ثورة السودان..مسارات الحوار والتأهب لـ(مليونية 30 يونيو)
20 يونيو 2022
تستعد لجان المقاومة وقوى المعارضة السودانية في الخرطوم العاصمة والولايات للخروج في مليونيات حاشدة في الثلاثين من يونيو القادم، بهدف إسقاط إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر وتكوين الحكومة الانتقالية المدنية الديمقراطية.
وكان ملايين السودانيين خرجوا في الثلاثين من يونيو 2019تنديداً بالمجزرة التي أُرتكبت أمام محيط القيادة العامة للجيش السوداني، ورفضاً لانفراد العسكريين بالحكم، الأمر الذي أسفر عن بدء جولة جديدة من المفاوضات التي أفضت للتوقيع على الوثيقة الدستورية التي عاد وانقض عليها العسكريين في الـ 25 من أكتوبر العام الجاري.
“الثلاثين من يونيو رسالة ذات صدىً عميق تفيد بأن الجماهير الثورية تعد جزءً أساسياً من من المعادلة السياسية ومن مستقبل البلاد، يقول المتحدث الرسمي بإسم لجان مقاومة مدينة الخرطوم، حسام علي لـ(عاين)، ويضيف:”لم يعد من الممكن تجاهل القوى الثورية الحقيقية أو التعامل معها كأنها ليست موجودة”
متحدث بأسم لجان مقاومة الخرطوم: الحراك الذي تقوم به لجان المقاومة يهدف لقطع الطريق أمام أي تسوية سياسية تتجاوز أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير
ويشير علي إلى أن أهمية الحراك الذي تقوم به لجان المقاومة يهدف لقطع الطريق أمام أي تسوية سياسية تتجاوز أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير.
ومنذ بداية الشهر الجاري، تنظم لجان المقاومة تظاهرات الأحياء بشكل دائم بالتركيز على أحياء مثل بري شرقي الخرطوم، فيما ظلت لجان المقاومة بأحياء الكلاكلة جنوبي الخرطوم تخرج في تظاهرات حاشدة بصورة شبه يومية. فضلاً على أن لجان المقاومة تستمر في تنظيم التظاهرات المركزية المنددة بالانقلاب العسكري والتي تطالب بالحكم المدني الديمقراطي.
لكن المتحدث الرسمي للجان المقاومة يقول أن الإعداد لمليونية الثلاثين من يونيو القادم يجري بواسطة كل الأجسام السياسية والمدنية والمهنية وليس حكراً على لجان المقاومة.
منتصف الشهر الجاري، دعت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي عبر بيان لمواكب الثلاثين من يونيو من أجل وحدة قوى الثورة وهزيمة الإنقلاب العسكري.
وجه المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير لجان التنظيم والإعلام والميدان بالتحضير الواسع للحراك الجماهيري القادم بالتنسيق مع جميع قوى المقاومة.
توحيد قوى الثورة
تبذل لجان المقاومة جهوداً حثيثة من أجل الوصول إلى ميثاق سياسي موحد يعمل على توحيد قوى الثورة الحية. والخميس الفائت التقت لجان المقاومة ومجموعة “غاضبون بلا حدود” لمناقشة قضية توحيد قوى الثورة السودانية من لجان مقاومة واجسام ثورية بالإضافة لتوحيد ودمج جميع مواثيقها.
وقالت مجموعة غاضبون ــ إحدى الأجسام المقاومة ـــ في بيان إنها بصدد التوقيع على ميثاق لجان المقاومة المعنون بـ”الميثاق الثوري لسلطة الشعب”مؤكدة دعمها الكامل للخطوات التي تمت بين لجان مقاومة الخرطوم والولايات من أجل توحيد المواثيق.كما وصفت الخطوة بالمتقدمة في سبيل توحيد قوى الثورة والوصول إلى ميثاق سياسي يوحد جميع قوى التغيير الجذري.
ووفقاً للبيان، فإن الجانبان تمسكا بشعار “لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية” مشددين على أن عملية توحيد قوى التغيير الجذري حول ميثاق موحد هي الخطوة الأساسية والمفصلية في طريق هزيمة الانقلاب.
في بيانها المُشار إليه اعتبرت قوى الحرية والتغيير أن وحدة قوى الثورة هو الشرط الأهم لتحقيق الأنتصار على الإنقلاب.
