد الله أبكر، حكومة الولاية مسؤولية حفظ الأمن بمناطق حجير تونو ودوانة، وطالب بإقالة الوالي العسكري المكلف بولاية جنوب دارفور واتهمه بأنه غير متعاون وغير مستجيب لتطلعات الثورة ويعمل مع فلول النظام البائد لتعطيلها، موضحاً أن بداية الحلول هي اقالة الوالي العسكري الحالي. وكشف أنهم في قوى الحرية والتغيير بالولاية يعملون على تنفيذ خطة عمل تتمثل أهدافها في تغيير المدراء العامين بوزارات الولاية وتغيير مفوض العمل الانساني.

دور السلطات

ومن جهته، اشتكى المواطن محيي الدين أحمد مختار، غياب الأجهزة الشرطية من منطقتي دوانة وحجير تونو، موضحا أن الشرطة في يوم الحادثة 8 مارس لم تحرك ساكنا ولم تقم بدورها المطلوب في حماية المواطنين، وقال محيي الدين إن المجموعات التي هجمت عليهم كانت تمتطي الإبل والجياد وترتدي أزياء عسكرية تشبه أزياء قوات الدعم السريع، وأضاف :”فكرنا في اللجوء للشرطة باعتبارها ممثل الحكومة في المنطقة، ومشينا مسافة 5 كيلو متر على أرجلنا وعندما وصلنل لقسم الشرطة قالوا لنا : ربنا يعينكم”، وأشار محيي الدين إلى أن مواطني حجير تونو ودوانة مسالمين جداً وهم مزارعون منتجون يفلحون أرضهم شتاءاً وخريفاً، وزاد :”ما بنمشي نشتري سلاح عشان ندافع عن نفسنا”، وطالب الحكومة بالقيام بدورها في حماية المواطنين.

حجير تونو ودوانة مناطق لم تجف فيها الدماء

الإنفلات الأمني

وفي سياق متصل عزا الناشط الحقوقي والمحامي محمد حسن دولي، الجرائم المتكررة بتلك المنطقة، إلى غياب سيادة القانون وتعزيز الانفلات الامني بانعدام مراكز الشرطة في كل قرية، ونبه إلى أن الافلات المتكرر من العقاب أفقد المواطنين ثقته في القانون وقدرته على استرداد الحقوق ومحاسبة المجرمين، الأمر الذي رسخ ثقافة أخذ الحق باليد دون اللجوء للقانون. وطالب المحامي الدولة بتكثيف الانتشار الشرطي في كل المناطق وخاصة تلك التي تعاني من الانفلات الأمني.