(المتعاون).. صفة تصعد على سطح أحداث حرب السودان
عاين- 5 أكتوبر 2024
“المتعاون” صفة صعدت إلى سطح الأحداث بالتزامن مع حرب السودان التي أودت بحياة 20 ألف شخص، وشردت أكثر من 12 مليون شخص داخل وخارج البلاد. وقادت هذه التهمة الآلاف إلى السجون ومراكز الاحتجاز القسرية التي أقامها الطرفان المتحاربان.
تصنف السلطات العسكرية المتعاونين بالأشخاص الذين يعتقد أن لديهم صلة بقوات الدعم السريع في الأحياء السكنية الواقعة تحت سيطرة هذه القوات أو حتى في المدن الخاضعة لسيطرة الجيش بإرسال وتبادل المعلومات حول الوضع العسكري أو إرشاد جنود الدعم السريع لممتلكات المواطنين.
الضحايا.. آلاف المدنيين
ويقول مدافعون عن حقوق الإنسان إن ما لا يقل عن ثمانية آلاف شخص من المدنيين زجت بهم القوات المتقاتلة من الجانبين إلى المعتقلات السرية في العاصمة السودانية والولايات المجاورة بما في ذلك إقليم دارفور والتهمة بالنسبة لرجال الأمن والمخابرات “أنت متعاون”.
ويرى المدافع عن حقوق الإنسان أحمد عثمان في مقابلة مع (عاين)، أن الأجهزة الأمنية في مناطق الجيش الأكثر استخداما لإلصاق صفة المتعاون مع الدعم السريع للأشخاص القادمين من مناطق الحرب في حواجز العبور على الطرق البرية عندما يحاولون النزوح.
وتابع عثمان: “لقد أغمض المئات أعينهم، وفارقوا الحياة خاصة في معتقلات الدعم السريع بتهم غير مثبتة وغير حقيقية بالتعاون مع الجيش حدث هذا الأمر في مناطق القوات المسلحة، لكن بصورة أقل مما عليها في مناطق قوات حميدتي”.
وأضاف: “كل شخص بقي في منطقة سيطرة الدعم السريع لشهور طويلة بدلا عن النزوح بالنسبة للكتائب العسكرية المتحالفة مع الجيش شخص متعاون مع الطرف الآخر، ويجب قتله، أو إن كان محظوظا يُقْتَاد إلى السجن والمحاكمة والحكم عليه بالإعدام”.
اختفاء عضو طوارئ في الحلفايا
ويقول عثمان بشير- اسم مستعار- وهو عضو لجان المقاومة في العاصمة الخرطوم لـ(عاين): “في بعض الأحيان يطلب جنود الدعم السريع من بعض الأشخاص الوشاية بالضباط أو الجنود الذين يعملون في الجيش عندما يداهمون الأحياء السكنية لاعتقادهم أنهم على صلة بالقوات المسلحة، وعندما يرفضون ذلك يتهمونهم بالمتعاونين”.
وأشار بشير، إلى أن الكتائب العسكرية المتحالفة مع الجيش تمنح لعناصرها الصلاحيات للقبض على الأشخاص في مناطق القوات المسلحة، أو من غادروا مناطق سيطرة الدعم السريع بتهمة التعاون مع قوات حميدتي.
وأضاف بشير : “عندما وصلت كتيبة البراء بن مالك التي يقودها المصباح أبو زيد أحد أذرع القيادي الإسلامي علي كرتي اقتادت عناصرها عضو لجان أحياء بحري والمشرف الأول على مطبخ الحلفايا علي عبد القادر خوجلي وهو في العشرينات من العمر منذ أسبوع لا أحد يعلم مكانه، وأبلغ عسكريون بعض أقاربه أنه نقل إلى أم درمان.
ويردف بشير بالقول:” نشكك في هذه الراوية، ولا نعتقد أنه على قيد الحياة، ونرجح أنه تعرض إلى التصفية الجسدية”.
تهمة غير مثبتة
يقول المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان محمد عبد المتعال جودة، إن “واجبات الحماية وتوفير الاحتياجات التي تخص المدنيين في مناطق الحرب في حالة الصراع الداخلي تقع على عاتق الطرف المسيطر على المنطقة.”
ويرى عبد المتعال في مقابلة مع (عاين) أن توجيه الاتهام للأشخاص في مناطق الحرب تحت صفة “متعاون” من الصعب إثباته خاصة وأن العديد من الأشخاص لم يتمكنوا من النزوح إلى المناطق الآمنة أو مغادرة البلاد، وفضلوا البقاء في مناطق القتال.
وأضاف: “القانون الوطني السوداني والدولي الإنساني يلزم طرفي القتال بتقديم الحماية للمدنيين في مناطق سيطرتهما والتعاون مع الأشخاص لتوفير الاحتياجات ذات الطبيعة المدنية مثل الغذاء والدواء والاتصالات”.
وتابع “في حالة اقتياد شخص بتهمة التعاون مع الطرف الآخر يجب ضمان حصوله على محاكمة عادلة”.
تصفية المدنيين
ويعتقد الناشط في مجال حقوق الإنسان أحمد عثمان، أن تصفية المدنيين بحجة التعاون مع كل طرف انتهاكات مريعة ارتكبتها القوات السودانية المسلحة وقوات الدعم السريع خلال الحرب بالمقابل، فإن السلطات الأمنية في مناطق الجيش بحكم وجود مؤسسات العدالة والنيابة العامة استخدمت هذه الأجهزة لتصوير الإجراءات القانونية وكأنها منصفة وعادلة بحق المتهمين، رغم عدم وجود بيئة قانونية سليمة خلال الحرب تسمح بتوافر اشتراطات العدالة.
ويعتقد عثمان في حديث لـ(عاين) أن الطرفين المتصارعين لديهما سجل حافل بالجرائم ضد الإنسانية. وأردف “في بعض الأحيان تفتح العناصر العسكرية التي تدخل المدن والأحياء عقب استردادها أو السيطرة عليها النار على المدنيين حدث هذا الأمر مع آلاف المدنيين وأطرافها الجيش والدعم السريع بتهمة التعاون مع كل طرف لأسباب إثنية أو تصفية حسابات سياسية”.