(جدة وإيغاد).. ما هي سيناريوهات الجيش السوداني للتفاوض؟
14 يونيو 2023
مع تصاعد المعارك الحربية في السودان بين الجيش والدعم السريع تتعثر المفاوضات بين الطرفين في “منبر جدة” الذي يأتي برعاية سعودية وأمريكية وسط دفع منظمة إيغاد الافريقية بمبادرة جديدة للحل .
ومنذ مطلع مايو الماضي طرحت المملكة العربية السعودية بدعم من الولايات المتحدة الأميركية مبادرة لايقاف الحرب في السودان حيث أسفرت عن نزوح 1.5 مليون شخص داخليا وخارجيا ولا زال الآلاف عالقون على حدود السودان مع مصر بعد وضع الأخيرة مجموعة قيود على التأشيرة.
والقتال الذي يدور في العاصمة السودانية ومدن الأبيض في شمال كردفان والفاشر ونيالا وزالنجي في إقليم دارفور حصد أرواح مئات المدنيين وتحتل فيه مدينة الجنينة صدارة الانتهاكات الواقعة ضد المدنيين بسبب هجمات المجموعات البدوية المسلحة والمقربة من الدعم السريع- وفقا لتقارير منظمات وطنية ودولية.
وفي وقت سابق، دعا وزير الخارجية السعودي الأمير فرحان بن فيصل السودانيين الى الحل السلمي وترك القتال في خضم طرح مبادرة سعودية أميركية قد تقود بالمدنيين الى غرف التفاوض في مرحلة قريبة إذا ما وقع ممثلو الجيش والدعم السريع اتفاق وقف إطلاق النار.
يقول المحلل السياسي عبد الله رزق، في حديث لـ(عاين)، إن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان “يتهرب” من منبر جدة لأن المفاوضات ستمضي الى إقرار تسوية عقب الاتفاق النهائي لوقف الحرب، ووصلت بالفعل دعوات الى ممثلي القوى المدنية للمشاركة في صياغة الاتفاق السياسي في منبر جدة.
محلل سياسي:قائد الجيش عبد الفتاح البرهان “يتهرب” من منبر جدة.ويرى رزق، أن التسوية السياسية ستخرج المكون العسكري من المشهد السياسي والاقتصادي وهو ما لم يقبله قائد الجيش البرهان في المرة الأولى ونفذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 لقطع الطريق أمام المدنيين وفي المرة الثانية “افتعل الحرب”- وفقا لـ روق.
ويؤكد عبد الله رزق، أن مفاوضات جدة دخلت مراحل حاسمة وتضع الاتفاق الإطاري الموقع بين القوى المدنية والعسكرية في الخامس من ديسمبر 2022 بالعاصمة السودانية “كأفق للتسوية السياسية”.
ويقول رزق، إن البرهان يتشبث بمبادرة الإيغاد لا لشيء متحدثا في الظاهر عن الحلول الأفريقية لكنه يفضلها على المبادرة السعودية الأمريكية ومنظمة الإيغاد حسب رزق مدفوعة من حلفاء البرهان الإقليميين ويجتهد قائد الجيش في ذات الوقت في افشاله عبر التصعيد والاقتتال وافتعال التحفظات والتحفظات المضادة في مجرى عملية التفاوض.
والأسبوع الماضي قبيل هدنة اليوم الواحد السبت الماضي اشتعلت المعارك الحربية بين الجيش والدعم السريع في العاصمة السودانية وتدهورت الأوضاع الانسانية عما كانت عليها فيما فرّ الآلاف الى الولايات مع تجدد المعارك بعد الهدنة ومقتل نحو 28 من المدنيين في الخرطوم إثر سقوط مقذوفات على الأحياء.
وكانت وكالة رويترز للأنباء نقلت الثلاثاء عن مسؤول في الخارجية الأمريكية إن واشنطن والرياض ستغيران استراتيجيتهما بشأن الملف السوداني، وجدد مسؤول في الخارجية لذات الوكالة اليوم الأربعاء، أن هناك حاجة إلى اشراك مصر والإمارات في المفاوضات الجارية بين الجيش والدعم السريع باعتبارهما بلدين “مؤثرين في هذا النزاع “.
وفي الساعات الماضية زار الرئيس التشادي العاصمة أبوظبي وعقد اجتماعا مع الأمير محمد بن زايد وتشاد دولة حدودية مع السودان غربا حيث تعتمد قوات الدعم السريع على الامدادات من اقليم دارفور المحاذي أيضا للحدود الليبية ومناطق تمركز قوات حفتر المقرب من أبوظبي.
