رئيس وزراء السودان يطرح خارطة طريق لحل الازمة مع العسكريين
15 أكتوبر 2021
حذر رئيس الوزراء الانتقالي السوداني، عبد الله حمدوك، من أن الانقسامات بين العسكريين والمدنيين هو صراع بين معسكر الانتقال المدني الديمقراطي ومعسكر الإنقلاب على الثورة. وقال “أنه ليس محايدا أو وسيطا في هذه الأزمة وأنه سينحاز بشكل كامل إلى الانتقال المدني الديمقراطي وإكمال مهام الثورة”.
وألقى رئيس الوزراء عبد الله حمدوك خطابا مساء اليوم الجمعة مستبقا إحتجاجات لمجموعة سياسية مناوئة لقوى الحرية والتغيير تحظى بدعم العسكريين ووصف رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك في خطابه الأزمة الراهنة بأنها الاسوأ والأخطر التي تهدد الانتقال وتهدد البلاد و تنذر بشر مستطير على حد قوله.
حشود السبت
وترتب مجموعة مناوئة للمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير لتنظيم إحتجاجات غدا السبت بالعاصمة السودانية والتجمع في ساحة الحرية شرق الخرطوم في مسعى للضغط على رئيس الوزراء لحل الحكومة الانتقالية وتشكيل أخرى جديدة تضم أطراف تحظى بدعم المكون العسكري الذي طلب من حمدوك مساء الخميس حل الحكومة فيما رفض رئيس الوزراء هذا الطلب وتمسك بحكومته ورهن حل الأزمة بالتوافق بين المجموعتين السياستين.
وتضم المجموعة المناوئة للحكومة الانتقالية حركات مسلحة أبرزها حركة تحرير السودان برئاسة مني اركو مناوي حاكم اقليم دارفور وحركة العدل والمساواة برئاسة جبريل إبراهيم والذي يشغل منصب وزير المالية وأحزاب وتنظيمات أخرى.
ومنذ 21 سبتمبر الماضي بالتزامن مع إعلان قادة الجيش احباط محاولة انقلابية دخلت مؤسسات الفترة الانتقالية في أزمة سياسية جراء الخلافات بين العسكريين والمدنيين.
ويتهم العسكريون الحكومة المدنية بالتسبب في تدهور الأوضاع الاقتصادية واختطافها بواسطة اربعة احزاب بحسب خطاب ألقاه رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بمنطقة المدرعات والمرخيات بعد ساعات من إحباط المحاولة الانقلابية.
وقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في خطابه مساء اليوم الجمعة إن : “المحاولة الانقلابية الفاشلة في 21 سبتمبر الماضي كانت يمكن أن تتحول من مهدد إلى فرصة لتنبيه الجميع للخطر المُحدق ببلادنا.
وأضاف: “لكن بدلاً من ذلك، كانت تلك المحاولة هي الباب الذي دخلت منه الفتنة، وخرجت كل الخلافات والاتهامات المُخبأة من كل الأطراف من مكمنها، وهكذا نوشك أن نضع مصير بلادنا وشعبنا وثورتنا في مهب الريح”.
وأكد حمدوك أنه انخرط خلال الفترة الماضية في سلسلة طويلة من اللقاءات والاجتماعات مع كل الأطراف ومن كل مكونات الثورة وأجهزة الانتقال ومؤسسات الدولة بغرض فتح أبواب للحوار وإيجاد القواسم المشتركة بين الأطراف ومعالجة الخلافات.
وتابع: “ظللت أفعل ذلك من منطلق الإحساس بالمسؤولية التاريخية والأمانة التي وضعها شعبنا على كاهلنا”.
وأردف رئيس الوزراء : “خلصت النقاشات إلى ضرورة النظر للمستقبل عوضاً عن الغرق في تفاصيل الماضي، وقد تبقى أمامنا عامان فقط للوصول إلى عتبة الانتخابات التي يجب أن نبدأ الإعداد لها فوراً ودون تأخير”.
وزاد : “خلاصة نقاشاتي مع أطراف الأزمة ألخصها في خارطة طريق تبين خطوات الخروج من الأزمة وتحويلها لفرصة يغتنمها شعبنا بما يعود عليه بالخير والاستقرار والنماء”.
إيقاف التصعيد
ودعا حمدوك أطراف الفترة الانتقالية إلى ضرورة الوقف الفوري لكافة أشكال التصعيد بين جميع الأطراف والتأمين على أن المخرج الوحيد هو الحوار الجاد والمسؤول حول القضايا التي تقسم قوى الانتقال.
وقال حمدوك :”يجب عودة جميع مؤسسات الانتقال إلى العمل على أن توضع الخلافات في مواضعها الصحيحة وأن تدار من مواقع أخرى وبأساليب أكثر نضجاً والتزاماً بالمسؤولية وبوصلة واحدة”.
ونوه حمدوك إلى ضرورة الاتفاق على أن قضايا الإرهاب والمهددات القومية الداخلية وعلى الحدود أو من خارجها لا يجب أن تخضع لأي نوع من التكهنات أو المزايدات أو الشكوك في النوايا وتابع بالقول : “ما ضرّ بلاداً أخرى هو عرض قضايا الأمن القومي في سوق مفتوحة لـ التجاذبات والأغراض العابرة”.
