عصابات النهب تُقلق سكان «الخرطوم» وتغييرات مرتقبة في الشرطة

 4 سبتمبر 2021

بعد ساعات قليلة من انتشار مقطع فيديو يظهر فيه شبانًا ينهبون أحد المارة تحت تهديد السلاح بشارع رئيسي بالخرطوم بحري شمال العاصمة السودانية بمنطقة واقعة بين ضاحيتي شمبات والعزبة أكدت الشرطة أنها أوقفت المتهمين وإيداعهم الحراسة، في وقت كشف مسؤول شرطي عن تغييرات مرتقبة على مستوى وزارة الداخلية والشرطة.

وتعاني العاصمة السودانية من انتشار ظاهرة النهب في الشوارع سيما الطرفية وفي الشهور الأخيرة انتقلت الى وسط الخرطوم وتلقى قسم شرطة الخرطوم شمال الواقع على بعد كيلومترات قليلة من القصر الرئاسي ومجلس الوزراء والنيابة العامة ومقار الحكومة المركزية بلاغات عن محاولة نهب الهواتف النقالة من داخل السيارات او تهديد المارة بالسلاح الأبيض “سواطير وسكين”.

وبدا أن تحرك الشرطة جاء عقب تداول مقطع الفيديو بكثافة على شبكات التواصل الإجتماعية التي استهجنت ترك الجناة وهم يروعون المارة نهارا وليلا والتهديد بالسلاح.

وذكرت الشرطة في بيانها مساء الجمعة أنه بناء على تداول مقطع الفيديو على المنصات الإجتماعية أرسلت دوريات إلى منطقة واقعة بين ضاحيتي العزبة وشمبات وألقت القبض على الجناة وحولتهم الى التحريات.

صورة صادمة

في منتصف العام الحالي رسم تقرير صادر عن مكتب والي الخرطوم واللجنة الامنية لولاية الخرطوم صورة سيئة عن العمليات الإجرامية وتحول شوارع رئيسية بالعاصمة السودانية إلى ملاذات آمنة للعصابات التي تترصد حقائب النساء والهواتف النقالة للمارة وتطور أحيانا الى سرقة السيارات.

ويطلق شعبيًا على عملية نهب الهواتف النقالة “تسعة طويلة” وهي عبارة توضح كيفية نهب هاتف من المارة بالإعتماد على عامل السرعة لاثنين يستقلون دراجة النارية والدوران حول الضحية وخطف الهاتف و الانسحاب سريعا من موقع الحادث.

وكانت الشرطة أوقفت قبل اسبوعين 62 متهما من مناطق متفرقة بالعاصمة السودانية وقالت إنهم درجوا على ارتكاب العمليات الإجرامية ونهب المارة وتهديد السلم.

وتطرق التقرير الصادر عن اللجنة الأمنية لولاية الخرطوم أن الشرطة عندما تلاحق العصابات تصطدم بوجود عناصر تنتمي الى الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام والتي بقيت في العاصمة في انتظار الترتيبات الأمنية.

وأدت هذه التطورات إلى إعلان مجلس الدفاع المشترك الذي يضم العسكريين والمدنيين في السلطة الانتقالية الى تشكيل قوات مشتركة تضم الشرطة والدعم السريع والجيش وجهاز الامن.

والأربعاء الماضي داهمت قوات مشتركة مقرا لحركة تمازج المسلحة في ضاحية سوبا جنوب شرق العاصمة السودانية وأوقفت سبعة متهمين بإطلاق نار على القوات المشتركة التي وصلت إلى المقر لغرض الإخلاء من العناصر المسلحة التابعة لحركة تمازج.

الإنفلات في العاصمة

ويرى الخبير الأمني والضابط السابق في قسم التحقيقات الجنائية عمر عثمان في حديث لـ(عاين) أن ظاهرة الانفلات الامني بدأت العامين الأخيرين بشكل متوسع لأن خطط الشرطة في ذات الوقت لم تكن بالمستوى المطلوب بملاحقة العصابات التي تتجول للنهب وهي غير ملاحقة.

ويعتقد عثمان أن الدوريات الشرطية غير كافية لملاحقة العصابات وهناك حوادث كان يمكن تفاديها مثل الهجوم الذي نفذته هذه العصابات في ليلة رأس السنة عامان على التوالي في كبري الحلفايا وشارع النيل شمال العاصمة السودانية.

وفي الإطار الحكومي يقول منتقدو الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك أنها غير قوية في استخدام صلاحياتها حيال الاجهزة الأمنية والشرطية سيما البنود التي تكفل لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك التدخل وفقا للوثيقة الدستورية.

ويشير المحلل السياسي شمس الدين ضو البيت في حديث لـ(عاين) إلى أن الوضع الأمني يضطرب عقب الثورات الشعبية بنسبة قد تصل إلى 40% موضحا أن المطلوب تقوية الجبهة المدنية المعنية بالانتقال نحو التحول الديمقراطي.

وتابع: “المطلوب هيكلة القوات العسكرية والأمنية ووضعها بما يتماشى مع أهداف ثورة ديسمبر التي جاءت لوضع حد للاضطرابات الامنية والجريمة وهذا يحتاج إلى عمل مدني جبار لمساندة الحكومة الانتقالية سيما الشق المدني”.

مسؤول: الشرطة تحتاج إلى دعم فني كبير وتدريب للتعامل مع الجرائم الوافدة 

وللتعليق على الانفلات الأمني بالعاصمة السودانية وتزايد نهب المارة تحت تهديد السلاح الأبيض وأحيانا الأسلحة النارية تواصلت (عاين) مع مسؤول من دائرة الإعلام بالشرطة الاتحادية والذي اكد في تصريح محدود أن الشرطة تحتاج إلى دعم فني كبير وتدريب الكوادر على التعامل مع الجرائم الوافدة.

فيما يؤكد المسؤول الشرطي ان ولاية الخرطوم ومجلس الوزراء تعهدا بتوفير التمويل للشرطة للقيام بواجبها بزيادة الدوريات والانتشار الواسع في العاصمة السودانية وإعادة أقسام الشرطة التي تعرضت الى الاغلاق سيما في الأحياء الطرفية والأسواق.

تغييرات في الشرطة

وذكر المسؤول الشرطي الذي عدم نشر اسمه، أن وزارة الداخلية وشرطة ولاية الخرطوم تعتزمان تفعيل “السواري الليلية” بتسيير دوريات ليلية بالخيول في جميع المناطق خاصة الطرفية لافتا إلى أن هناك تغييرات مرتقبة على مستوى وزارة الداخلية والشرطة.

لكن المحللة الاجتماعية ايمان حسين تعزو ظاهرة النهب الى تفشي معدلات الفقر مؤكدة في حديث لـ(عاين) أن الإجراءات الاقتصادية دفعت الآلاف الى خارج نطاق سوق العمل والدخل اليومي الذي تآكل أمام انهيار العملة المحلية.

وترى حسين أن معدلات الجريمة تتزايد كلما اتخذت الدولة إجراءات اقتصادية بلا حماية للطبقة الوسطى وطبقة الفقراء لأن الطبقة الوسطى تتهاوى الى طبقة الفقراء بينما الأخيرة تتفكك ويتحول بعض أفرادها الى مشردين عرضة للاستقطاب في العصابات.

وتقول حسين إن الإجراءات الأمنية ليست حلول جذرية لابد من امتصاص البطالة ورفع مستوى دخل الأفراد وتوزيع عادل للثروة وإصلاحات ملموسة في المؤسسات المعنية بالإيرادات المالية وجني الضرائب من الأثرياء لصالح الفقراء.