نساء متطوعات.. السودانيات يقاومن الحرب في أصعب الظروف

عاين-7 سبتمبر 2023  

يحاول السودانيون والسودانيات ومنذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل الماضي تفادي آثارها المدمرة عبر مبادرات شعبية تطوعية في العديد من المجالات منها المقاوم للحرب والتخفيف من آثارها عبر عمل شاق في إيواء النازحين الذين فروا من العاصمة وتقديم الطعام والدواء لهم في المناطق التي لجأوا إليها.   

 النساء السودانيات كن في مقدمة المتطوعين لمساعدة النازحين وتقديم خدمات العلاج والدواء في المستشفيات القليلة التي تعمل في العاصمة السودانية وفي مراكز الإيواء ومعسكرات النزوح بمدن الولايات.

تلقت المتطوعة أمنية كفاح في اليوم الأول لإندلاع الحرب اتصالا هاتفيا من أصدقاء لها ابلغوها بأن مستشفى النو في مدينة أم درمان غربي العاصمة السودانية في طريقه للإغلاق الكامل وهناك حاجة لمتطوعين لمواصلة الخدمة في المستشفى الذي تصله أعداد كبيرة من جرحى الحرب والمرضى.

“قررت حالا الاستجابة لطلب الأصدقاء لاسيما واننى كنت قد تدربت من قبل تقديم الإسعافات الأولية ولدى بعض الخبرات كما أنني مهمومة بالعمل الإنساني”. تقول أمنية كفاح مصطفى عبدالكريم المتطوعة في مبادرة متطوعي مستشفى النو التعليمي لـ(عاين).

باشرت “أمنية” عملها في المستشفى وسط تحديات كبيرة تجملها في نقص الكوادر الطبية والأدوية وغيرها من مستلزمات العلاج في المستشفى.

أمنية كفاح متطوعة بمستشفى النو- الخرطوم- أم درمان

وتواجه مستشفيات العاصمة السودانية التي تعمل حالياً عددا من التحديات التي تهدد استمرارها، فبعد تمدد رقعة الاقتتال لتشمل مساحات واسعة من المناطق، أغلقت بعض المستشفيات أبوابها وانحسرت الخدمة الصحية التي باتت تقدمها أربعة مستشفيات فقط في كل أنحاء الخرطوم، وهي المستشفى التركي وبشائر بمدينة الخرطوم، ومستشفى شرق النيل، ومستشفى النو بمدينة أم درمان.

وكغيره من المستشفيات، فإن مستشفى النو يواجه عقبات كبرى تتمثل في نقص الإمداد و أعداد المتطوعين والكوادر الطبية بسبب موجة النزوح المستمرة، إضافة إلى المخاطر الأمنية والمخاوف من تمدد المعارك لتصل إلى موقع المستشفى الواقع بضاحية الثورة شمالي أم درمان.

وتقول “أمنية” أن تحديات كبيرة تواجهها كغيرها من الصعوبات التي تواجه النساء السودانيات في أي مجال يعمل به. وتضيف: لم يكن سهلاً العمل في ظروف الحرب حتى أوقات متأخرة من الليل.. دائما ما يساعدني زملاء العمل في الوصول إلى منزلي”.

عون غذائي

تستغل “عوضية محمود كوكو” خبرة تراكمت لسنوات في إعداد الطعام لمجموعات كبيرة من الناس في مساعدة مئات النازحين في مركز الإيواء الذي لجأت إليه في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة أواسط السودان.

وترأست كوكو في السابق الاتحاد التعاوني النسوي متعدد الأغراض، وكذلك جمعية كل المهن التعاونية المعنية بمساعدة العاملات في بيع الشاي والأطعمة في الشوارع ومحلات صغيرة في العاصمة، وهي مهنة رائجة تعمل بها آلاف السيدات السودانيات، وظللن يتعرضن لمضايقات مستمرة من السلطات السودانية.

وأشرفت كوكو على مطبخ ضخم يوزع آلاف الوجبات إبان اعتصام السودانيين أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني في العاصمة الخرطوم في أبريل 2019.

