السودان: فترة انتقالية محاصرة بالاضطرابات، كيف تخطط الحكومة لإطفائها؟

12 اكتوبر 2021

تواجه الحكومة الانتقالية في السودان احتجاجات مطلبية متفرقة في أنحاء البلاد منذ نهاية شهر سبتمبر الماضي ولا تزال الطرق الرئيسية مغلقة في ولايتي البحر الأحمر وشمال كردفان وهي طرق حيوية تربط بين موانئ التصدير ومناطق الإنتاج والاستهلاك.

وتتزامن هذه الإحتجاجات مع أزمة سياسية بين المكون العسكري والمدني في مجلس السيادة الانتقالي ومجلس الوزراء وقد تستمر التظاهرات واغلاق الطرق وتعطيل استخدامات البنية التحتية في ظل عدم اتفاق العسكريين والمدنيين على رؤية مشتركة لهذه الأزمات طبقا لمسؤولين.

وكان عضو مجلس السيادة الانتقالي محمد الفكي صرح في مقابلة تلفزيونية قبل اسبوعين ان ازمة الشرق حلها في العاصمة السودانية في إشارة إلى حل خلافات العسكريين والمدنيين أولا حتى يتمكنا من الاستجابة لمطالب قادة الاحتجاجات في الشرق.

عزلة الموانئ

ومنذ منتصف سبتمبر يغلق المئات من أنصار رئيس تنسيقية نظارات البجا والعموديات المستقلة موانئ بورتسودان والطرق الرئيسية وشل حركة الشاحنات التي تنقل القمح والأدوية الى البلاد.

الاحتجاجات شملت ولاية شمال كردفان في منطقة بارا اغلق العشرات طريقا حيويا يربط بين العاصمة السودانية وغربي البلاد واقليم دارفور ولا تزال الباصات والشاحنات متوقفة في انتظار استئناف حركة المرور.

أما شمال السودان أنهت الحكومة الانتقالية الشهر الماضي احتجاجات كادت ان تؤدي الى ايقاف سد مروي لتوليد الكهرباء بتدخلات مباشرة وإنهاء حصار العاملين في السد.

كما يحتج المئات من سكان مدينة ابوحمد شمال السودان بولاية نهر النيل على استثمارات شركة مغربية تنقب في الذهب ويقولون إنها تستغل الموارد ولا تعود على المنطقة.

ويعتقد المحلل السياسي وعضو لجنة الخبراء في وفد التفاوض في اتفاقية جوبا ممثلا لقوى الحرية والتغيير شمس الدين ضوء البيت في تصريحات لـ”عاين” أن الاضطرابات سمة بارزة في الفترات الانتقالية وقال إن هذه الفترة قد تصل مرحلة الاضطرابات الأمنية والإنفلات إلى نسبة 40%.

الفلول في المشهد

ويرى ضوء البيت أن المؤسسات الحكومية في الولايات والعاصمة السودانية لا تزال تعج بفلول النظام البائد مشيرا إلى أن حملات شيطنة لجنة التفكيك انطلقت لحماية “الفلول” في الولايات والمؤسسات المدنية والعسكرية.

وربط ضوء البيت استقرار الفترة الانتقالية بتفكيك التمكين السياسي لحزب المؤتمر الوطني مستدلا على ذلك بتصريحات القيادي في النظام البائد احمد هارون الذي رهن الاستقرار البلاد بوجود النظام ضمن المعادلة السياسية.

وأشار ضوء البيت إلى أن الاضطرابات بعضها مصنوعة بواسطة قوى اقليمية تريد عرقلة التحول الديمقراطي في السودان لنهب موارده لافتا إلى أن الحل توسيع الجبهة المدنية وصنع سياسات اقتصادية وتنموية تشمل جميع السودانيين لإزالة المظالم وشح التنمية.

ويوضح ضوء البيت أن اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة شملت 273 بندا لم تنفذ سوى عشرة بنود واغلب البنود التي لم تنفذ خاصة بالتنمية والثروة والعدالة الانتقالية ورد الحقوق والمظالم.

ويسلط خبراء بالحكم المحلي الضوء على قضايا وحقوق لا تزال الدولة تستخف مشيرين إلى ان عدم الاستجابة الحكومية دفعت المواطنين الى التعبير عنها بالاحتجاجات وإغلاق الطرق .

ويقول الخبير في قضايا التنمية خالد شمبول في إفادات لـ”عاين” إن الدولة تستخف بالحقوق والمطالب التي تخص المواطنين ولذلك تندلع الاحتجاجات بين الفينة والأخرى مشيرا إلى أن الحكومة الانتقالية ضعيفة في صنع أجهزة تصنع علاقة بينها وبين المواطنين عن طريق الحكم المحلي واكتفت بمستوى تعيين الولاة فقط وذكر أن مشروع قانون الحكم المحلي 2021 معيب جدا ولا يتناسب مع تطلعات السودانيين.

ويؤكد شمبول أن اتفاقية السلام لم تلب طموحات السودانيين ولا تزال بعيدة عن واقعهم اليومي ولفت إلى أن الحكومة بطيئة في التدخلات لحل الأزمة وتتأخر ولا تدري أنها تستفحل وتتحول إلى أزمة كبيرة.

ضعف الدولة

ويرى شمبول أن الأزمة الاقتصادية لم تُقابل بتدابير لحماية الشبكات الاجتماعية إما بالمشروع التنموي أو الإعانات المباشرة وحتى مشروع ثمرات لم يحقق الأهداف المطلوبة لمقابلة الإجراءات الاقتصادية.

وينوه شمبول إلى أن تحميل  عناصر النظام البائد مسؤولية الاضطرابات غير منطقي هذا يعني أن الحكومة الانتقالية وأجهزتها ضعيفة لدرجة أن الفلول لديهم قدرة في التغلغل في أوساط المجتمع والكيانات واثارة التوترات.

وتابع: “الدولة غير قادرة على الوصول إلى المجموعات السكانية على مستوى البلاد وهذه الاضطرابات نتيجة تراكم مظالم ونقص التنمية والفقر وعدم توزيع السلطة والثروة كما نصت اتفاقية السلام الموقعة في جوبا في 2020”.