تـأرجح سعر الجنيه يربك تعاملات الأسواق السودانية
عاين -27 يناير 2020م
أربك التأرجح المستمر منذ نحو شهر في سعر صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار ، حركة الأسواق والتعاملات التجارية اليومية، وأدى لارتفاع كبير في أسعار السلع المستوردة والمصنعة محلياً. وصعد سعر صرف الدولار خلال الاسبوع الماضي في تعاملات السوق الموازي ليصل الى 105 جنيها، قبل ان يبدأ في الهبوط نهاية الاسبوع الماضي ليصل الى 94 جنيها ويصعد مجددا مطلع الاسبوع الحالي ليستقر في حدود 97،جنيها، إلا أن أثر ذلك على الأسواق التي ارتفعت فيها الاسعار لم يك واضحاً.
وأرجع تجار ومستوردون الربكة في الأسواق إلى عدم وضوح الرؤية فيما يخص السعر الحقيقي للدولار. وكشفت متابعات (عاين) اضطرار بعض التجار إلى إيقاف حركة البيع بالتزامن مع غلاء الأسعار بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والترحيل وغيرها مما يتعلق في تعاملاته بالدولار، وخاصة مواد البناء وحديد التسليح والأسمنت والمواد الكهربائية. وقال وكيل مصانع الاسمنت في الخرطوم محمد سليمان لـ(عاين)، إنهم أوقفوا تعاملات البيع منذ أيام بسبب ارتفاع الأسعار، وكشف أن سعر شراء طن الاسمنت وصل في الأيام الماضية إلى 11 ألف جنيه سوداني، ولفت إلى حوجتهم لمجاراة أسعار الشراء لكسب أرباح باضطرارهم لبيع الطن يما يقارب ال12 ألف جنيها، ما يعد أمرا مبالغا فيه وصعب المنال بالنسبة للمواطنين المستهلكين.
وأوضح سليمان، أن مصانع الاسمنت تتأثر بشكل مباشر من ارتفاع سعر الدولار بسبب حاجتها لاستيراد مدخلات إنتاج ومواد خام بالدولار، بجانب دفع تكاليف الانتاج للعاملين والترحيل الذي يعتمد على الوقود الذي يتأثر بدوره كذلك، واعتبر أن ذلك يصنع عجزاً في عملية الانتاج في الوقت الذي يقلل ارتفاع الأسعار من القوة الشرائية في الأسواق. وطالب سليمان، بالسيطرة على سوق تجارة العملات الأجنبية في الأسواق الموازية، وأشار إلى توسع حيز المضاربات في العملة في الآونة الأخيرة.
من جانبه، كشف وكيل شركة تعمل في مجال حديد التسليح، كمال الدين عثمان، إن عدم استقرار الدولار في سعر واحد أدى إلى زيادة في كل التعاملات وعلاقات البيع والشراء، وذكر أن الزيادات تشمل حتى أجور العمال والحمالين، وأضاف أن “الزيادات لا تعني زيادات في الأرباح وإنما زيادات في تكاليف العملية الإنتاجية والتوزيعية وبالمقابل تقل الأرباح بسبب ضعف حركة الشراء وإحجام المواطنين عن الشراء بسبب غلاء الأسعار”. وتابع :”الحل لهذه المعضلة لا يمكن ان يكون جزئيا فيما يخص محاربة تجار العملة وإنما يجب ايجاد طريقة من الدولة للسيطرة على ضعف الجنيه السوداني مقابل العملات عن طريق الانتاج، وبالنسبة لنا المصانع العاملة عاجزة عن تغطية حاجة الاستهلاك المحلي ناهيك عن آمال تصدير منتجاتها لجلب الدولار “.
ويرى صحاب شركة في للأدوات الكهربية علي عبد الجبار ، إن الزيادة في سعر الدولار غير مبررة، وإنهم يضطرون كذلك إلى إيقاف البيع المباشر للأسواق بسبب انخفاض قيمة الجنيه الذي يحولونه في النهاية إلى دولار للتمكن من التصدير. وأشار عبد الجبار إلى الركود الذي يصيب الأسواق لجهة تخوف كثيرين من الارتفاع او الانخفاض المفاجئين للدولار، في الوقت الذي يواجه فيه المواطن غلاءا في كل الأسعار، وقال لـ(عاين)، ” نتكبد خسائر طائلة بسبب الفرق في أسعار الدولار.. الأمر الذي يقود لفرق في الأسعار بينه وبين تجار القطاعي الذين تكون أسعارهم للشراء أقل من سعر المستوردين وبالتالي أرباحهم أكثر.
في السياق، طالب الخبير الاقتصادي محمد الناير بضرورة حل أزمة انخفاض قيمة الجنيه السوداني حلا جذريا، وقال لـ(عاين)، “ذلك يلقي بظلاله المباشرة على التعاملات التجارية اليومية في الأسواق”، ونوه إلى أن غياب الانتاج يمثل سببا رئيسيا في عدم استقرار قيمة الجنيه السوداني، وقال :”كنا نتوقع من حكومة الثورة أن يكون تحقيق الاستقرار الاقتصادي أحد أهدافها الاستراتيجية وإيقاف المضاربات في سوق العملة وسيطرة فئة معينة على قيمة الدولار”. ونبه الخبير الاقتصادي إلى خطورة وجود الوسطاء في العمليات التجارية والانتاجية بين المنتج والمستهلك (السماسرة)، وأن وجودهم كوكلاء يزيد من تكاليف الإنتاج والترحيل والكثير من الاموال التي تشكل خصما على القيمة الحقيقية للسلع في الاسواق، وتابع :”هؤلاء هم الخطر الأكبر على المستهلك وعلى المنتج نفسه”.