جبهات قتال جديدة في دارفور.. تطورات حرب السودان

عاين- 18 أكتوبر 2024

في تطور جديدة في مسار القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، توسعت دائرة جبهات القتال إلى ولاية غرب دارفور التي ظلت هادئة منذ خروج الجيش، وسيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الجنينة عاصمة الولاية في نوفمبر من العام الماضي.

وشهدت محليات شمال شرقي الولاية لأول مرة مواجهات مباشرة بين القوات المشتركة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش، وقوات الدعم السريع التي تسيطر على الولاية، وتديرها عبر إدارة مدنية.

المعارك شملت مناطق جبل مون وكلبس وسربا بولاية غرب وشرق دارفور

لأكثر من أسبوع تدور مواجهات بين الطرفين في عدة محاور كان أولها في منطقة أو” الواقعة بين محليتي “جبل مون” و”كُلْبُس” قبل تتوغل قوات الحركات القادمة منطقة “الطينة” الحدودية من ولاية شمال دارفور إلى داخل محليات “كُلُبُس” “سِربا” شمال شرق ولاية غرب دارفور.

وقال أحد القيادات في محلية “كُلُبُس” اشترط عدم الإشارة إلى اسمه في حديث لـ(عاين): “إن الإدارة الأهلية بمحلية كُلُبُس طلبت من قوات الدعم السريع منحها مهلة أيام لإبعاد الحركات المسلحة من المحلية لتجنيب المنطقة القتال، لكنها فشلت في ذلك”. مشيراً إلى تواجد قوات الدعم السريع خارج مدينة “كلبس”، بناءً على الاتفاق مع الإدارة الأهلية، وتستعد لمهاجمة قوات الحركات داخل المدينة.

وسادت الولاية حالة من الخوف والاضطراب الأمني جراء التطورات الجديدة خاصة شمال وجنوب الولاية، بعد تداول مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع للقوات المشتركة التابعة للحركات وهي داخل مناطق سربا وجبل مون وكلبس تبعد مائة كيلومتر من مدينة الجنينة حاضرة الولاية.

وفي أعقاب ذلك شنت قوات الدعـم السـريع هجـوماً وصف بالانتـقامي أدى إلى مقـتل ثلاثة مدنيين وإصــابة العشرات، وتسبب ذلك في لجوء مئات الأسر إلى شرق تشاد.

وتعتبر المواجهات أول صراع في المنطقة منذ خروج الجيش من الولاية العام الماضي والنزوح الجماعي لأبناء “قبيلة المساليت” الذين يمثلون أغلبية سكانية الولاية.

ووفقاّ للسكان المحليين أن القوات المشتركة للحركات تمكنت من التقدم في محليات “جبل مون” بدعم من الطيران الحربي للجيش من التقدم إلى المناطق الشمالية والشمالية الشرقية على بعد (130) كيلومترا شمال شرق مدينة الجنينة، ويعتبر ذلك بمثابة قاعدة انطلاق لاستعادة الولاية.

وفتحت الحركات المسلحة جبهة القتال الجديدة في غرب دارفور، على غرار جبهة القتال الدائر في مدينة “الفاشر” التي تشهد قتالاً عنيفاً منذ مايو الماضي، وذلك للحد من تقدم قوات الدعم السريع في المحاور الأخرى.

وتأتي التحركات الجديدة بعد أسبوعين من تعيين “بحر الدين آدم كرامة” من قبل رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبدالفتاح البرهان في العاصمة السودانية المؤقتة بورتسودان والياً لولاية غرب دارفور.

وبدوره تعهد بحر الدين أحد قادة الحركات المسلحة في أول تصريحات صحفية عقب توليه منصبه بأن الأيام القادمة ستشهد أحداثاً كبيرة، وأن عملية تحرير ولاية غرب دارفور من قبضة الدعم السريع باتت وشيكة- بحسب تعبيره.