الأربعاء الماضي، أجاز المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير وثيقة مطلوبات وإجراءات إنهاء الإنقلاب، تمهيداً لعرضها والتشاور حولها مع قوى الثورة الأخرى، قبل عرضها على الآلية الثلاثية المشتركة المكونة من بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي والاتحاد الأفريقي والإيغاد.
وتتكون وثيقة متطلبات وإجراءات إنهاء الإنقلاب التي أعدتها قوى الحرية والتغيير من ثلاثة أقسام، القضايا الإجرائية وأسس الحل السياسي المفضي لإنهاء الإنقلاب وخطوات إنفاذ خارطة طريق إنهاء الإنقلاب.
وقال القيادي بالحرية والتغيير المجلس المركزي شهاب الدين لطيب لـ(عاين): إن الحرية والتغيير طرحت ثلاثة آليات لإسقاط إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر تتمثل في الحراك الجماهيري والضغط الأقليمي والدولي والعملية السياسية، مشيراً إلى أن هذه الآليات الثلاثة تتكامل مع بعضها البعض، مشيراً إلى عدم وجود آلية تعمل بشكل منفرد تستطيع إسقاط الانقلاب.
ولفت الطيب، إلى ضرورة إستمرار الحراك الجماهيري داعياً لضرورة أن تؤثر مليونية الثلاثين من يونيو على الواقع السياسي الماثل بالطريقة التي تقود إنهاء الإنقلاب.
وأوضح أن رؤية قوى الحرية والتغيير المعنونة بإنهاء الإنقلاب والتأسيس الجديد للمسار الديمقراطي ، لم يتم تسليمها لأي جهة مشيراً إلى أنها مطروحة لجماهير الشعب السوداني، كما تم إرسالها لقوى الثورة من أجل مناقشتها وإبداء الملاحظات اللازمة حولها حتى يتم رفعها لتكون بمثابة ممثل لأراء تيارات سياسية أوسع من قوى الحرية والتغيير.
وأشار إلى أن الحرية والتغيير لا تعمل وحدها من أجل إنهاء الانقلاب، بل هناك قوى ثورية أخرى شريكة تعمل لذات الهدف المتمثل في إنهاء الإنقلاب.
مرحلة مقبورة
في إجتماع ضمّ ضباط القوات المسلحة والدعم السريع، الأربعاء الماضي قال رئيس مجلس السيادة الإنقلابي عبد الفتاح البرهان، في معرض حديثه إنه “لن يعقد أي تحالف ثنائي مع أي جهة محددة”.
وفي ذلك يقول القيادي بالحرية والتغيير، شهاب الدين الطيب: “إذا كان “البرهان” يقصد بحديثه العودة للشراكة بين المدنيين والعسكرين، فالحرية والتغيير لا ترغب بأي شراكة جديدة، بل تعمل على إنهاء الانقلاب وإبعاد العسكريين من العملية السياسية”.مشيراً إلى أن قبول الحرية والتغيير بالحوار لا يعني عودتها إلى ما قبل 25 أكتوبر مشدداً على أن تلك مرحلة قُبرت ولا يمكن العودة لها.
وأوضح أن الحرية والتغيير تقوم بتحمل مسؤولياتها السياسية بسعيها لإيجاد حل للأزمة التي قاد إليها الإنقلاب، مشيراً إلى أن الحرية والتغيير لديها تصور واضح لن تحيد عنه، مضيفاً إلى أنهم عازمون مشاركة الشعب السوداني في كل مستجدات العملية السياسية.
الخميس قبل الماضي إلتقى المجلس المركزي للحرية والتغيير بالعسكريين، في أول إجتماع معلن بين الجانبين عن طريق وساطة أمريكية ــــ سعودية، الأمر الذي قاد الآلية الثلاثية المشتركة تعليق جولات المحادثات المباشرة بين الأطراف السودانية، لا سيما وأن قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” أعلنت مقاطعة تلك المحادثات.
لجان المقاومة التي تتبنى سياسياً اللاءات الثلاثة “لا تفاوض، لا شراكة، لا شرعية” ترى على لسان المتحدث الرسمي بإسمها حسام علي، أن مواقف قوى الحرية والتغيير مربكة مما يُعزز عدم ثقة الشارع بها”
استعادة المسار
وفيما يتصل بالوساطة الأميركية ـــ السعودية، يعتبر السفير السابق الرشيد أبو شامة أن الولايات المتحدة الأمريكية ترغب بشدة في إستعادة المسار المدني الديمقراطي في السودان.
