السودان:مبادرات حلول سياسية على طاولة الانقلاب العسكري
21 أبريل 2022
لجأ قادة الحكومة العسكرية في السودان بعد نحو ستة أشهر من تنفيذهم انقلابا عسكريا أطاح بشركائهم المدنيين في الحكومة الانتقالية إلى التهدئة ومطالبتهم المستمرة بالتوافق والحوار السياسي بين القوى السياسية لتجاوز الأزمة.
وطرح قائد الانقلاب الفريق عبد الفتاح البرهان الذي فشل في تشكيل الحكومة الانتقالية مبادرته المتمثلة في أربعة محاور، تشمل إطلاق حوار شامل مع جميع القوى السياسية والاجتماعية عدا حزب المؤتمر الوطني، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة لقيادة ما تبقى من الفترة الانتقالية. كما تشمل المبادرة إجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية لتواكب متغيرات مشهد البلاد السياسي، والتأكيد على قيام انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية.
توازي تحركات العسكريين مجهودات الآلية المشتركة التي تضم البعثة الأممية في السودان “يونتاميس”، والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا “إيغاد”. وطرحت الآلية هي الأخرى أربع محاور للحل هي “ترتيبات دستورية، وتحديد معايير لاختيار رئيس الحكومة والوزراء، وبلورة برنامج عمل يتصدى للاحتياجات العاجلة للمواطنين، وصياغة خطة محكمة ودقيقة زمنيا لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة”.
تحالف الحرية والتغيير- المجلس المركزي- الذي تقاسم السلطة مع العسكريين عقب الاطاحة بالرئيس البشير في 11 أبريل 2010، قال في بيان صادر عنه 18 أبريل الجاري، “نعم للحل السياسي الذي يحقق مطالب الثورة”، لكنه رفض الاجتماع التحضيري المزمع للحوار والذي دعت له الآلية المشتركة.
ويقول القيادي في قوي الحرية والتغيير، ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر يوسف الدقير لـ(عاين)، ان “موقهم ثابت من الانقلاب، لا يعترفون بالسلطة الانقلابية غير الشرعية”.
فيما يرى القيادي بقوى الحرية والتغيير (ب) حيدر الصافي- المنشق عن المجلس المركزي- ان التسوية السياسية القادمة يجب ان لا تحقق مكاسب سياسية، ويقول حيدر لـ(عاين)، “التسوية يجب ان تحقق الاستقرار السياسي، والاقتصادي والامني للشعب السوداني، وتمنع البلاد من الانزلاق نحو التدهور الامني الذي يهدد تماسكها ووحدتها”.
لاءات ثلاث
وبالمقابل، تتمسك لجان المقاومة التي تقود الاحتجاجات الشعبية المناوئة للانقلاب العسكري بشعارات المرفوعة بأن لا شراطة او مساومة اوش سرعية مع الانقلابيين.
ويقول المتحدث بأسم لجان المقاومة بولاية الخرطوم، محمد انور لـ(عاين)، انهم يتابعون ما يدور من مبادرات الحل السياسي للازمة السودانية من وسائل الأعلام، وليس لديهم معلومات متكاملة عن هذا الحل السياسي المطروح.
ويشدد انور، ” أي اتفاق لا يلبي احتياجات، ومطالب الشارع الثوري المعروفة مصيره الفشل والمقاومة”.
وأشار أنور، إلى نقاط حول الحل السياسي التي تم طرحها في الإعلام، ابرزها اطلاق سراح المعتقلين، ورفع حالة الطوارئ، ويعتقد انها اجراءات مهمة، لكنها غير كافية.
يوضح حيدر، ان قضايا التسوية يجب أن تتضمن معها بناء المشروع الوطني، في حال اتفاق 60% من قوى الثورة الحية، قد ينتهي المشهد الي توافق، أوضح حيدر يستحيل التوافق على كل شئ في العمل العام، ويأمل أن تقوم قوى الثورة بالعمل سويا لتحقيق مكاسب الثورة، وان تنجز اهدافها فيما تبقي من عمر هذه الفترة.
يتمسك قادة الجبهة الثورية التي وقعت على اتفاق سلام جوبا بمشاركتهم العسكريين الحكم استنادا على الاتفاقية، وطرح قادة الجهة منذ أسابيع مبادرة للحل والتوافق السياسي.
ويعتقد مقرر المجلس المركزي للجبهة الثورية، محمد زكريا فرج الله ان الحوار المتوقع مقرر ان يفضي إلى اتفاق للتوافق بين الفرقاء السياسيين، حتى يستطيعوا استكمال مرحلة الانتقال، والتمهيد لوضع ديمقراطي يقود إلى الانتخابات.
ويقول زكريا لـ(عاين)، “سوف ينهي الاحتقان في المشهد السياسي، ويفتح الباب لاستكمال النجاحات التي شهدتها الفترة الانتقالية في مجالات الاقتصاد والسلام، مع استكمال عملية السلام، ويجب خلق كتلة مدنية عريضة تعمل منسجمة لتحقيق أهداف التحول الديمقراطي، وتنعكس آثاره الايجابية في تعزيز الثوابت الوطنية”.
ويضيف زكريا، ان المشروع الوطني، احدى محاوره الرئيسية، هو كيفية التوافق حول كيف يحكم السودان، باعتباره السؤال الذي اقعد بالدولة السودانية منذ عقود، وظلت الجبهة الثورية تطالب بضرورة توسيع ماعون المشاركة، واتخاذ قرار المشاركة بين جميع القوي السياسية السودانية التي أنتجت الثورة السودانية دون إقصاء واختطاف، وتهميش للآخر.
جبهة عريضة
يعود رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير لتاكيد، ان “الانقلاب الحالي زائل بأمر من الشعب السوداني”، ويشدد على مطالبته بخلق عقل وطني جماعي بنتج التوافق الواعي على خطة استراتيجية شاملة للبناء الوطني مع استدامة النظام الديمقراطي والسلام والتنمية، اضافة الى الاصلاح المؤسسي، وسائر مطلوبات بناء الدولة الحديثة التي تسع جميع أهلها بلا تمييز، وتحقق لهم شروط الحياة الكريمة.
ويدعو الدقير، قوى الثورة للانتظام في جبهة عريضة تحت قيادة شعبية موحدة، ويقول ان “ذلك هو الشرط الحاسم لإنهاء الانقلاب”. يطالب بضرورة التوافق على ترتيبات دستورية تقود إلى إنشاء سلطة مدنية كاملة تقوم بتنفيذ مهام متفق عليها، خلال ما تبقى من عمر الفترة الانتقالية، وتنتهي بانتخابات عامة حرة نزيهة تضع السودان على دروب التداول السلمي للسلطة.
المتحدث باسم لجان مقاومة الخرطوم، محمد انور يطالب بـ”الاعتراف بمدنية السلطة الانتقالية”، ويرفض ما دعت مبادرات سياسية تتضمن مشاركة العسكر في الفترة الانتقالية والالتزام بالوثيقة الدستورية، يضيف لـ(عاين)، ان “لجان المقاومة ترى أن الفترة الانتقالية المقبلة يجب أن تُحكم بوضع دستوري يرتكز على مدنية وديمقراطية الدول”.