في تطور مماثل شهدت محلية “فوربرنقا” التي تبعد (160) كيلومتراً جنوب مدينة الجنينة المنطقة حشوداً عسكرية كبيرة من قبل قوات الدعم السريع، وسط توقعات من هجمات محتملة من قبل الحركات المسلحة عبر المحور الجنوبي من الولاية عبر الحدود التشادية.

ويقول أحد قادة قوات الدعم السريع في بلدة “فوربرنقا” اشترط عدم الإشارة لاسمه في حديث لـ(عاين): إن “الحشود تأتي في إطار التعبئة العامة بناءً على توجهات القائد العام لدعم السريع واستعداداً لأي تهديدات محتملة من الحركات المسلحة في ولاية غرب دارفور”.

بالتوازي مع ذلك نجحت القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش من تحقيق تقدم كبيرة في محور الصحراء في ولاية شمال دارفور، واستعادت من خلالها مناطق مهمة في وحول محلية “كُتم”، و”مليط” وإدخال إمداد إلى مدينة الفاشر المحاصرة الأمر الذي أكسب الحرب زخماً جديداً.

مؤشرات الحرب في دارفور باتت أقرب للحرب الأهلية، لجهة أن مستوى الحشد بين المجموعات السكانية الداعمة للحركات المسلحة، ومجموعات أخرى تقاتل إلى جانب الدعم السريع بدأت تتزايد بصورة مخيفة

خبير عسكري

وبدوره يرى الخبير العسكري، اللواء معاش محمد على إيدام، أن توسيع جبهة القتال في دارفور من سيحدث تحولاً جديداً في مسار القتال الدائر بين الطرفين، خاصة بعد الاستجابة الواسعة من أبناء ولاية غرب دارفور الدعوة للانخراط في القتال من أجل استعادة مناطقهم، بعد أن حفزهم صمود القوات المشتركة للحركات المسلحة في الدفاع عن مدينة الفاشر.

نازحات في مركز إيواء بمدينة الفاشر- شمال دارفور

ويقول الخبير العسكري في حديث لـ(عاين) إن مؤشرات الحرب في دارفور باتت أقرب للحرب الأهلية عوضا عن كونها قتالاً بين الجيش والدعم السريع، لجهة أن مستوى الحشد بين المجموعات السكانية الداعمة للحركات المسلحة، ومجموعات أخرى تقاتل إلى جانب قوات الدعم السريع بدأت تتزايد بصورة مخيفة.

ومن زاوية أخرى يشير الخبير العسكري إيدام، إلى أن توسع جبهات القتال في دارفور من شأنه أن يوقف تدفق المقاتلين الذين تحشدهم قوات الدعم السريع للقتال في الخرطوم والأقاليم الأخرى خاصة بعد خطاب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو للحشد مؤخراّ.

الإسلاميون يخططون إلى نقل الحرب مرة أخرى لولاية غرب دارفور

عضو غرفة طوارئ

وكانت قوات الدعم السريع قد دفعت بمعظم مقاتليها إلى جبهات الخرطوم، سنار، الجزيرة والفاشر التي يسعى الجيش لاستعادتها، وقلصت من نشر قواتها في ولايات دارفور بعد سيطرتها على أربعة مدن مهمة في الإقليم يسعى الجيش وحلفاؤه من الحركات المسلحة لاستعادتها.

وبالمقابل يتهم حمدان صالح عضو غرفة الطوارئ بولاية غرب دارفور، نظام الحركة الإسلامية الذي حكم السودان لأكثر من ثلاثة عقود بالتخطط إلى نقل الحرب مرة أخرى إلى ولاية غرب دارفور، وتحويل القتال مع قوات الدعم السريع بصورة إثنية خبيثة إلى الإقليم، من أجل العودة إلى سدة حكم مجدداً البلاد

ودعا عضو غرفة طوارئ ولاية غرب دارفور السكان المحليين والقيادات المجتمعية إلى عدم السماح لقيادات نظام الحركة الإسلامية، وشركائهم من قيادات الحركات المسلحة التي تسعى للمحافظة على المناصب الدستورية من إشعال نار الفتنة العنصرية من جديد في دارفور.