ماذا وراء ملاحقة اللاجئين السودانيين في مصر؟
عاين- 12 أغسطس 2025
ثلاثة أسابيع قضاها اللاجئ السوداني أنور عبد الرحمن في قسم شرطة وسط القاهرة قبل أن يجد نفسه في مدينة وادي حلفا شمال السودان عقب ترحيله؛ بسبب قوات الأمن المصرية بحجة عدم توفيق أوضاعه القانونية.
غادر أنور عبد الرحمن، الذي خسر متجره في السوق العربي وسط العاصمة السودانية؛ بسبب النزاع المسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع قبل عامين، غادر إلى مصر تاركا حرب السودان وراء ظهره عبر الطريق الواقع شمالي البلاد من مدينة عطبرة حيث الشاحنات التي تشق الصحراء لمئات الكيلومترات، ووصل إلى مدينة أسوان المصرية ثم صعد القطار إلى القاهرة ليلتحق بعائلته التي تقيم في العاصمة المصرية منذ عامين.
تتخذ الحملات التي تنفذها السلطات المصرية طابعا مكثفا خلال هذه الأيام وفق نشطاء في حقوق الإنسان يتابعون بقلق أحوال مئات السودانيين في أقسام الشرطة بين القاهرة والإسكندرية.
وأبلغت ناشطة حقوقية تابعت قضية أنور في مخفر الشرطة بالقاهرة (عاين) أن الشاب السوداني تعرض إلى ضغوط نفسية هائلة؛ بسبب حبسه قرابة ثلاثة أسابيع وترحيله دون إخطار عائلته بالقاهرة، والتي تجنبت زيارته خشية تعرضها لذات المصير.
حملة أمنية ممنهجة
وتوضح حليمة سكر الناشطة الحقوقية التي تتطوع لمتابعة أوضاع السودانيين في أقسام الشرطة بالقاهرة والإسكندرية بأن السلطات المصرية تشن حملة واسعة، وتركز على السودانيين لخفض العدد من قرابة 800 ألف لاجئ إلى النصف.
وأردفت: “ركزت وسائل الإعلام المصرية على القطار الذي ينقل السودانيين أسبوعيا من القاهرة إلى أسوان، حتى يغادروا القاهرة والإسكندرية بالإعلان المكثف حول الرحلات المجانية”.
مصر تعتزم إعادة نصف مليون لاجئ سوداني هذا العام عبر التضييق الأمني
باحث في شؤون اللاجئين
وحتى لا يكون عرضة للحملات الأمنية يضطر عطا فضل المولى 50 عاما وهو لاجئ سوداني للبقاء في المنزل لساعات طويلة مع تجنب الانتقال من منطقة إلى أخرى عبر الحافلة، رغم أنه يحمل بطاقة مبدئية من مكتب الأمم المتحدة في القاهرة إلى حين الحصول على مستندات اللجوء بشكل كامل.
ويقول فضل المولى الذي وصل إلى مصر عبر الطرق غير النظامية من شمال السودان مطلع هذا العام لـ(عاين): “أُبْعِد لاجئين يحملون بطاقة الأمم المتحدة من مصر إلى السودان بواسطة الحملات الأمنية لذلك أخشى أن يحدث ذلك معي”.
زيادة قيود التأشيرة
وفي مدينة وادي حلفا شمال السودان تظاهر العشرات في يونيو 2025 قرب مباني القنصلية المصرية للمطالبة بخفض القيود عن خدمات تأشيرات الدخول إلى مصر خاصة الفئة التي تتلقى العلاج في المستشفيات.
وجاءت الاحتجاجات عقب وفاة لاجئ سوداني في أسوان منحته القنصلية المصرية في وادي حلفا دون مرافق من العائلة، واضطر سودانيون أسوان إلى دفنه بعد إبلاغ عائلته.
ويقول الباحث في مجال الهجرة واللجوء أحمد يعقوب لـ(عاين): إن “الحملات التي تنفذها قوات الأمن المصرية تستهدف خفض عدد اللاجئين السودانيين في مصر إلى أبعد حد، وتتحدى بهذه الإجراءات حتى وكالات الأمم المتحدة التي تسيطر عليها الأطقم المصرية في مكاتب القاهرة والإسكندرية، ولا تقدم تقارير مستقلة إلى مفوضية شؤون اللاجئين بالأمم المتحدة”.
ويرى يعقوب، أن السلطات المصرية لن توقف الحملات الأمنية قبل إعادة نصف عدد اللاجئين السودانيين قبل نهاية العام؛ ولذلك وتيرة الحملات أصبحت مرتفعة ويضيف قائلا: “رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس خلال زيارته إلى القاهرة الأسبوع الماضي تجاهل نقاش أوضاع اللاجئين السودانيين؛ لأن حكومته تؤيد هذه الحملات لاستعادة الحياة في العاصمة السودانية”.
مصر لا تعادي الإسلاميين
كما ألقت السلطات المصرية القبض على قائد كتيبة البراء بن مالك العسكرية المتحالفة مع الجيش السوداني المصباح أبوزيد طلحة في القاهرة، وأودع هذا الشاب الذي أظهر تشددا ضد الأحزاب السياسية والقوى المدنية في السودان خلال الحرب في مركز أمني بالقاهرة.
ويقول الباحث في الشأن الاستراتيجي محمد عباس لـ(عاين): إن “احتجاز قائد كتيبة البراء بن مالك ذات التوجهات الإسلامية من قبل السلطات المصرية لا يعني معاداة مصر للإسلاميين في السودان بقدر ما أن هذا الأمر تنسيق بين قائد الجيش السوداني والسلطات المصرية لترويض هذه المجموعات”.
لم يصدر عن رئيس الوزراء السوداني والمصري أي تعليقات حول أوضاع اللاجئين السودانيين
باحث في مجال الهجرة
ويرى عباس، أن مصر لا تُعادي الإسلاميين في السودان بشكل واضح، وتفضل سياسة الاحتواء وهي قادرة على ذلك خاصة خلال الحرب وما بعدها لذلك الاعتقال ليس بالإجراء الراديكالي من الجانب المصري تجاه الإسلاميين.
ويشير عباس، إلى أن زيارة رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس إلى القاهرة مؤخرا، بدلا من التركيز على وضع اللاجئين السودانيين اتسمت بالطابع الاجتماعي ولم تحقق أي خطوات ملموسة أو اتفاقات قد تساعده على ترميم الخدمات الأساسية في العاصمة السودانية.