السودان يواجه صعوبات في جذب (5) مليار دولار تحويلات المغتربين
1 فبراير 2012
وضع السودان إجراءات مرنة لجذب التحويلات المالية للعاملين بالخارج عبر المصارف، لكن سباقًا بدأ بين تجار العملات في السوق الموازي والبنوك المحلية، وصعد الدولار في السوق الموازي خلال ساعات ليصل إلى (345) جنيهًا اليوم الاثنين.
وأصدر البنك المركزي السوداني مطلع الأسبوع الجاري توجيهًا إلى المصارف بفتح نوافذ لتحويلات المغتربين وفقًا لسعر الصادر والوارد وهو سعر يقل عن السوق الموازي بشكل طفيف جدًا.
وتستهدف الحكومة السودانية جذب نحو خمسة مليارات دولار هي تحويلات المغتربين التي يجرونها عبر تجار العملات، لكن حتى الآن لم تصدر ردود الأفعال بشأن الإجراءات الجديدة خاصة وسط المغتربين حيث أعلن تجار عملة أن الوضع كما هو لم يتأثر بمنشور البنك المركزي.
ويقول وليد عبد المنعم (42) عامًا، وهو مقيم في العاصمة السعودية الرياض إن التحويلات التي يجريها شهريًا بواقع ألف ريال سعودي تُسلم إلى عائلته في مدينة كسلا في نفس اليوم ولكن عندما أقوم بالتحويل المال عبر المصرف فإنني لا أجده قريبًا من مقر إقامة عائلتي وقد تبعد كيلومترات.
وتابع “تاجر العملة يقدم خدمات إضافية بإيصال التحويلات في نفس اليوم عبر محادثة هاتفية فقط”.
وتتراوح التحويلات السنوية للمغتربين سنويًا بين خمسة مليار دولار إلى أربعة مليار دولار أغلب هذه الأموال يتسلمها تجار خارج البلاد ويتم تحويلها بالجنيه السوداني في الداخل مقابل بيع النقد الأجنبي إلى المستوردين ويطلقون عليه “تسليم الخارج”.
اجراءات مبهمة:
ويوضح مصدر من بنك السودان المركزي في مقابلة مع (عاين)، أن القرار لم يوضح طريقة بيع البنوك المحلية للتحويلات هل بالسعر الموازي أم السعر الرسمي. مشيرًا إلى ان الإجراءات مبهمة وغير مشجعة ولن يكتب لها النجاح.
فيما يرى المحلل الاقتصادي وائل فهمي، أن الإجراءات المصرفية الجديدة التي أعلنها السودان من شأنها أن تجذب تحويلات المغتربين لكنها منقوصة لأن المطلوب هو لجم السلع الكمالية أيضًا واصلاح المصارف.
وأوضح لـ(عاين)، أن بعض الصرافات تعمل في تجارة العملة مثل التجار وهم جزء من الأزمة.
لكن عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير-التالف الحاكم- تجاني حسين، يشير إلى أن السياسات الاقتصادية إجمالًا خاطئة ومدمرة وتهدد التحول الديمقراطي.
ويشدد على أن السياسات المصرفية الخاصة بتحويلات المغتربين ليست بإستثناء عن خطط صندوق النقد الدولي بالضغط على وكلائه “الحكومة الانتقالية”.
ويرى حسين، أن جذب تريليونات الدولارات عبر القطاع المصرفي يحدث عندما تقوم الحكومة بخدمة القطاع العام وعدم تسليع الخدمات منتقدًا تخلصها من القطاع العام واتجاهها إلى تحرير تحويلات المغتربين.
وأضاف: “سعر الدولار في السوق الموازي غير واقعي وقائم على المضاربات والحكومة تنساق وراء السوق الموازي وتترك أهم الموارد التي تكبح لها سعر الصرف مثل واردات الذهب و المنتجات المحلية بتسليم نفسها بالكامل إلى القطاع الخاص”.
بينما يرى مصدر من بنك السودان المركزي، أن النظام البائد طبق الإجراء في آخر سنواته وتمكن من ردم الهوة قليلًا بين السعر الرسمي والموازي بمنح المغتربين حوافز تفضيلية وهبط الدولار من 33جنيهًا إلى 29 جنيهًا في السوق الموازي وكان السعر الرسمي 18جنيهًا.
وأردف المصدر المصرفي قائلًا : “لاحقًا تدخلت شبكات فساد من داخل البنوك وعطلت هذه الإصلاحات وعاد الدولار في السوق الموازي مجددًا ليصعد عاليًا”.
وأضاف المصدر : “ثمة تداخل وعلاقة بين تجار العملات ومسؤولي البنوك لن تسمح بأية اصلاحات دون تغييرات جذرية بدءً من البنك المركزي وحتى البنوك التجارية وهل حققت معها الحكومة كيف وأين تصرف مواردها من النقد الأجنبي وفي الإجراء الجديد كيف ستتعامل مع التحويلات”.
دفاع حكومي:
ويدافع مسؤول حكومي مقرب من الطاقم الاقتصادي لرئيس الوزراء في مقابلة مع (عاين) عن السياسات الجديدة قائلاً إن السعر الرسمي للصرف بواقع 55 جنيها أصبح على الورق جميع الإجراءات تتم بالموازي لقد تم تحرير الوقود والكهرباء الى حد كبير وتحرير الخدمات الصحية لم يتبق سوى تحويلات المغتربين ولم يعد مقبولًا أن تجذب البنوك التحويلات بسعر 55 جنيها والتجار يضعون 340 جنيها الفرق شاسع جدا وإذا لم نعمل على ردم هذه الإجراءات لن نجذب التحويلات”.
وتابع : “الإجراءات ستخضع لاحقًا إلى تحسينات جديدة بمنح حوافز تفضيلية مثلا إعفاءات جمركية للمعدات الزراعية والعقارات “.
وبحسب منشور البنك المركزي السوداني وجه البنوك بتخصيص تحويلات المغتربين لاستيراد السلع الأساسية ومنح النقد الأجنبي لأغراض السفر في نفس اليوم.
ويضيف المسؤول الحكومي إن : “المجتمع الدولي لن يقرض السودان إذا أراد شراء السلع الأساسية بأموال المانحين ولذلك قررنا جذب تحويلات المغتربين لاستيراد السلع الأساسية”.