الحراك المدني في القاهرة.. رؤى متقاربة لحل الأزمة السودانية
26 يوليو 2023
شهدت العاصمة المصرية القاهرة اليومين الماضيين حراكاً سياسياً مكثفاً لقوى مدنية سودانية. وأطلق تحالف قوى الحرية والتغيير -المجلس المركزي- مبادرة تهدف إلى وقف الحرب في السودان وتشكيل جبهة مدنية سياسية تضم الفرقاء عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول، في وقت دعا قادة قوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية، إلى “تشكيل جبهة وطنية عريضة لتوحيد الخطاب السياسي وإنهاء أزمة الحرب”.
وبعد يومين من الاجتماعات في القاهرة، أجاز تحالف الحرية والتغيير – المجلس المركزي- رؤية سياسية تهدف لوقف الحرب في السودان واستعادة التحول الديمقراطي، وقال البيان الختامي للاجتماع الثلاثاء إنه “أجاز الرؤية السياسية لإنهاء الحروب وتأسيس الدولة السودانية الجديدة عبر مشروع نهضوي جديد يحقق السلام المستدام ويقيم نظاماً مدنياً ديمقراطياً يحترم التنوع السوداني ويحسن إدارته ويبني جيشاً مهنياً قومياً واحداً ينأى عن السياسة ويخضع للسلطة المدنية”.
وفي السياق ذاته، دعا قادة قوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية، في مؤتمر صحفي بالقاهرة، الثلاثاء، إلى “تشكيل جبهة وطنية عريضة لتوحيد الخطاب السياسي وإنهاء أزمة الحرب”، وفق مراسل الأناضول.
وقال رئيس الكتلة الديمقراطية جعفر الميرغني، إن “السودان بحاجة ماسّة وجادّة لتوحيد خطاب الحل السياسي لأزمة الحرب”، مؤكدًا على أهمية “تشكيل جبهة وطنية تدعم الجهود المبذولة دوليا وإقليميا لإيقاف الحرب”.
وتضم قوى الحرية والتغيير – الكتلة الديمقراطية، حركات مسلحة وقوى مدنية، من بينها حركة “العدل والمساواة” بقيادة جبريل إبراهيم، وحركة “تحرير السودان” بزعامة مني أركو مناوي، والحزب الاتحادي الأصل فصيل جعفر الميرغني.
وإزاء هذه الدعوات لتوحيد القوى المدنية، قال عضو في المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير -المجلس المركزي لـ(عاين)، أن تحالفه يعتزم التواصل مع الحرية والتغيير -الكتلة الديمقراطية لخلق أرضية مشتركة تتفق على إيقاف الحرب أولا ثم الانخراط في العملية السياسية مع الإبقاء على الاتفاق الإطاري وتعديله اذا استدعى ذلك وفق الاتفاق مع الأطراف المدنية.
وقال الباحث في مجال الديمقراطية والسلام عثمان أحمد، لـ(عاين)، إن “قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، تستعد للعملية السياسية المتوقعة عقب وقف إطلاق النار المتوقع في مفاوضات جدة لكنها تحاول التحالف مع الكتلة الديمقراطية لإضعاف معسكر الإسلاميين الذي يعتمد سياسيا على هذه الكتلة لإفشال العملية السياسية المتوقعة كما فعل مع الاتفاق الإطاري“.
ويرى عثمان، أن القاهرة قد تجد في الحرية والتغيير “المجلس المركزي ” تحالفا مدنيا يمكن التعويل عليه لأنه يحظى بالقبول الدولي والداخلي لذلك خطوات القاهرة التي رتبت اجتماعات “المجلس المركزي” ستتبعها خطوات أخرى نحو مزيد من التحالف بين المدنيين.
وأردف عثمان:”هذا لا يعني أن القاهرة تريد تحالفا مدنيا لصناعة ديمقراطية في السودان بل تحالف يكون تحت السيطرة إلى حد ما في القضايا المشتركة بين البلدين مثل سد النهضة والتجارة الحدودية ومثلث حلايب وشلاتين”.
ويضيف عثمان: أن “الوضع في السودان لم يعد كما كان قبل الحرب ولا يمكن إحياء الاتفاق الإطاري، لكن قد تُشكل مصر عملية سياسية جديدة وتحاول انتزاع الملف السوداني من كينيا وإثيوبيا”. وأردف:”حتى إذا عقدت العملية السياسية التفاوضية في بلد آخر تسعى القاهرة الى التأثير عليها بخلق تحالفات جديدة بين القوى المدنية السياسية السودانية “.
طموح الجيش
من جهته، يرى المحلل السياسي أحمد مختار، أن خطوة “المجلس المركزي” بعقد اجتماعات القاهرة تعني تحول هذا التحالف في علاقته مع مصر بالانتقال الى “نوع من الود” لأن الرئاسة المصرية رتبت لهذه الاجتماعات وعقدت بضمانات منها في ذات الوقت فإن الحرية والتغيير تعلم تماما المطلوب منها وهي لم تقدم تنازلات مجانية بل هي تكتيكية لأن الولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي والإيجاد والمملكة العربية السعودية يدعمون هذا التحالف بقوة.
فيما يعود الباحث في مجال الديمقراطية والسلام عثمان أحمد، ويشدد على صعوبة نجاح العملية السياسية التي تقودها القوى المدنية بعد توقف الحرب لأن الجيش في السودان ما زال طامحا في السلطة ولا يمكن له تقديم تنازلات، بالتالي مرجح أن لا يقف الجيش متفرجا بل سيعمل على خلق حاضنة سياسية مناوئة للعملية السياسية للحصول على مكاسب وتمثيل في السلطة المدنية والعملية الدستورية.