السودان: مدن خارج تغطية الإتصالات وأخرى بلا كهرباء
عاين- 5 أغسطس 2023
يضطر السكان في “زالنجي” عاصمة ولاية وسط دارفور إلى السفر لمناطق تبعدهم بنحو 200 كيلومتر من أجل إجراء محادثة هاتفية يطمئنوا بها أقاربهم في الأماكن الأخرى من أنحاء السودان، وذلك بعد انقطاع كلي لشبكات الاتصالات والتيار الكهربائي عن المدينة منذ 3 أشهر بسبب الحرب المحتدمة بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وصارت “زالنجي” مثل جزيرة معزولة تحاصرها نيران الحرب، بينما يفشل سكانها في توصيل أصواتهم بسبب انعدام خدمة الاتصال، في واقع ينسحب على غالبية مدن إقليم دارفور غربي السودان والتي يدفع سكانها فاتورة باهظة لهذا الصراع.
ولم يكن إقليم دارفور وحده من يواجه عجز في خدمتي الكهرباء والاتصالات فقد أطلت هذه الأزمة برأسها على العاصمة الخرطوم نفسها وإقليم كردفان بولاياته الثلاث والبحر الأحمر، بينما تشهد ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأزرق استقرارا في الاتصالات وسط عجز في الامداد الكهربائي.
ويقول “يوسف محمد” من عاصمة ولاية جنوب دارفور نيالا لـ(عاين) إن “التيار الكهربائي مقطوع في معظم أرجاء المدينة طوال ثلاثة أشهر ماضية وتعمل مناطق معينة، أما شبكات الاتصالات والانترنت فهي رديئة للغاية وتعمل لمدة 10 دقائق او نصف ساعة فقط خلال اليوم”.
ويشير إلى أن ذلك تسبب في معاناة كبيرة للسكان وحرمهم من عملية التواصل والتعامل مع التطبيقات المصرفية في ظل اغلاق كامل للمصارف يصعب مهمة الحصول على مبالغ من ودائعهم المصرفية، كما تأثرت المرافق الصحية والخدمية المختلفة جراء ذلك.
وتشهد نيالا مواجهات مستمرة بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أشهر ولم يتمكن أي طرف من بسط سيطرته على المدينة الأمر الذي قاد الى تفاقم الوضع الإنساني بالبلدة.
وذكر مصدر بمدينة نيالا لـ(عاين) أن قوات الدعم السريع سيطرت على مركز التحكم الرئيسي وتقوم بتوزيع التيار على مناطق محددة ذات صلة بمصالحها ومرافق خدمية بعينها وحرمت بقية السكان من الخدمة.
ويعتمد إقليم دارفور على محطات توليد حراري للكهرباء فهي غير مرتبطة بالشبكة القومية للكهرباء في السودان وتعثر وصول الكميات اللازمة لتشغيلها من الوقود بسبب الحرب الدائرة منذ منتصف أبريل الماضي.
شح الوقود
وبحسب الصحفي المقيم حاليا بولاية شرق دارفور محمد صالح البشر، فإن التيار الكهربائي منقطع في كل عواصم ولايات إقليم دارفور وهي الفاشر، زالنجي، الضعين، الجنينة، نيالا وتسبب ذلك في انقطاع خدمة الاتصالات وتذبذبها ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى شح الوقود.
ويقول البشير في مقابلة مع (عاين) إن “مواطني زالنجي يضطرون السفر الى منطقة سرف عمرة التي تبعد عنهم 200 كيلومتر ويدفعون أجرة سيارة 40 ألف جنيه للشخص الواحد، وذلك بغرض الحصول على شبكة اتصال وانترنت للتواصل مع أقاربهم وفتح التطبيق المصرفي بنكك لصرف الأموال لأجل تسيير حياتهم”.
“رغم الاستقرار الأمني في الضعين إلا أن المدينة تشهد انقطاع في التيار الكهربائي طوال الفترة الماضية، كما تتوقف المصارف لأنها تعمل بمزود شبكة من شركة سوداني للاتصالات وهي معطلة تماما في الإقليم منذ اندلاع الحرب”. يضيف صالح.
بدورها تشهد مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان انقطاع للتيار الكهربائي على مدار ثلاثة أشهر وما تزال، الأمر الذي تسبب في إغلاق المشافي الحكومية وشل الحياة العامة وتذبذب خدمة الاتصالات، وذلك وفق ما نقله شاهد لـ(عاين).
وتعيش جنوب كردفان منذ أشهر على وطأة قتال ضاري على ثلاث جبهات يقوده الجيش السوداني مع الحركة الشعبية – شمال من جانب، ومع قوات الدعم السريع من جهة أخرى الشيء الذي أثر على حركة الامداد السلعي لعاصمة الولاية بما في ذلك المواد البترولية.
الأزمة نفسها تواجه سكان ولاية غرب كردفان الذين يعيشون معاناة بالغة هذه الفترة نتيجة لانقطاع خدمة الاتصالات والانترنت، بينما تعيش ولاية شمال كردفان وعاصمتها الأبيض قطوعات في التيار الكهربائي وسط استقرار في خدمة الاتصالات.
الشرق يعاني
وينقل “حمد مفرح” وهو موظف حكومي لـ(عاين) معاناة بالغة يعيشها سكان مدينة بورتسودان هذه الأيام مع قطوعات في التيار الكهربائي وسط ارتفاع شديد في درجات الحرارة، وقال إن ذلك أثر على بعض الخدمات مثل المياه التي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني يفوق مقدرة المواطنين خاصة في ظل توقف الرواتب.
“التيار الكهربائي أصبح يقطع بمعدل ثلاث مرات في اليوم”. مواطن من مدينة بورتسودان
ويشير الى أن التيار الكهربائي أصبح يقطع بمعدل ثلاث مرات في اليوم، وعزت سلطات الكهرباء هذا الأمر إلى عطل في بعض الخطوط في المدينة ولم تتمكن من إصلاحه نسبة لوجود قطع الغيار في العاصمة الخرطوم.
ويضيف “يتخوف السكان من أنباء تشير الى انتهاء عقد البارجة التركية التي تزود بورتسودان بالكهرباء بنهاية أغسطس الحالي، وهذا سيكون كارثياً نظر لأنه يأتي في ذروة الصيف بالمدينة”.
من جهته، يقول المهندس إيهاب بابكر من مدينة الدمازين لـ(عاين) إن ولاية النيل الأزرق كانت تشهد استقرارا في إمداد الكهرباء منذ بداية الحرب، ولكن بدأت خلال وقت قريب في برمجة قطوعات التيار، بينما تشهد خدمة الاتصالات والانترنت استقرار كبير.
ويضيف “تعود هذه القطوعات إلى بدء إدارة الكهرباء في إزالة التوصيل العشوائي (تكبيرة) التي لجأ لها المواطنين بعد توقف خدمات بيع الكهرباء بعد اندلاع الحرب”.