نازحو حرب العاصمة السودانية يواجهون ظروفاً قاسية بمدن الولايات

9 يونيو 2023
في بنية تحتية تكاد تكون محطمة، تستقبل مدن ولايات السودان آلاف الفارين من حرب العاصمة السودانية وسط ظروف انسانية حرجة بسبب نقص المال وصعوبة شراء الاحتياجات الأساسية في ظل غموض الإجراءات المتعلقة بالأجور في القطاع الحكومي وفقدان نحو 200 ألف شخص للعمل في القطاع الخاص بسبب الحرب.
من مقر اقامتهم في شارع الستين شرق العاصمة السودانية، وجدت عائلة عبد المنعم نفسها في مدينة دنقلا تقيم بمركز إيواء عام في هذه المدينة الواقعة شمال السودان مفضلين عدم السفر الى مصر والبقاء في دنقلا لأن الوضع المالي بالنسبة لرب الأسرة غير جيد.
ذكر عبد المنعم في مقابلة مع (عاين) أن البقاء في مدينة دنقلا خيار من لا خيارات أمامه لأنه خرج من المنزل شرق العاصمة السودانية “بشق الأنفس”. ولم يكن معي سوى القليل من المال.
بين الحين والآخر يزور متطوعون مركز الايواء في مدينة دنقلا ويزودون الفارين بالطعام والعصائر والسلع الاستهلاكية والخدمات الضرورية لكن هذه الأعمال الانسانية غير مستدامة بسبب صعوبات مالية تواجه المتطوعين أنفسهم.
مدينة دنقلا التي لجأ إليها عبد المنعم مع المئات، تعاني من ضعف البنية التحتية وأسعار ايجار المنزل ارتفعت بعد الحرب الى 600 ألف جنيه ما يعادل ألف دولار في بعض المناطق، وسعر الغرفة في فندق متواضع 20 ألف جنيه دون وجبات لليوم الواحد ما يعادل 19 دولار.
ترتفع درجات الحرارة في ساعات الظهيرة الى نحو 40درجة مئوية ولا توجد أجهزة تبريد كافية بحسب أحد الفارين من الحرب متحدثا مع (عاين) كما أن خدمة الكهرباء من الشبكة العامة غير منتظمة.
تهديد الأمن الغذائي
“مدن الولايات التي استضافت الفارين من الحرب قد تكون آمنة و بمنأى عن الحرب لكنها تواجه ظروف اقتصادية قاسية” يقول الخبير الاقتصادي محمد ابراهيم لـ(عاين)، ويرى أن حكام الولايات لا يملكون صلاحيات تذكر سوى ادارة وضع “مزر لغاية ” لأن الخرطوم هي التي درجت على تغذية الولايات بالأجور والقليل من الخدمات لذلك لا يمكن في الوقت الحالي أن تشهد الولايات استقرارا في الوضع الاقتصادي رغم أن ذلك ممكن اذا جرت معالجة الأوضاع المتعلقة بالسياسات المالية والتحويلات المصرفية وصرف رواتب العاملين بالدولة.

موظف في منظمة مساعدات انسانية: الوضع في الولايات يمكن وصفه بـ الأسوأ على الاطلاق منذ عقود والمخاوف من تدهور الوضع تتزايد مع استمرار الحرب. الصورة- وكالة الاناضول

ويعتقد إبراهيم، أن مجلس الوزراء وزارة المالية الاتحادية يتحملان مسؤولية انهيار الوضع الاقتصادي والخدمي في الولايات لأنه في حالة الحرب تكون الأولوية في كيفية تيسير حياة المواطنين في “المناطق الآمنة” .
وقال إبراهيم، إن الملايين في الولايات يواجهون ازمة غذائية قد تفتك بهم خلال الشهرين القادمين.
وأضاف :”حتى المساعدات الدولية والأممية غير منسابة في تلك الولايات بشكل جيد لأن المنظمات والمجتمع الدولي لا يثق في طرفي النزاع المسلح “.
فيما يرى محمد عبد المجيد الخبير في المنظمات الانسانية، إن الوضع الانساني في الولايات “كارثي للغاية ” والملايين مهددون بنقص الغذاء ولا توجد خطط حكومية لتوفير تمويل مصرفي للموسم الزراعي الصيفي والذي فات أوانه.
ويقول عبد المجيد لـ(عاين)، إن “ملايين السودانيين هائمون على وجوههم في الولايات وهم يواجهون شح الغذاء والأدوية والمال والمجتمعات المستضيفة أفرغت ما لديها من مؤن ومال “.
وأردف :” نحو مليون شخص في أكثر من 15 ولاية سودانية وضعهم الآن معقد في النواحي الانسانية لم يحصلوا على الأجور ووزارة المالية لا تملك الحل لأن التغطية المالية غير متوفرة لدى السلطة الحالية “.
ويرى عبد المجيد، أن الحل يكمن في “إجراءات حكومية فعالة ” بتعيين حكومات في الولايات لديها القدرة على تقديم الخدمات.
ومن بين الأمور الأكثر تعقيدا وسط الفارين من الحرب، الى الولايات وحتى سكان الولايات أنفسهم عدم وجود مصادر مالية لشراء الاحتياجات اليومية.

النازحون بالولايات يواجهون شح الغذاء والأدوية والمال

ويقول الموظف في منظمة دولية تعمل في مجال الغذاء والخدمات الأساسية وائل عبد الرحمن في مقابلة مع (عاين)، إن الوضع في الولايات يمكن وصفه بـ الأسوأ على الاطلاق منذ عقود والمخاوف من تدهور الوضع تتزايد مع استمرار الحرب في الخرطوم وتخلي الدولة عن مسؤولياتها.
ويعتقد عبد الرحمن، أن التحرك الدولي لايقاف الحرب أو للإغاثة والأعمال الانسانية ضعيفة للغاية لأن السودان لايصنف ضمن “البؤر الساخنة” في الوقت الحالي ولا يحتل صدارة الأجندة الدولية
وأردف :”سيتم وضع ملايين السودانيين في سجن كبير لأن دول الجوار أغلبها أغلقت حدودها بوضع قيود على التأشيرة حتى تلك البلدان المجاورة التي يفر اليها النازحون لا تستطيع تقديم خدمات انسانية والمخاطر هناك أكبر “.