وطالب رئيس الوزراء أطراف الفترة الانتقالية بالابتعاد عن اتخاذ قرارات وخطوات أحادية، وعدم استغلال مؤسسات وأجهزة الدولة، التي هي ملك لجميع السودانيين، في الصراع السياسي.
ورأى حمدوك أن مرجعية التوافق بين مكونات السلطة الانتقالية هي الوثيقة الدستورية، وهي مرجعية يجب أن تحترم وتنفذ نصاً وروحاً ولفت إلى أنه يمكن مناقشة كل المواقف والقضايا استناداً عليها.
وحول مستقبل لجنة التفكيك وإزالة التمكين أعلن حمدوك أن الوثيقة الدستورية تلزم بتفكيك دولة الحزب الواحد وقال إن تفكيك دولة الحزب لصالح دولة الوطن هو التزام دستوري ولفت إلى أن لا بد من تفكيك قبضة النظام القديم على أجهزة الدولة وثرواتها.
ونوه حمدوك إلى أن لجنة التفكيك هدف لا يجب التراجع عنه، لكن ليس هناك ما يمنع مراجعة طرق ووسائل العمل وضمان حق الاستئناف وتحقيق العدالة.
وتابع رئيس الوزراء بالقول : “حصيلة هذه النقاشات ستترجم وتنفذ عبر توافق عريض على مجلس تشريعي واسع التمثيل يعبر عن تعدد وتنوع البلاد وعن قوى الثورة والتغيير”.
وأعلن حمدوك أنه سيشرف على تنفيذ الخلاصات التي وصل إليها مع جميع الأطراف وسأسعى للفراغ منها في وقت وجيز قائلا إن البلاد لا تحتمل مزيداً من الصراعات.
وقال حمدوك إن محاولات نشر الأحاديث عن الفشل أو زرع الإحباط لم تعد سلعة تصلح في وقت استقر فيه سعر الصرف، وتوفرت فيه الاحتياجات الضرورية، وانتعشت فيه حركة الإنتاج والصادر.
مؤتمر عالمي للشرق
وحول أزمة اغلاق الموانئ والطرق أكد رئيس الوزراء عبد الله أن قضية شرق السودان قضية عادلة تجد جذورها في عقود الإهمال والتهميش التي تراكمت، فجعلته أفقر بقاع البلاد وهو أغناها موارداً وامكانيات.
ولفت إلى أن حكومة الفترة الانتقالية تضع على عاتقها مهمة إنهاء هذا التهميش وتنظر له بجدية وعزم.
وأضاف حول خططه بشأن أزمة الشرق: “ظللتُ أعمل باستمرار على طرح منظور شامل للتعاطي مع الأزمة يعلو على تقاسم السلطة ويجيب على أسئلة التنمية الملحة التي تطرحها قضية الشرق”.
وزاد : “هذا السياق فإنني أؤكد أن اتصالاتنا قد أثمرت الترتيب لمؤتمر عالمي يوفر التمويل اللازم لحزمة مشروعات تخاطب أبعاد التهميش الاقتصادي والاجتماعي الذي عانى منه الإقليم لذا فإن علينا تجاوز الأزمة الحالية وبداية النظر بمنظور جديد شامل لمعالجة هذه القضية”.
ودعا رئيس الوزراء عبد الله حمدوك القوى السياسية والاجتماعية في شرق السودان لمائدة مستديرة نتوصل فيها لترتيبات عملية للتوافق حول القضايا التي أثارت الأزمة الحالية.
وطالب بفتح الميناء والطرق واللجوء لحوار مباشر حتى لا يتضرر أمن البلاد وقوتها وسيادتها، ولا تزيد من معاناة السودانيين.
ورأى حمدوك أن الأوطان لا تبنى بالحزازات الشخصية والانفعالات العابرة، قائلا إن الأوطان تبنى باحترام القوانين والمؤسسية وتقديم التنازلات من أجل خلق أرضيات مشتركة مع الآخرين.
وأعلن رئيس الوزراء السوداني إحترامه للمؤسسة العسكرية والقوات النظامية الأخرى مشيرا إلى أنه يقدر دورها في حماية الوطن والمواطنين، ولا يحملها أوزار المحاولات الانقلابية وأوهام المغامرين.
ترحيب بالخطاب
من جهتها طالبت اللجنة القيادية المفوضة من قوى الحرية والتغيير “مجموعة المجلس المركزي” السودانيين إلى عدم الاستجابة لدعوات “إحتجاجات السبت” متهمة الجماعات السياسية الداعية بالردة عن ثورة ديسمبر والتحالف مع الانقلابيين.
وقالت اللجنة القيادية المفوضة من قوى الحرية والتغيير في بيان مساء اليوم الجمعة إن قوى الحرية والتغيير تدعم رئيس الوزراء وحكومته ورحبت بالخطاب الذي ألقاه مساء اليوم معلنة أنها مع عملية بناء قوات مسلحة بمهنية واحدة دون شريك أو منافس.
وذكر البيان إن ما يحدث حاليا آخر محاولات فلول النظام البائد ومحاولة خلق أزمة دستورية بحجة وجود جسم آخر لقوى الحرية والتغيير وأعلنت تمسكها بانتقال رئاسة المجلس السيادة الانتقالي الى المدنيين. وشدد البيان على أن قوى الحرية والتغيير لن تسمح بالانقلاب على لجنة التفكيك والغاء دورها في تفكيك دولة الحزب الواحد.