مفصولي الثورة السودانية ما بين الضياع والنسيان 

تقرير: عاين 26 يوليو 2019م

جبروت السلطة، عسف التنفيذ يتسع  كلما بعدت المسافات عن مركز القرار.   اما اذا كانت السلطات في منطقة محيطة بالنزاعات كـ منطقة الدلنج  بولايات جنوب كردفان ذات خصوصية الحرب. فايدي القهر تكون هي القائد لمظلمة المواطن. تحت ذرائع ذات الخصوصية وأعمال الطوارئ.  تعرض منفذي العصيان المدني في السودان لكافة أشكال العنف المهني. فصل، نقل، تهديد ووعيد. لكن الدلنج شهدت صنوف اخرى من العذاب اذا وصل حد القتل تعذيباً. بسبب العصيان المدني. هذا هو قدر  سكان مناطق النزاع البعيدة عن المركز. فإذا ارتفعت الأسعار يحصدون ضعفها غلاء! وإذا اشتد جبروت الحكام نالو  ابشع انواعه. وإذا ما عم السلم حصدو القليل من التنمية والوعود البراقة.

فرغم انبلاج فجر التغيير ومعانقة الحرية ظل انسان مناطق الصراع يتعرض لكافة صنوف العذاب وفق الضحايا الذين تعرضوا للفصل من اساتذة وأدارة  جامعة الدلنج. إذ يقول ضحية ” اعفتنا  الجامعة من المناصب الإدارية، و قفت المرتبات وكمان  شكلت لجنة تحقيق معنا، نفتكر ان هذه الاجراءات ذات جانب سياسي، المطالب التي نطمح لها هي أن يتحقق السلام وينعكس على الجامعة والمجتمع المحلي بولاية جنوب كردفان، واذا نجحت الجامعة في هذه الدور قد يؤثر على كل الجوانب الاقتصادية والسياسية، والمطالب الاكاديمية الاخرى”

اهانات شخصية
مفصولي الثورة السودانية ما بين الضياع والنسيان يقول دكتور السماني سعيد، محاضر بجامعة الدلنج، في كلية التربية وعلوم الرياضة، قسم الإدارة والتدريب،أنه ليس لديه لون سياسي، نحن وطنيين، ويؤكد  السماني لـ(عاين) “نحن كمواطنين بنواجه قمع، وكنا مكتوفي الأيدي في الفترات السابقة، حتى جاءت فترة حرية التعبير والرأي، طالب الناس بتغيير الوضع، وبارادة الشباب تحقق، ويوجه اصابع الاتهام الى فلول المؤتمر الوطني أنهم ما زالوا يمارسون الاعيبهم في المؤسسات”.  مطالباً بتحسن الأوضاع المالية والادارية بعد الحراك والتجاوب مع قوة التغيير المتمثلة في تجمع المهنيين السودانيين. وكشف سعيد عن ادوارهم في جامعة الدلنج منذ اندلاع الحراك قائلاً: “عندنا جسم في جامعة الدلنج منذ بداية الثورة، تحت مظلة الحرية والتغيير للقيام بتصعيد ثوري عندما بدأ تعنت المجلس العسكري في المفاوضات مع قوى الحرية والتغيير، بدأ التصعيد  الثوري لتحقيق المطالب التي لم يستجب لها العسكر”. 

يمضي سعيد  في القول: بعد أن نجح الاضراب العام، قرر تجمع المهنيين الانتقال إلى مرحلة العصيان المدني، حاولنا إدخال عناصر من الجامعة في تجمع المهنيين و في مرحلة العصيان المدني، كحرية رأي بالنسبة لهم. واستدرك موضحاً بأنهم لم يجدو غير القمع من بقايا المؤتمر الوطني والدولة العميقة.  وزاد: “بدأنا الخطوة الأولى بتوزيع مناشير قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين في مرحلة العصيان المدني، وزع لكافة العاملين في مؤسسة الجامعة، وكان في تجاوب”. والحديث لسعيد بعد ذلك : “وشى بعض أفراد المؤتمر الوطني، ما نقوم به الى الاستخبارات العسكرية، الأمر الذي سبب لهم اعتقالات واسعة كان ضمن ضحايا عدد من الناشطين واستاذة الجامعات من بينهم الأستاذ السماني سعيد الذي قال:  إنه اعتقل من منزله في الحادي عشر من يونيو الماضي بمعية الاستاذ نصرالدين. وقال : “واجهنا إساءات واهانات شخصية، وأطلقوا سراحنا يوم 13 يونيو، حولنا للنيابة في ذات اليوم، ودون بلاغ ضده تحت المادة (159 ) الإخلال بالأمن والسلامة والعامة، وأنا كرئيس قسم التربية البدنية وعلوم الرياضة، إدارة الجامعة عملت على إنهاء تكليف من قسم الادارة، والايقاف من العمل وأستاذ آخر عمل ليهو إنهاء تكليف هو مسجل كلية التربية تنمية المجتمع”. 

