السودانيون يتساءلون.. (بأي حال عدت يا رمضان؟)

9 أبريل 2022

لم يتمكن أبوبكر  الصديق 47 عاماً هذا العام من توفير المواد الغذائية الكافية لصوم شهر رمضان هذا العام مثلما كان يفعل في السنوات السابقة. ويعزو  الصديق الذي يقطن بحي الحلة الجديدة وسط العاصمة الخرطوم عدم قدرته للغلاء والوضع المعيشي الطاحن الذي تعيشه البلاد.

“هذه السنة لم استطع أخذ زوجتي واطفالي للتسوق المعتاد في شهر رمضان.. لأن ما اختزنه من أموال و-انا صاحب مهنة اعمال حرة- يكفى القليل من تحضيرات الشهر”. يقول الصديق لـ(عاين).

ومع دخول شهر الصوم يشتكي السودانيين من الغلاء الفاحش في المواد الغذائية الرئيسية في الأسواق مقارنة بدخل الأفراد ، ويشير ابوبكر الصديق،  إلى أنه كان يشترى احتياجات شهر رمضان كاملة من اللحوم والفواكه والمواد التموينية بأكملها، ولكن تبدل الحال وبات من الصعب أن يؤمن موقف أسرته الغذائي لشهر كامل، بعد أن تأثر عمله بزيادات الوقود المتتالية خلال هذا العام سيما وأنه يمتلك سيارة اجرة.

وفاقم انقلاب قائد الجيش السوداني في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي من الأوضاع الاقتصادية المتدهور في البلاد، ورفع قادة الانقلاب أسعار الوقود أكثر من مرة منذ استيلائهم على السلطة، فيما قفز سعر الدولار الواحد مقابل الجنيه السودانية إلى 700 مع حلول شهر رمضان بدلا عن 450 قبل ان يتراجع إلى 560 مطلع هذا الأسبوع. 

فيما تستمر قطوعات لساعات طويلة في الإمداد الكهربائي بمدن السودان وقطوعات مماثلة في امداد المياه.

ويضيف الصديق،” العمل قليل جداً وفي بعض الأيام يكون منعمدماً لذا باتت الاسعار فوق استطاعة الاشخاص الذين يعتمدون على سيارات الاجرة كوسيلة للتنقل” ، ويتوقع الصديق مع تقدم شهر رمضان ان يقل العمل بصورة اكبر في وقت لا تتوقف الاحتياجات الاسرية .

كذلك، اكتفت “عائشة” – ربة اسرة- بشراء القليل من المواد الغذائية الضرورية وحتى ذلك تقول عائشة لـ(عاين) انه تم “بفضل مساعدة بعض الاقارب والجيران”، وأكثر ما تخشاه هذه السيدة أن تستمر الأسعار في تزايد الأمر  الذي لا يمكنها من الصمود في وجه هذا الوضع الاقتصادي الذي يتفاقم يوماً بعد الآخر.

دارفور ..غلاء أسعار وانفلات أمني

ظروف استثنائية استقبل بها معظم سكان ولايات اقليم دارفور غربي البلاد شهر الصيام، وبين حالة عدم توافر الأمن وتزايد أعمال العنف والاقتتال الأهلي والنهب المسلح في مناطق عدة، ومضاعفة أسعار المواد الغذائية الرئيسية يستقبل سكان الإقليم الشهر.

وقفزت بصورة غير مسبوقة في الإقليم، أسعار المكونات الأساسية للوجبة الرمضانية المكونة من الدخن والذرة، والقمح وزيت الطعام واللحوم، بجانب ارتفاع اسعار المشروبات المحلية البرتقال، والتبلدي، والدوم، والكركدي، والعرديب علاوة على اسعار السكر.

 وكشفت جولة لـ(عاين) بإسواق ولاية جنوب دارفور، عن ارتفاع في أسعار المواد الغذائية الاساسية. وبلغ سعر ملوة-وحدة قياس- الدخن بلغت نحو (1100) جنيها بدلاً من (600) جنيه، قبل أيام من دخول شهر رمضان، بينما وصل سعر رطل زيت الطعام (700) جنيها بدلاً من (400)، و(700) جنيه قيمة كيلو السكر زنة 50 كيلوجرام، بجانب (800) جنيها لكيلو دقيق القمح.

وعزا التجار في الولاية، ارتفاع أسعار المواد الغذائية الى التكاليف العالية للنقل بعد ارتفاع أسعار الوقود بنسبة 100%، علاوة على تخوف التجار من تذبذب أسعار الدولار بحسب ما أفاد التاجر علي محمد ميرغني (عاين).

وفي العاصمة السودانية، يقول عدد من أصحاب المحلات التجارية،  انهم غير معنيين بتصاعد الاسعار وتفاقم الأوضاع المعيشية مع قدوم شهر رمضان.

 ويرجع آدم إبراهيم، صاحب محل تجاري، ارتفاع الأسعار  إلى أن زيادة قيمة العملات الأجنبية تزيد الجشع عند تجار الجملة ويقومون بتخزين البضائع وتجفيف السوق طمعاً في أرباح أكبر ، لكن من يدفع ثمن ذلك هو المواطن الذي تقع على عاتقه كل الزيادات .

معاناة من نوع آخر

لم يتبق إلا ساعات من حلول شهر الصوم، أجبر الصراع الأهلي المميت بين أهليتي “الرزيقات” و”الفلاتة” بولاية جنوب دارفور آلاف المدنيين على ترك منازلهم في بلدات الطويّل، الدِكة، أبو جابرة، صفية، حدوب، وسعدون، جنوب مدينة نيالا عاصمة الولاية. قبل أن يحتموا بقاعدة الجيش في بلدة قريضة في ظل ظروف إنسانية قاسية بعد أن فقدوا ممتلكاتهم ودمرت مساكنهم .

ويقول محمد علي أرباب المدير التنفيذي لمحلية قريضة بالانابة، إن محلية “قريضة” استقبلت مئات الأسر من المدنيين الفارين من نيران الصراع الأهلي واحتموا بمعسكر الجيش داخل شرق المدينة، بعد أن هاجم المسلحين البلدة، وأفاد أرباب (عاين) أن الاسر في حاجة ماسة لتدخل إنساني بصورة سريعة خاصة وهم في أول أيام شهر رمضان.

وكذلك، يشكو عدد من المسافرين بطريق نيالا الفاشر من تكرار عمليات النهب المسلح علي طريق نيالا الفاشر بجانب الطريق جنوب نيالا  ما يعيق حركة النقل بين المدن ويزيد من غلاء الأسعار.

“ارتفاع أسعار المواد الغذائية فرض واقع مأساوي جديد في مخيمات النازحين خاصة في شهر رمضان ..والمعاناة ستكون بشكل أكبر مع النازحات اللائي يعتمدن على العمل الشاق في صناعة الطوب وجلب الحطب والعمليات الفلاحية التي يصعب العمل فيها خلال شهر رمضان “. تقول النازحة بمخيم كلمة للنازحين بولاية جنوب دارفور حليمة أبكر، لـ(عاين).

وتضيف أبكر :” أملنا في توفير وجبة رمضانية يرتبط بمن يرغبون في مد يد العون فقط”.