الاتصالات.. جبهة جديدة لمعارك طرفي حرب السودان
عاين – 5 فبراير 2023
تشهد مناطق سودانية واسعة انقطاعاً كاملاً في خدمات الاتصالات والإنترنت لليوم الثاني على التوالي، وسط تبادل الاتهامات بين الجيش وقوات الدعم السريع بالتورط في قطع متعمد للخدمة.
وانقطعت خدمة شركتي سوداني وأم تي أن بشكل تام، ولحقت بهما شركة زين التي خرجت بدورها عن الخدمة في معظم ولايات السودان بما في ذلك مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، العاصمة البديلة للبلاد، قبل أن تعود الخدمة تدريجيا في المدينة عبر شركة زين.
وأحدث انقطاع الاتصالات شلل تام في حياة السودانيين وخلف عزلة واسعة، فاقمت من معاناة الحرب، إذ ترتبط خدمة الإنترنت بعمل التطبيقات المصرفية الإلكترونية التي يعتمد عليها المواطنون في شراء احتياجاتهم الغذائية اليومية.
اتهامات متبادلة
واتهم جهاز تنظيم الاتصالات التابع لوزارة الاتصالات السودانية، قوات الدعم السريع بإيقاف العمل في مركزي بيانات شركتي سوداني وأم تي أن، مطالبة بإعادة الاتصالات إلى بعض المدن التي سيطرت عليها في إقليم دارفور غربي البلاد، والتي توقفت فيها الخدمة نتيجة لإحراق العديد من الأبراج وتخريب الفايبر وانقطاع التيار الكهربائي وانعدام الوقود- حسب بيان للجهاز.
وقال البيان: إن “قوات الدعم السريع أجبرت الفنيين في شركة زين على إيقاف الخدمة عن ولاية نهر النيل وبورتسودان مهددة بإيقافها بشكل كلي في خرق واضح وفاضح لاتفاق جدة الذي ينص على خروجهم من الأعيان المدنية والمراكز الخدمية“.
وبحسب البيان الحكومي، فإن المقسمات الرئيسية لتلك الشركات موجودة بوسط الخرطوم، وأن قوات الدعم السريع سيطرت عليها منذ اليوم الأول للحرب،
من جهته، نفى مصدر مسؤول في قوات الدعم السريع عدم صلتهم بانقطاع شبكة الاتصالات، وأن الجيش سبق أن قطع الاتصالات في عدد من الأماكن التي يسيطر عليها الدعم السريع، وذلك مرتبط بتحركات عسكرية على الأرض.
وقال المصدر الذي تحدث مع (عاين) وطلب عدم ذكر اسمه، إن “الجيش وبأوامر مباشرة من قياداته قطع الاتصالات عن مناطق متعددة في إقليمي دارفور وكردفان وأجزاء من الخرطوم والجزيرة لمدة تجاوزت الخمسة أشهر وبعضها لثمانية أشهر، لمعاقبة سكانها سياسياً، فهو الذي سيطر على الهيئة العامة للاتصالات، ويستخدمها سياسياً لمصلحته الخاصة“.
وأضاف متسائلاً: “سكان دارفور وكردفان ظلوا لمدة تجاوزت 7 أشهر من غير اتصالات لماذا لم تخرج جهة، وتدين هذا العمل الممنهج“.
وبدأت خدمة الاتصالات من شركة زين تعود تدريجياً في مدينة بورتسودان والعاصمة السودان الخرطوم، بينما لا تزال تواصل الانقطاع في ولاية نهر النيل، وتتذبذب في القضارف وكسلا، بحسب شهود تحدثوا إلى (عاين).
عودة قريبة
ويقول عضو نقابة تقنية المعلومات والاتصالات المهندس أشرف عبد الرحمن، إن “الانقطاع الحالي للاتصالات تم بفعل قوات الدعم السريع التي دخلت المقسم الرئيسي لشركة سوداني جنوبي العاصمة الخرطوم، وأوقفته“.
ويشير عبد الرحمن في مقابلة مع (عاين) إلى أن المقسم الرئيسي يكتسب أهميته من كونه يحتوي على مزود الإنترنت في السودان، كما دخلت “السويتش” الرئيسي لشركة إم تي إن في ضاحية قاردن سيتي شرقي مدينة الخرطوم وأغلقوه.
وبحسب أشرف، فإن قوات الدعم السريع أرسلت تهديداً واضحاً إلى شركة زين لإرجاع خدمة الاتصالات والإنترنت إلى إقليم دارفور، في حين أن توقف الاتصالات هناك تم بفعل القوات نفسها.
ووسط الاتهامات المتبادلة، تزداد معاناة المواطنين السودانيين مع انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت التي وضعتهم في عزلة غير مسبوقة مع استمرار نيران الحرب.
ويقول محمد عبداللطيف الذي يقيم في بورتسودان في مقابلة مع (عاين) إنه يشعر بحالة من القلق والتوتر على أفراد عائلته الذين ما زالوا عالقين في ضاحية أمبدة غربي العاصمة الخرطوم، والتي تشهد اشتباكات وضربات مدفعية متبادلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وتابع “منذ يومين أحاول الاتصال بعائلتي، لكن الشبكة منقطعة. خلال الساعتين الماضيتين عادت شبكة زين إلى الخدمة بشكل متذبذب مع استمرار تعطل شبكتي سوداني وإم. تي. إن“.
ويتخوف عبد اللطيف على مصير عائلته في ظل استمرار انقطاع شبكات الاتصالات، وأضاف “أتمنى أن أسمع صوت والدتي وإخوتي للاطمئنان عليهم كما كنت أفعل كل يوم”.