مفصولي الثورة السودانية ما بين الضياع والنسيان

تعذيب وحشي

تعرض نصرالدين الرحيمة كافي توتو، المحاضر في جامعة الدلنج  للاعتقال التعذيب بكافة اشكاله، ويقول لـ(عاين) الحرب أثرت في  كل جوانب الحياة بمنطقة جنوب كردفان، مع مجيء الثورة استبشرنا خيرا،  قبل الثورة كنا ناشطين اجتماعيا، باعتبار أن الحرب أثرت في الولاية، الثورة لمن قامت لبت كثير من الشعارات متمثلة في  حرية- سلام -عدالة، مما أتاح لهم التعبير عن الحرية وفق قوله وزاد “الحرية ليست مجانية، يجب أن يدفع ثمنها، منذ بداية ديسمبر، الان انا واحد من اعضاء تجمع المهنيين”،  موضحاً أن مطالبهم في جامعة الدلنج اصلاحية لمشاكل سياسية، أكاديمية، اجتماعية وفساد بالجامعة. كاشفاً عن أنهم قاموا بتقديم ورقة لمناقشة هذه النقاط، لكي يتسنى للجامعة القيام بالدور المنوط بها  في كل الجوانب المنوط بها.   

مؤكداً ان سبب الاعتقال هو تنفيذ  الاعتصام الذي تداعت له كافة مكونات تجمع المهنيين.  والذي أكد من خلاله الالتزام بالعصيان المدني باعتباره كرت ضغط سلمي علي المجلس العسكري.  موضحاً إن الجامعة لا يمكن أن تفتح أبوابها في هذا التوقيت لعدة اسباب اولها سلامة الطلاب. فضلاً عن الإشكاليات الداخلية المتمثلة في اتحاد الطلاب التي تمتد جذورها الى 15 عام مضت. والحديث لنصر الدين ” في المعتقل استجابتنا الاستخبارات العسكرية، كان في استفزاز، وبنوم في البلاط ونبول في نفس المكان، قضينا تلاته ايام المعتقل”. 

 سيطرة المؤتمر الوطني 

 فيما تروى فردوس الرشيد، الموظفة بالضرائب، لـ(عاين) انه تم نقلها من ادارتها الحساسة-حسب قولها- التي كانت تعمل بها الى ادارة اخرى رقم طلب مديرها المباشر من ادارة الضرائب بحاجته لها في العمل وتقديم ذلك كتابة إلا أنه جاء ردهم عليه بتنفيذ التوجيه.  تقول الرشيد: “نٌقلت بالفعل الى ادارة اخرى احتاج فيها لوقت طويل وتدريب حتى تستفيد الدولة من خدماتي وهذا ببساطة لانني نقلت الى ادارة لا اعلم عنها الكثير واحتاج وقتا حتى اتأقلم على العمل هنا”. مشيرةً الى ان هذا الاجراء طال( 47) مفتشا جامعيا من الدرجة الثانية وحتى الثامنة. 

ديوان الضرائب، ليس الجهة الحكومية الوحيدة التي هددت موظفيها وانذرتهم كتابة أو شفاهة،  حيث يقول موظفون في مصفاة الجيلي للبترول أن إدارة المصفاة حققت مع عدد من الموظفين الذين شاركوا في الثورة ومن ثم أضربوا عن العمل وشاركوا أيضا في العصيان المدني المعلن من قبل تجمع المهنيين. ولفت الموظفون في حديث مع (عاين)  الى ان ادارة المصفاة بعد أن حققت مع الموظفين رفعت اسمائهم الى وزارة النفط التي تنظر الى ملفاتهم ومازالوا في انتظار قرارها النهائي بحقهم. وأضافوا “الموظفين يمارسون عملهم لكنهم ينتظرون القرار من.شركة انيرجي للبترول المحسوبة على الحكومة السابقة، واحدة من الشركات التي انذرت( 8) من رؤساء أقسام فنية متنوعة فيها”.

عودة الفصل التعسفي 

مفصولي الثورة السودانية ما بين الضياع والنسيان

في مقابلات سابقة يقول المتحدث باسم تجمع المهنيين، إسماعيل التاج أن التجمع يرفض بشكل قاطع عملية التهديد والتخويف بالفصل التعسفي عن العمل لمئات الموظفين في القطاعين الخاص والعام بعد مشاركتهم في الإضراب السياسي والعصيان المدني الشامل الذي نظم بالبلاد الشهر الماضي. وقال التاج لـ(عاين)، ” نرفض  التهديد بالفصل عن العمل من مبدأ عدم مشروعيته الاخلاقية والانسانية والقانونية، وأن تخويف الناس وحرمانهم من ممارسة دورهم النقابي والمهني وتكوين نقابتهم التي تعبر عن آرائهم وتطلعاتهم ودولتهم التي ينشدونها أمر معيب وفكر شمولي أحادي التفكير والتنفيذ”.

ويوضح التاج، أن تمكين العاملين، الموظفين من حقوقهم، هو بالطبع تمكين وتقوية منظومة الحقوق  في العمل، وحق النقابات في التعبير عن نفسها، مطالبها ومصالحها المباشرة. لكن التهديد بالفصل عن العمل الذي انتهجه النظام البائد بمعاونة المجلس العسكري هو انتقاص من هذه الحقوق. واعتبر إسماعيل التاج، عمليات الفصل التي تمت بحق العشرات، التهديد بالفصل التي تم بحق المئات من الموظفين والعمال،  قمة في العسف والاستبداد والتعدي على حقوق الإنسان والعمال في ممارسة المساواة.

لافتاً الى أنهم في التجمع،  يفردون مساحة كبيرة لرصد الانتهاكات الحكومية بحق الموظفين، أبوابها مفتوحة للتبليغ عنها وتلقى الشكاوى، والمعلومات عن الفصل لكل الذين طالهم في المؤسسات المختلفة بالقطاعين الخاص والعام. مشددا “هذا الأمر بالنسبة لنا فصل تعسفي دون شك ويخالف التزامات السودان بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ومنظمة العمل الدولي”.