(عاين) على تخوم الحرب الإثيوبية.. ماذا قال الناجون من المعارك؟  

 تقرير – 22 نوفمبر 2020  

عاين: الهشابة، حمداييت.

يقفز الشاب قدي علّم 32 عاماً، من مركب صغير عبر به نهر ستيت الصغير للأراضي السودانية في بلدة حمداييت الحدودية، ويلوح قدي لأقاربه على ضفاف النهر يصلي ويشكر الله على وصوله وهو القادم في الحال من مدينة الحمرة ثالث أكبر مدن إقليم تجراى الإثيوبي التي طالها قصف الجيش الفيدرالي. 

قتل

يتقدم قدي راجلاً نحو الساحة التي يفترش فيها آلاف الفارين من القتال في إثيوبيا والنازحين من مدينة الحمرة والقرى القريبة منها، يقول علّم، لـ(عاين) وهو العسكري السباق في الجيش الإثيوبي، “اندلعت الحرب في بلدي، اعرف مأساة الحرب جيداً وكيف يتصرف الجنود الإثيوبيون مع من تصوره له حكومتهم بأنه عدو.. يقتلون ويغتصبون بلا وازع اخلاقي”.

 تفصل السلطات الأمنية في المخيم المجموعتين الإثنيتين، وتقوم بإيواء المنتمين إلى إثنية الأمهرا في الجزء الشمالي من المخيم بينما يتوزع التجراي في ساحات المخيم المعد في الاصل لتوطين السودانيين المتاثرين من قيام سدي اعالي نهر عطبرة وستيت“.

“لحظة هربي باتجاه معبر حمداييت الحدودي مع السودان لم اكن في أرض المعركة العسكري والمواجهات المباشرة بين جيش تجراي والجيش الفيدرالي بقيادة الرئيس آبي احمد، لكن معركة أخرى في أتون الحرب كانت تدور وفوضى عارمة خلقها رجال المليشيات التجراي والمسلحون الذين يطلق عليهم محليا (الصعاليك) الذين انتشروا بكثافة وروعوا الآمنين في المدينة”. يصيف قدي، الأحوال في شوارع مدينة الحمرة التي فرّ منها.

لا يعلم علّم الذي دوّن معلوماته الشخصية مع عائلته لدى مفوضية شئون اللاجئين كم يبقي بالمخيم، ويقول وهو يتسلم معينات بسيطة للاقامة من طعام وغطاء، “كنت في بيتي آمنا بالأمس واليوم انا هنا افترش الأرض والتحف السماء واقدم لاطفالي وزوجتي اردى انواع الطعام.. هذا مؤلم وكارثي”.

ويزيد “شوارع المدينة بين ليلة وضحاها باتت خالية من حركة المارة ومساكنها مهجورة، إلا من يصفهم بالسكان التجراي الموالين لسياسات الرئيس آبي احمد”. ويشير قدي، إلى انه قدم بنفسه من مدينة الحمرة بعد ان سبقته عائلته الصغيرة إلى مخيم حمداييت.       

(عاين) على تخوم الحرب الإثيوبية.. ماذا قال الناجون من المعارك؟

عراء

يتوزع النازحون في مخيم حمداييت المؤقت مجموعات تحت ظلال الأشجار والمباني الحكومية في البلدة الفقيرة، وتقدم اليونيسيف ومنظمات انسانية معينات قليلة،كما توفر مخازن بلاستيكية للمياه لا تكفى حاجة النازحين الذين يضطرون للمشي كيلومترات في تضاريس قاسية بلوغاً لنهر ستيت لجلب مياه الشرب.

يحتج النازح الستيني، على عدم توزيع أغطية له وعائلته ويقول انه امضى الليلة الماضية لم ينم حتى الفجر بسبب برودة الطقس. ويقول لـ(عاين)، “عليهم ان يمدونا بالغطاء والكساء لكنه لا يعرف من يطالب، مسؤولي المنظمات الانسانية ام السلطات السودانية”.   

نجاة

“أدش سليمانو” نجت هي الأخرى مع طفلتها الصغيرة من قذائف صاروخية اطلقها الجيش الإثيوبي على بلدتها بعد اندلاع الحرب مع حكومة إقليم تجراي، وتقول انها قضت ليلة من الرعب داخل غرفة من منزلها لم يطالها القصف الصاروخي العشوائي على بلدة عبد الرافع التي تسكنها مع عائلتها.

في الصباح تشتت سكان الحي في طرق الهروب من نيران الحرب وآليات القتل التي يقوم بها رجال المليشيات المسلحين، وشاهدت بأم عيني قتلى وجرحى من الرجال والنساء وعمليات في الطرقات وبعض الحراق والنهب في المنازل والمحلات التجارية. تصف ادش سليمانو، لحظات هروبها من بلدتها التي فرت منها إلى مخيم للإيواء المؤقت في القرية 8 بولاية القضارف داخل الأراضي السودانية.

وتحكي أدش لـ(عاين)، وهي تتقاسم مع اختها وثلاثة من الأطفال غرفة طرفية في المخيم تقول ان ادارته منحتها لهم، وتزيد ” لا أعرف اين افراد عائلتي الكبيرة.. وصلنا إلى منطقة الهشابة الحدودية مع السودان مع آلاف الفارين نحن خمسة من افراد عائلة كبيرة مكونة من الأعمام والابناء والاطفال والسيدات.. لا أعلم أين هم الآن نجوا مثلنا ووصلوا إلى منطقة أخرى في السودان ام قتلوا”.

 

(عاين) على تخوم الحرب الإثيوبية.. ماذا قال الناجون من المعارك؟

مواجهات

الفارون من القتال في مدن وبلدات إقليم تجراي الإثيوبي بعد ان وصلوا إلى مخيم الإيواء المؤقت داخل الاراضي السودانية، يرون في أسى كيف تختزن ذاكرتهم القريبة لحظات الموت التي سجلت لاقارب لهم أبناء أو أخوان. “القتل في كل مكان في الحي الذي عشت فيه.. الجيش الفدرالي ورجال الميليشيات يهاجمون على نحو اثني شعب التجراي”  يقول “قدي سفرويت” المنتمى لاثنية التجراي لـ(عاين) ويضيف، “أنهم متوحشون نهمون لرائحة الدم والقتل والنهب”.

القرى الإثيوبية التي نزح منها الآلاف، إلى مركز الإيواء المؤقت تسكنها ايضاً أثنية الأمهرا التي يتهمها التجراى بالابادة الجماعية في حقهم. وعلى عكس ما فاد به سفرويت، يقول عبدو ابرهام المنتمي لاثنية الأمهرا، “نعم الحرب اندلعت..لكن في غضون الحرب تضيع بعض التفاصيل”. ويرفض عبدو وهو النازح ايضا إلى مخيم الإيواء من بلدة ماي خدرا الإثيوبية اتهام اثنيته بإبادة شعب التجراي”. ويضيف في تحفظ ومراقبة لمن حوله من الساكنين لـ(عاين) “التاريخ يحدثنا ان التجراي اغتصبوا أرضنا واستقروا عليها”.

تفصل السلطات الأمنية في المخيم المجموعتين الإثنيتين، وتقوم بإيواء المنتمين إلى إثنية الأمهرا في الجزء الشمالي من المخيم بينما يتوزع التجراي في ساحات المخيم المعد في الاصل لتوطين السودانيين المتاثرين من قيام سدي اعالي نهر عطبرة وستيت. ورغم ذلك تحدث مناوشات بين المجموعتين تصل لحد الاشتباك بالايدي وفق ما أبلغ مسؤول أمني في المخيم).