هل تصمد مدن الولايات أمام تدفقات الفارين من حرب العاصمة السودانية؟

23 أبريل 2023

أجبر القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع آلاف المدنيين على ترك العاصمة السودانية والمغادرة الى ولايات الجزيرة والنيل الأبيض والقضارف وكسلا وهي مناطق “آمنة نسبيا ” وبعيدة من المعارك العسكرية.

إلى أي حد ستصمد المدن والأرياف التي فر إليها المدنيين تجنباً لجحيم المعارك  في ظل ضعف البنية التحتية في تلك الولايات؟

يجيب أحمد عبد الرحيم وهو متطوع سابق في الهلال الأحمر  السوداني في مقابلة مع (عاين)، على هذا السؤال بالقول إن هذه الولايات تعاني من شح الخدمات الأساسية مثل نقص المستشفيات المجهزة ومحطات المياه والكهرباء لكن بالنسبة للفارين المطلوب هو الأمان والابتعاد عن القتال الدائر في العاصمة السودانية.

المعارك التي اندلعت بين الجيش والدعم السريع “قوة شبه عسكرية ” السبت الماضي منتصف أبريل الجاري لم تستطيع دعوات غربية واقليمية إيقافها ولم يتمكن وسطاء أفارقة من الوصول الى السودان بسبب وقوع المطار الرئيسي  ضمن مناطق القتال في الخرطوم علاوة على عدم إبداء الجيش رغبة في الوساطة الى حين السيطرة على المواقع الاستراتيجية.

توضح عبير التي سافرت الى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة منذ يومين أنها قررت الخروج من العاصمة السودانية لأنها كانت تقيم في حي يقع على تخوم القيادة العامة للجيش وقريبا من حديقة القرشي بالخرطوم 3. وتقول لـ(عاين)، بـ”النسبة للوضع في مدينة ود مدني لا يهم عما اذا كانت الخدمات متوفرة أم لا المهم هو الشعور بالأمان”.

منذ وصولها الى مدينة ود مدني أنفقت عبير، ما يقارب 120 ألف جنيه ما يعادل 200 دولار أمريكي في شراء الاحتياجات ولا تدري ماذا ستفعل اذا نفذت أموالها فهي لن تتمكن من العودة إلى العمل في شركتها  الصغيرة ما لم تتوقف الحرب في العاصمة. وتشير إلى إن المتطوعين في ولاية الجزيرة يعملون على توفير الوجبات بالنسبة لمن يقيمون في بعض المناطق لكنني أقيم مع عائلة ترحب بنا جدا تضيف

مع اشتداد المعارك في العاصمة السودانية فإن هناك مؤشرات قوية على زيادة معدلات نزوح المدنيين الى الولايات “الآمنة نسبيا” بالتالي هناك مخاوف لدى المنظمات الانسانية من الضغط على الخدمات في تلك المدن.

يوضح عمر حامد، وهو ناشط في مجال العمل التطوعي بولاية كسلا في لـ(عاين)، أن ولايات الجزيرة والقضارف وكسلا والنيل الأبيض قادرة على استقبال القادمين من العاصمة السودانية لأنه بمنطق الحسابات ويضيف: “إذا كان سكان العاصمة عشرة ملايين شخص فإن أي ولاية قد تتحمل مليوني شخص لكن المشكلة تكمن في الغداء ومياه الشرب لأن هذه المدن المستضيفة تعاني من مشاكل البنية التحتية الى جانب الأزمة الاقتصادية”.

ويقول عمر، إن الوضع الانساني في حرب السودان سيكون هو الاسوأ لسببين الأول الأزمة الاقتصادية الطاحنة قبل الحرب وتفاقمها أثناء القتال والسبب الثاني عدم وجود بنية تحتية بما في ذلك المناطق الآمنة نسبيا.

ومع انعدام حالة اليقين حول الجهود الدولية لوقف إطلاق النار بسبب عدم استجابة الجيش والدعم السريع فإن استمرار المعارك العسكرية في العاصمة الخرطوم ومدينة الأبيض “أمر مرجح” كما يقول الياس البشير الموظف السابق في منظمة دولية معنية باللاجئين لـ(عاين).

ويرى البشير، أنه في حال استمرار المعارك في العاصمة السودانية لأسبوعين آخرين أو أكثر قد تضطر الأمم المتحدة الى الضغط على الجيش والدعم السريع لفتح ممرات آمنة ونقل مئات الآلاف من المدنيين الى مخيمات في شمال السودان أو في ولاية الجزيرة لأن بقاء المدنيين في الخرطوم مع استمرار المعارك قد يؤدي إلى خسائر كبيرة في صفوف المدنيين وقد تصل مرحلة الموت الجماعي.

الولايات المستضيفة لا تواجه مشكلة في المباني أو المقار السكنية بقدر ما أنها تعاني من مشكلة شح الخدمات الأساسية مثل مياه الشرب وسلاسل الإمداد والطاقة والمستشفيات.

ويقول الياس البشير، إن الولايات المستضيفة لا تواجه مشكلة في المباني أو المقار السكنية بقدر ما أنها تعاني من مشكلة شح الخدمات الأساسية مثل مياه الشرب وسلاسل الإمداد والطاقة والمستشفيات.

ويرى أن السودان مقبل على “أسوأ كارثة إنسانية ” ما لم يحدث ضغط دولي و محلي واقليمي لإيقاف الحرب في العاصمة السودانية وبعض المدن.

وأضاف :”حرب السودان لا توجد فيها معايير انسانية أو اخلاقية لأننا شاهدنا كيف تم تهديد حياة البعثات الأجنبية ناهيك عن المدنيين العزل ولا يمكن لجيش وطني أن يخوض الحرب فوق منازل المدنيين عبر سلاح الجو بحجة ضرب المتمردين كما تصفهم “.

ويشير البشير، الى أن المجتمع الدولي اذا فشل في ايقاف الحرب عليه أن ينتقل للخطوة الثانية وهي اقامة ممرات آمنة وإرسال بعثة مراقبين للهدنة ونقل المدنيين الى مخيمات شمال ووسط وشرق البلاد.