رغم الهدنة.. نيران الحرب تفاقم الوضع الإنساني بالسودان
20 أبريل 2023
هدنة هشة تكسرت في اللحظات الأولى لإعلانها، لتبدأ بعدها مواجهات دموية في أطراف العاصمة السودانية والأقاليم ومناوشات في محيط القيادة العامة للجيش في وسط الخرطوم، لتروي ملامح سادس يوم من الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع دون توقف، بينما استمر تدهور الأوضاع الإنسانية للمواطنين مما دفعهم لمواصلة النزوح نحو الأقاليم.
ودارت اشتباكات مسلحة صباح اليوم الخميس في الجزء الشمالي والغربي لمدينة أم درمان بعد أن تصدى الجيش السوداني لقوات من الدعم السريع كانت قادمة بطريقي التحدي والصادرات بارا – أم درمان استخدم فيها الأسلحة الثقيلة والطائرات. وقال الجيش في بيان إنه كبد الدعم خسائر فادحة في العتاد والارواح ودمر القوة التي حاولت دخول الخرطوم من جهتي الغرب والشمال.
ونقل شاهد لـ(عاين) أن الاشتباكات التي دارت بين الجيش والدعم السريع على طريق بارا – أم درمان خلفت 3 قتلى من المدنيين وجرح 4 آخرين إثر سقوط دانة في منزلهم بإسكان المويلح مربع 60، بينما أصيب السكان بالهلع وفر المئات منهم باتجاه شمال المدينة بحثا عن الأمان، وما تزال حشود من الدعم السريع متمركزة في هذه المنطقة الشيء الذي ينذر بتجدد وشيك للمواجهات.
عنف بالأبيض
وشهدت مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، الخميس، اشتباكات دامية بين قوات الجيش الفرقة الخامسة مشاة هجانة ورتل من قوات الدعم السريع دخل المدينة من اتجاه الغرب. وبحسب شهود عيان تحدثوا لـ(عاين) فإن القتال احتدم في ساعات الصباح الأولى داخل السوق الكبير وصاحبتها أعمال حرق ونهب واسع للمتاجر ومركز للشرطة وسقوط ضحايا من المدنيين.
وفق الشهود فإن قوات الدعم السريع انسحبت من مدينة الأبيض بعد مواجهات عنيفة مع فرقة الهجانة التابعة للجيش السوداني، وعاد الهدوء إلى المدينة ظهر الخميس بعد ان عاشت ساعات عصيبة.
ونقل مراسل لـ (عاين) في ولاية حنوب دارفور، أن سوق ومخازن الغلال والحبوب النباتية والمأكولات في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور تعرض الى الحريق بالكامل جراء الهجمات المسلحة المتبادلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لافتاً الى أن ذلك من شأنه ان يؤدي الى مزيد من التدهور في الحالة المعيشية للمدنيين.
وتواصلت حركة المسافرين من الخرطوم الى الولايات عبر الموانئ البرية بعد أن حاصرهم عنف الحرب وتدهور الخدمات الحياتية المختلفة من نقص في المياه والغذاء والكهرباء وفق ما نقل مراسل ميداني لـ(عاين).
وأشار المراسل إلى انه شاهد تحرك حذر للمواطنين في شوارع رئيسية بمدينة الخرطوم منها عبيد ختم، وشارع أفريقيا، بجانب تحرك أعداد كبيرة من المواطنين على طول شارع الصحافة زلط متوجهين ناحية الميناء البري لمغادرة الخرطوم.
وقال مراسل آخر من مدينة أم درمان: “هناك أزمة كبيرة تشهدها منطقة شمال المدينة حيث تتراكم عشرات الجثامين في حي المنارة الذي دارت فيه اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع صبيحة اندلاع الحرب .. هذه الجثث ملقاة في شوارع الحي دون دفن مما ينبئ بوقوع كارثة بيئية، كما ان قتلى الدعم السريع في معسكر خالد بن الوليد لم يتم دفنها حتى الآن”.
وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء السودانية أمس إن “174 شخصاً من المدنيين قتلوا منذ بداية الحرب الجارية وإصابة 1041 آخرين”، بينما أكد مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس أن 270 شخصاً على الأقل قتلوا وجرح 2600 آخرين منذ بداية القتال بين الجيش والدعم السريع السبت الماضي، وفق ما نقلت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، ولم تصدر حصيلة جديدة الخميس.
نزوح إلى تشاد
إلى ذلك، فرّ ما بين 10 آلاف و20 ألف شخص من المعارك الجارية في السودان بحثاً عن ملاذ في تشاد المجاورة، وفقاً لفرق تابعة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الموجودة على الحدود.
وقالت المفوضية في بيان اليوم الخميس، إنّ “غالبية الوافدين هم من النساء والأطفال. تعمل المفوضية عن كثب مع الحكومة التشادية وشركائها لتقييم احتياجاتهم وإعداد استجابة مشتركة”. كذلك، تنسّق المفوضية مع السلطات التشادية من أجل مساعدتها على تسجيل الوافدين الجدد في الأيام المقبلة.
وأشار البيان إلى أنّ شرق تشاد كان قد استقبل سابقاً أكثر من 400 ألف لاجئ من السودان، موضحاً أنّ “الوافدين الجدد يفرضون ضغوطاً إضافية على الخدمات العامّة والموارد في البلاد، التي تعمل أساساً فوق طاقتها”. وقالت المفوضية إنّ أكثر الاحتياجات إلحاحاً هي الماء والغذاء والمأوى والرعاية الصحية وحماية الأطفال والوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
ونظراً للعنف الذي يواجهه الأشخاص الذين يعبرون الحدود، فإنّ الدعم النفسي والاجتماعي يحتلّ أيضاً مكانة مهمّة بالنسبة إلى المفوضية. ولفتت الأخيرة إلى أنّها “قلقة للغاية بشأن تصاعد العنف في السودان”، في وقت أحصت فيه منظمة الصحة العالمية “أكثر من 330 قتيلاً و3200 جريح” من جراء المعارك المتواصلة منذ يوم السبت الماضي.
وقال مساعد المفوض السامي لشؤون العمليات رؤوف مازو في بيان: “من الضروري أن يتوقف النزاع لتجنّب المزيد من الخسائر في الأرواح”. أضاف: “نكرّر دعوتنا إلى جميع الأطراف لحماية المدنيين، بما في ذلك اللاجئون والأشخاص النازحين، واحترام سلامة العاملين في المجال الإنساني بهدف إيصال المساعدات الأساسية”.