اللاجئون السودانيون العائدين من أثيوبيا.. أجواء الحرب تلاحقهم

18 أبريل 2022

أجبرت الحروب المتطاولة في إقليم النيل الأزرق جنوبي السودان والمتاخم لإثيوبيا آلاف السودانيين على العيش المتنقل بين مخيمات اللجوء والنزوح بين ولايتي النيل الأزرق ومخيمات لاجئين داخل دولة اثيوبيا.

واضطر الآلاف لمغادرة اقليم النيل الازرق بإتجاه إثيوبيا بعد اندلاع الحرب مجدداً في ولاية النيل الأزرق بين الجيش الحكومي والحركة الشعبية لتحرير السودان خلال العام 2011 عقب انفصال دولة جنوب السودان.

 واستقر اللاجئين السودانيين والذين تقدر الأمم المتحدة عددهم  بحوالي 44 ألف لاجئ، معظمهم مقيمون في إقليم” بني شنقول قومز” شمال غربي البلاد، بحسب آخر إحصائية أممية في يونيو 2019.

بعد توقيع اتفاق سلام جوبا بين الحكومة الانتقالية التي تشكلت عقب الاطاحة بنظام الرئيس البشير والحركات المسلحة تضمنت بنود الاتفاق العودة الطوعية للاجئين والنازحين و تمليكهم وسائل إنتاج لإدماجهم في الحياة،  لكن وقبل مباشرة  ترتيبات عودة اللاجئين السودانيين الى مناطقهم في ولاية النيل الأزرق اندلعت الحرب الاثيوبية بين الجيش الفيدرالي وجبهة تحرير تقراي والتي امتدت إلى مناطق بني شنقول التي واجه فيها الجيش الإثيوبي مجموعات مسلحة.

أدت المواجهات العسكرية داخل الأراضي الإثيوبية وحول مخيم توتغو للاجئين السودانيين إلى فرار عدد من المواطنين الإثيوبيين إلى معسكرات اللجوء السودانية كنازحين داخل أراضيهم.  الأمر الذي انعكس على أوضاع اللاجئين السودانيين سلباً.

وفي الثامن عشر من فبراير  الماضي اندلعت  اشتباكات بين القوات الاثيوبية  ومجموعة بني شنقول  المعارضة بإثيوبيا  تراجعت على أثره قوات المعارضة ناحية الشمال الغربي حيث وصلت إلى معسكر تونغو  للاجئين مما أدى إلى قطع المساعدات عن 22 ألف لاجئ .

 وقال أحد ضحايا حريق مخيم تونغو لـ(عاين)، “قامت قوات المعارضة بطرد اللاجئين السودانيين من المعسكر وتم استبدالهم بنازحين إثيوبيين حيث تم تهجير 750   لاجىء  في الحين من  سودانيين وجنوب سودانيين بعد أن سمحت لهم المعارضة الإثيوبية ببيع  أغراضهم والخروج من المعسكر  ومن ثم إحراق المعسكر بشكل كامل من قبل قوات المعارضة الإثيوبية”.

ارواح ازهقت

 احد الفارين من منطقة تونغو يصف لـ(عاين)  ما تعرضوا له  قائلاً ” كنا نايمين .. صحونا على أصوات الرصاص العشوائي ومطالبتنا بالخروج من المنطقة دون أن نعرف هوية المهاجمين”. ويضيف: ” خرجنا من المعسكرات ونحن لانملك شيئا   وتحركنا صوب  السودان مباشرة خاصة وأن هناك اخبار عن تجهيزات لعودة اللاجئين، قطعنا يوم ونصف مشياً على الأقدام وعندما اقتربنا من مدينة اصوصا الثيوبية وصلت عربات المنظمات التي أقلتنا إلى وجهتنا”.

ويتابع: ”  توفى 2 من كبار السن  بسبب الإرهاق وعدم قدرتهم على المشي وعدم توفر  مياه الشرب.. سرنا لمسافات طويلة وعندما وصلنا  الى داخل الاراضي السودانية لم نجد مأوى لكن سارعت المنظمات  في توفير الإيواء”.

ويؤكد المتطوع في رصد الأوضاع الإنسانية للعائدين السودانيين من إثيوبيا إلى مدينة الكرمك السودانية، نور الهدى الامام لـ(عاين)، حدوث وفيات بين كبار السن والأطفال في طريق العودة الى السودان.

ويشير الإمام إلى أنه بين العائدين عدد من الأطفال دون الـ18 بدون عائلات. وأوضح نور الهدي، أن عدد المسجلين في شهر مارس الماضي وصل إلى  1086  أسرة عائدة منها 30 أسرة من جنوب السودان  واسرة  اثيوبية واحدة  مع توقعات بارتفاع الإعداد نسبة للعودة اليومية.

 من جهتها، تقول حكومة  النيل الأزرق انها  شرعت في الإجراءات منذ بداية العودة الطوعية، وقالت رئيس المجلس الأعلى للثقافة والاعلام فواتح النور بشير، “تابعت الحكومة إجراءات الحصر والتسجيل لكل العائدين بعد تقسيمهم الى فئات عمرية ونوعية ومن ثم اتصلنا بالمفوضية لنقلهم الى اماكنهم الاصلية بالتنسيق مع العون الإنساني الولائي لتوزيع  بعض المواد الغذائية المتاحة وأن هناك بعض الوجبات يتم تقديمها في المركز قبل التحرك إلى الموطن الأصلي”.

 الى ذلك قال القيادي الأهلي بمنطقة الكرمك أبو شوتال محمد،  أن معظم سكان الكرمك من العائدين عادوا إلى مناطقهم، وأشار إلى عدم قدرة مدينة الكرمك على استيعاب كل العائدين  خاصة مع تزايد حالات الحمى و الاسهالات المائية  مما يتطلب زيادة سعة المستشفى الأوحد  الذي يقدم الخدمات  وهو مستشفى  الكرمك الريفي الذي يحتوي على ثمانين سريراً فقط.

 وقال ابوشوتال لـ(عاين)، “خلال جولتنا في المستشفى  وجدنا أن هناك ممرض واحد في قسم التطعيم، وطبيب واحد في العيادة العسكرية يقدم خدمات للمستشفى المدني و 8 قابلات يخدمن النساء الحوامل”. وأشار إلى ان  المستشفى يخدم الحالات العادية فقط وأي حالات حرجة يتم تحويلها إلى إثيوبيا على الجانب الآخر من الحدود بالتنسيق مع السلطات المحلية.

مطالبات

ونقل عائدون سودانيون من اثيوبيا في منطقة ديم منصور لـ(عاين) مطالبتهم للحكومتين الولائية والاتحادية بتوفير منازل للعائدين  وتوفير بعض الوسائل التي تساعد على الاستقرار  خاصة وان الاوضاع الصحية في تدهور .

 وقال القيادي الأهلي بالمنطقة، النور منصور لـ(عاين)، “استقبالنا اهلنا العائدين ولكن المنطقة تحتاج الى وقفة من الحكومة الولائية لعدم قدرتها على تلبية احتياجات العائدين “. وشدد المنصور: “على  حكومة الإقليم  الاهتمام بالعائدين والعمل على توفير فرص العيش لبناء السلام الحقيقي في الإقليم قبل الاهتمام بأي شيء”.