عوضية كوكو متطوعة في اعداد الطعام  بمركز إيواء لنازحي الحرب – مدينة ود مدني

“بعد الحرب قررت مغادرة الخرطوم والذهاب إلى مدينة ود مدني منطقة حنتوب بولاية الجزيرة، مع عدد 15 أسرة، ستين شخصا بينهم 45 من الأطفال” تقول كوكو لـ(عاين).

وتشير عوضية، إلى أنها عملت على افتتاح مطبخ في منطقة حنتوب يقدم الطعام للنازحين في مدينة ود مدني بمساعدة منظمة “كلنا قيم”، وتقول كوكو  “في البدء استقبلنا 1600 نازح، والآن العدد تضاعف إلى 6 الف نازح ومازلنا نقدم لهم وجبتى الإفطار والغداء”.

وتسببت المعارك في نزوح حوالي 5.1 مليون شخص داخل السودان وخارجه بسبب الصراع. عبر أكثر من مليون شخص الحدود إلى جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان المجاورة. وما يقرب من نصف الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في جميع أنحاء السودان يعيشون في الولايات الأكثر تضرراً من النزاع- وفقا لتحديث صدر اليوم الخميس عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”.

 وفى منطقة أدرى التشادية، نشطت الطبيبة إيثار خليل في مبادرة أطباء سودانيين بدولة تشاد لتقديم المساعدة الطبية للفارين من معارك الجنينة.

ولجأ آلاف السودانيين إلى منطقة أدري الحدودية مع تشاد في أعقاب أسوأ موجة عنها شهدتها مدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور بعد اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع والذي أخذ طابع قبلي في ولاية غرب دارفور التي اجتاحتها قوات الدعم السريع بمعاونة رجال المليشيات المساندة لها.  

وتكشف خليل عن استقبال المراكز الطبية بمنطقة ادري التشادية 250 مصاب بالطلقات النارية من أسلحة مختلفة بما فيها قذائف الآربجي حياتهم في خطر الآن لعدم تلقي العلاج. كما يهدد الجوع حوالي 250 ألف شخص من الذين يقيمون في المخيمات.

د. إيثار خليل، متطوعة في مراكز علاجية للاجئين من الحرب- أدري تشاد

وقالت د. إيثار خليل إبراهيم وهي عضوة مبادرة اطباء سودانيين بتشاد، في مقابلة مع (عاين) من منطقة أدري، “الوضع الصحي هنا بائس للغاية، لكن أكبر داء يواجه الناس هنا هو الجوع”. واضافت خليل: ” شاهدت وسمعت من الكثيرين هنا ان عائلة كاملة تعيش على (كورة عيش) وقليل من السكر.. وغيرها.. الوضع سيئ للغاية”.

وأشارت عضوة المبادرة، إلى النقص الحاد في الادوية، وقالت “كل الأدوية الموجودة هنا يتم تجميعها عبر المبادرات أو تجميع شخصي لا يكفي الحاجة”.

إصرار على مواصلة التطوع

تشعر المتطوعة بمستشفى النو “أمنية كفاح” بسعادة غامرة عندما تشاهد مريض تماثل للمستشفى بفضل المجهودات الكبيرة التي تقدمها كمتطوعة إلى جانب الكوادر الطبية وبقية المتطوعين في المشفى. وتقول، “انا هنا بدافع واحد وهو تقديم الخدمة للمحتاجين والسودان الآن يمر بظروف حرب ويحتاج لتعاضد الجميع”.

وتتابع:”يجب العمل من أجل مساعدة الآخرين في ظل استمرار الحرب.. يواجه العاملون في حقل التطوع عقبات كثيرة، منها حرية الحركة من منطقة إلى أخرى والتنقل في أوقات الشدة.. لكن يجب ان نعمل”.

تصعيد الدعوات لوقف الحرب في مقدمة أولويات “عوضية كوكو “التي تدعو نساء السودان للمشاركة الفاعلة وتصعيد العمل لوقف الحرب في أقرب وقت والعودة للعاصمة وعودة الحياة للمستشفيات والأسواق والمدارس، وكذلك عودة خدمات الكهرباء والمياه.