وقال المحلل الدبلوماسي، طارق حسن، إن الولايات المتحدة الأمريكية قد تشارك مصر والإمارات في الملف السوداني لأنهما مؤثرتين لدى الجيش بالنسبة القاهرة ولدى الدعم السريع.
يوضح طارق حسن، أن “عناصر حزب البشير ” تحاول إفساد منبر جدة بالتحرك نحو منظمة الإيغاد وهذا الدور يقوم به أيضا نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار فبينما يشدد على أهمية إيقاف الحرب يذهب الى المكان الخطأ نحو الإيغاد لإيقاف الحرب لأن هذه المنظمة التي قد يترأس عضو مقرب من البرهان.
أضاف :”البرهان يبحث عن مبادرة تصنف الجيش ممثلا السودان ولا يساويه مع الدعم السريع على الطاولة ومنبر جدة لا يقدم له هذا الطعم لذلك يتعامل مع المبادرة السعودية بفتور شديد ويحاول قبره تماما”.
يعتقد هذا المحلل في الشؤون الدبلوماسية أن الجيش بالإجماع يبحث عن “الكبرياء ” عندما يتعلق الأمر بالتفاوض أي أنه يشترط وضعه كجيش نظامي ولذلك يريدون الذهاب الى مبادرة الايغاد لتحقيق هذه الرغبة أولا قبل الحديث عن إيقاف الحرب وإنقاذ ملايين المدنيين.
وأردف :”ومع ذلك لن تتحقق هذه الرغبة للجيش الذي يدور في عدة اتجاهات حول الحرب والتفاوض والحسم العسكري بسبب التأثير السياسي عليه”.
والاثنين عقدت الإيغاد قمة رئاسية جمعت رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت ورئيس كينيا وليام روتو ورئيس جيبوتي اسماعيل قيلي وأجمع زعماء هذه الدولة على ضرورة إيقاف الحرب في السودان وجلب الجنرالين الى طاولة المفاوضات.
الرئيس الكيني وليام روتو حذر خلال القمة من تدمير البنية التحتية في السودان بسبب القتال الذي يشمل سلاح الطيران والمدافع الأرضية. ويُقابل مسعى روتو في الأزمة بعدم ترحيب من جانب الجيش الذي يتهمه بعدم الحياد في أعقاب استقباله المستشار السياسي لقائد الدعم السريع – يوسف عزت مطلع هذا الشهر في العاصمة نيروبي.
قال الخبير السياسي أحمد مختار في حديث لـ(عاين)، إن الجيش يقف حائلا أمام تقدم المفاوضات بسبب الاشتراطات فعندما ذهب إلى منبر جدة وضع شروط باعتباره ممثلا شرعيا للحكومة السودانية وهذا الطلب لم يجد الترحيب لدى السعودية والولايات المتحدة باعتبار أنهما قوتين عسكريتين حكوميتين وفقا للقوانين والوثيقة الدستورية المرجعية لأي اتفاق جديد حسب تحركات الوساطة في جدة .
يرى مختار، أن المشكلة التي يواجهها الجيش أنه لم يتمكن من “التموضع عسكريا” حتى يتمكن من فرض شروطه لذلك يتعامل معه المجتمع الدولي “على مسافة واحدة ” من الدعم السريع خاصة وأن للحرب أبعاد سياسية واجتماعية .
ويقول مختار، إن الجيش يريد من سلفاكير لعب دور في “إحياء مبادرة الايغاد ” بالشكل الذي لا يساوي بينه وبين قوات الدعم السريع ومنحه شرعية تمثيل المؤسسة العسكرية والحكومة السودانية لذلك ظل كير يحاول التواصل مع الجنرال حميدتي ولم يتمكن من ذلك.
وتابع:”في ذات الوقت يضع الجيش في الاعتبار عبر مجموعة رافضة للتفاوض تعبر داخله علنا لتجهيز كتائب واقتحام العاصمة من عدة محاور وأبعاد الدعم السريع على الأقل خارج العاصمة والاستسلام والتفاوض”.
يعتقد مختار، أن الولايات المتحدة لن تسمح بوصول الأمور الى هذه الدرجة مع نفاد صبرها على “تحايل البرهان” محاولة التلاعب بكل الخيوط لذلك قد تتطور التحركات الدبلوماسية بمحاصرة قائد الجيش واجباره على التفاوض وبشروط المجتمع الدولي وشخصية البرهان في هذا الصدد قد “تكون براغماتية”.