هبوط قياسي للجنيه السوداني أمام الدولار وقانون حكومي للحد من نشاط التجار
8-9-2020
هبط الجنيه السوداني في تداولات يوم الثلاثاء في الأسواق الموازية إلى رقم قياسي أمام الدولار الأمريكي. في وقت تحصلت (شبكة عاين) على مشروع قانون لتنظيم تداول النقد الأجنبي واستحدث عقوبات تصل مدتها السجن عشر سنوات للمتاجرين في العملات الأجنبية والسجن 15 عاما لمن يقوم بتهريب الدولار خارج البلاد.
وقفز سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني من 215 جنيها خلال يوم الاثنين، الى 241 جنيها الثلاثاء، وصعد الريال السعودي من 59 جنيها الى 65 جنيها، والدرهم الاماراتي من 62 جنيها الى 68 جنيها.
وعزا متعاملون بالعملات في السوق الموازي، التدني المريع الذي يشهده الجنيه الى جملة اسباب ابرزها الفيضانات التي إجتاحت البلاد، في ظل موارد البلاد الشحيحة من العملات الحرة وتراجع احتياطي السودان من النقد الاجنبي.
وقال متعامل في تجارة العملات بالسوق الموازية، (لشبكة عاين) أن الارتفاع سببه الطلب المتزايد على الدولار. واشار الى ان الحكومة وجهت مبالغ ضخمة كانت مخصصة لإستيراد الوقود والادوية والدقيق لمعالجات الازمات وتوقع ان يصل الدولار الى 270 جنيها موازيا لعملة دولة جنوب السودان.
واصدرت الحكومة مشروع قانون تنظيم التعامل بالنقد الأجنبي لعام 2020م ويتوقع اجازته من قبل مجلسي السيادة والوزراء خلال الأيام القادمة.
وحظر مشروع القانون الذي تحصلت (شبكة عاين) على نسخة منه التعامل بالنقد الأجنبي إلا بالقدر الذي تسمح به اللوائح والاوامر ومنشورات بنك السودان المركزي، كما منع التعامل بالنقد الأجنبي إلا من قبل الاشخاص المرخص لهم والمصارف والجهات المعتمدة.
ويعاقب مشروع القانون المتاجرين بالسجن مدة لاتتجاوز 10 سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبيتن معا، ويعاقب كل من يخرج النقد الاجنبي من السودان أو يشرع في اخراجه بالمخالفة لأحكام اللوائح الصادرة بموجب هذا القانون، بالسجن 15 عاما والغرامة أو بالعقوبتين معا.
ونص المشروع على مصادرة المضبوطات موضوع الجريمة على ان يؤول النقد الاجنبي لبنك السودان المركزي بجانب مصادرة وسيلة نقل الاموال متى ما ثبت ملكيتها للجاني أو غيره، ومصادرة العقار الذي ارتكبت فيه الجريمة.
واوضح الخبير الإقتصادي عبدالله الرمادي، ان ارتفاع الدولار ناتج عن المضاربات بين السماسرة وتجار العملة. وقال (لشبكة عاين) : ليس هناك اي سبب اقتصادي يحدث هذا الأثر ويجعل للدولار 3 اسعار خلال اليوم.
وحمّل الرمادي الحكومة مسئولية الاخفاق الإقتصادي واتهمها بالاساءة لسمعة الصادرات السودانية بعد عودة 25 دفعة من بواخر المواشي السودانية وارجاع الفول السوداني من اندونسيا بسبب آفات زراعية، مما تسبب في توقف الصادر تماما وتسال قائلا: من اين يأتي السودان بالعملات الأجنبية.
واعتبر الخبير الإقتصادي ان المصدر الوحيد المتبقي الآن أمام الدولة هو المغتربين الذين تقدر مدخراتهم مابين 50_60 مليون دولار، غير ان سياسات الحكومة الخاطئة منذ عهد النظام البائد تجبرهم على تحويل 4 مليار فقط سنويا خارج النطاق الرسمي ، لفائدة ذويهم حيث تاتي عبر السماسرة والتجار الذين قاموا بفتح مكاتب في الخليج وكل ما على المغترب فعله تسليمهم المبلغ بالعملة الأجنبية وهم يتولون تحويله لاسرته بالعملة الوطنية بالداخل.
واتهم الرمادي، البنك المركزي و الاجهزة الحكومية بالفشل في التعامل مع قطاع المغتربين الذي تعادل تحويلاتهم عائد القطاع التقليدي الزراعة والثروة الحيوانية المقدرة مابين 3،500 الى 4 مليار دولار. وقال : نصحنا مرارا بالعمل لإيجاد آليات لاستقطاب مدخرات المغتربين وانشاء بنك خاص بهم ومنحهم ضمانات تكفل لهم تحويل ودائعهم في البنوك الخارجية الى البلاد على ان ترد وتحفظ بالعملات الاجنبية.
واشار الخبير الاقتصادي، الى ان توقف الحياة بعد تفشي كورونا وكارثة الفيضان وتكالب الاختلالات المناخية والسياسية تسببت في توقف الصادر وبات ليس بمقدور البلاد الحصول على عملات اجنبية وترك المجال لتجار العملة.
وقلل الرمادي، من تاثير مشروع القانون المقترح لتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي. واكد ان معالجة الظواهر الاقتصادية لايتم عبر الاجراءات الأمنية والبوليسية والملاحقات والسجن، وانما عبر اجراءات إقتصادية مماثلة ومعرفة السبب الرئيسي ومعالجة اس الداء المتعلق بالعجز عن الانتاج والانتاجية وتهريب الذهب.
واشار الى ان الحكومة الجديدة اوقفت الجازولين عن قطاع التعدين الاهلي الذي ينتح سنويا 200 طن من الذهب دون ان يكلف الدولة جنيه واحد، وكشف عن وجود 200 موقع تعدين اهلي حاليا به نحو 2 مليون نسمة يعملون في ظروف قاهرة، وشدد الرمادي على ضرورة الاهتمام بهذه الشريحة بتوفير الوقود والرعاية الصحية والمياه الصالح للشرب والحماية الأمنية وشراء منتجهم بالسعر المجزي والاشراف على تصديره وعدم تركه نهبا للمصدرين لانهم المصدر الوحيد للدولار اذ تبلغ عائداتهم 10 مليار دولار.
واقترح الخبير الاقتصادي ايقاف التهريب بنشر الجيش في المناطق الحدودية أو تخصيص طائرات هيلكوبتر للمراقبة أو التعاقد مع شركة أمنية من الخارج لضبط الحدود. وقال اذا حاولت الحكومة الاستفادة من عائدات الذهب البالغة 10 مليار دولار ومدخرات المغتربين البالغة 4 مليار بجانب عائدات الثروة الحيوانية والزراعة 3500 الى 4 مليار دولار، تعادل اجمالا نحو 17 مليار دولار بينما تحتاج البلاد الى 9 مليار دولار مع فائض يقدر 8 مليار دولار سنويا يمكن لبنك السودان ضخ جزءا منها في البنوك بسعر 20 جنيه وبهذا القرار يمكن ان يهبط سعر الدولار خلال ساعات.