وفي التاسع من الشهر الجاري عقد وفد من الحرية والتغيير إجتماعاً مع قادة الجيش، بدعوة من مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية مولي في، وسفير المملكة العربية السعودية في الخرطوم، علي بن حسن جعفر.
وسارعت وقتها قوى الحرية والتغيير بالقول إنها طرحت في الاجتماع ضرورة إنهاء الانقلاب وتسليم السُّلطة للشعب عبر خارطة طريق واضحة وقاطعة في إطار عملية سياسية تضم الحرية والتغيير والقوى التي قاومت الانقلاب.
وتجدد اللقاء مساء أمس عندما عقد ممثل للحرية والتغيير المجلس المركزي لقاءً مع القادة العسكريين بدعوة أمريكية ـ سعودية بمنزل السفير السعودي علي حسن بن جعفر بحضور القائم بالأعمال الأمريكي لوسي تاملين وممثل قوى الحرية والتغيير عضو المكتب التنفيذي طه عثمان ومن الجانب العسكري عضو مجلس السيادة الانقلابي شمس الدين كباشي، فيما لم يتم الإعلان عن ما أسفر عنه الاجتماع.
ويعتبر أبو شامة في مقابلة مع (عاين) أن حديث البرهان بعدم عقد أي تحالف ثنائي مع أي جهة ينبئ عن تغير موقفه فيما يخص حل الأزمة السياسية عبر الحوار، مشيراً إلى أن البرهان شعر أن قوى الحرية والتغيير ” المجلس المركزي” ربما تستمر في العملية السياسية الأمر الذي ربما يقود إلى إعادة السلطة للمدنيين.
وحول إستراتيجية الولايات المتحدة في السودان، يشير أبو شامة، إلى أن السودان يتمتع بموقع جغرافي هام يطل على البحر الأحمر، مع وجود مطامع روسية تشكل خطراً على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة.
وأشار أبو شامة، إلى أنه حالة إستمرار تمسك العسكريين بالسلطة فمن المتوقع مضي الولايات المتحدة الأمريكية في إيقاف المساعدات نهائياً عن السودان بالإضافة إلى إحتمال لجوئها لإستخدام حلول ذات طابع إستخباراتي لتحقيق إستراتيجيتها في المنطقة وإيقاف التوغل الروسي في منطقة البحر الأحمر.
ولفت إلى أن العسكريين فقدوا السند الأمريكي، لذا فهم يعملون على إقامة صلة قوية مع روسيا. مشيراً إلى أن روسيا لديها مصالح خاصة مع العسكريين خصوصاً قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو الذي زار روسيا في الفترات الماضية.
فيما يعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين، مصعب محمد علي إن “الرؤية” التي قدمتها قوى الحرية والتغيير يمكنها المساهمة في حل الأزمة السياسية في السودان باعتبار أن الحرية والتغيير تعد من الفاعلين المؤثرين فيها.
كما يرى علي في حديث لـــ (عاين) أنه من الممكن قراءة “الرؤية” في سياق أنها موقف تفاوضي قابل للحوار والأخذ والرد في بنودها، مشيراً إلى أن ذلك سيكون منهج الحرية والتغيير” المجلس المركزي” في الحوار القادم.
وتوقع أستاذ العلوم السياسية وجود استجابة من العسكريين للرؤية السياسية التي قدمتها قوى الحرية والتغيير” المجلس المركزي” مشيراً إلى أن ذلك سيتم عبر إستمرار التفاوض بين الجانبين، على أن تُضاف بنود “الرؤية” لبقية الأجندة التي تطرح في الحوار.
وتعليقاً على حديث “البرهان” الذي أشار فيه بعدم عقد أي تحالف ثنائي مع أي جهة محددة” يقول أستاذ العلوم السياسية بأن التصريح يمكن أن يُقرأ في سياق رؤية العسكريين بأن الحوار يمكن أن يكون بين كل القوى السياسية عدا المؤتمر الوطني. وأشار إلى أنه بذلك يريد تقديم تطمينات للقوى السياسية التي جلست للمرحلة الأولى من بدء الحوار الذي تسيره الآلية الثلاثية والاحتفاظ بهذه القوى السياسية كآلية ضغط حالة إستمر التفاوض بين قوى الحرية والتغيير ” المجلس المركزي” والعسكريين.