السودان: هدوء حذر في أول أيام وقف إطلاق النار

 

23 مايو 2023

شهدت العاصمة الخرطوم ومدن سودانية أخرى حالة من الهدوء بعد توقف العمليات العسكرية في كل الجبهات الساخنة، في حين حدثت خروقات ومناوشات بين الجيش وقوات الدعم السريع في بعض المناطق، وذلك في أول يوم لسريان اتفاق وقف إطلاق النار للأغراض الإنسانية والذي مدته 7 أيام.

سكان الخرطوم تعاطوا بحذر مع الهدنة الإنسانية في أول ايامها، وظلت الشوارع الرئيسية والأسواق خفيفة الحركة مع وجود عدد قليل من الأشخاص يتحركون راجلين بين الأحياء السكنية.

ورغم توقف إطلاق النار، فإن سكان الخرطوم تعاطوا بشكل حذر مع الهدنة الإنسانية في أول ايامها، إذ ظلت الشوارع الرئيسية والأسواق خفيفة الحركة مع وجود عدد قليل من الأشخاص يتحركون بأرجلهم بين الأحياء السكنية في أنحاء العاصمة المثلثة وغياب كلي للمركبات الخاصة، وفق ما نقله شهود لـ(عاين).

وقال “محمد عثمان”، وهو أحد سكان أمدرمان لـ(عاين) إن أصوات الاشتباكات العسكرية كانت تُسمع طوال الليل باتجاه قاعدة وادي سيدنا الحربية التابعة للجيش شمالي مدينة أمدرمان، لكنها توقفت منذ صباح الثلاثاء ولم نشاهد أي طائرات تحلق في سماء المنطقة طوال اليوم بخلاف ما كان في السابق.

وذكر شاهد آخر يسكن شرق النيل، أن كافة المناطق المحيطة بمستشفى شرق النيل والأحياء القريبة التي كانت تدور بها اشتباكات وقصف بالطائرات، تعيش هدوء غير مسبوق منذ سريان الهدنة وطوال اليوم الثلاثاء، ولم تسجل أي مواجهات بين الطرفين، لافتاً الى زيادة ملحوظة في حركة المواطنين والمركبات في المنطقة ويشمل ذلك ضاحية الحاج يوسف.

ويمتد الهدوء الى مدينة بحري شمالي العاصمة وهي كانت من بين أكثر المناطق سخونة خلال الفترة الماضية، وكذلك ساد الهدوء أحياء جنوب الخرطوم، الديم والصحافات وجبرة وشارع الستين وضاحية بري وامتداد ناصر القريبة من القيادة العامة للجيش، وذلك وفق سكان بتلك المواقع تحدثوا لـ(عاين).

خرق الهدنة

ووسط الهدوء السائدة في معظم أنحاء العاصمة، دارت اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في شارع الغابة بالخرطوم والمنطقة المحيطة به، وأيضاً مواجهات مماثلة في ضاحية الفتيحاب جنوب غرب أمدرمان، فيما سمع المواطنين في منطقة امبدة العاشرة أطلاق نار في محيطهم وكان ذلك في منتصف يوم الثلاثاء، وفق الشهود.

وقال احمد وهو أحد سكان ضاحية الصالحة جنوبي أمدرمان لـ(عاين) إن طائرات حربية ظلت تحلق في منطقتهم لفترات طويلة خلال اليوم الثلاثاء، لكنها لم تنفذ أي غارات جوية حيث توجد العديد من التجمعات العسكرية لقوات الدعم السريع، لافتاً الى ضعف في حركة المواطنين في الشوارع والأسواق.

ونقل شاهد من (عاين) ان المناطق الواقعة غربي ضاحية امبدة وسوق ليبيا ظلت تشهد إطلاق نار كثيف وتحليق للطائرات طوال الليل وحتى صباح الثلاثاء، لكنها هدأت في النهار مما أتاح للمواطنين الخروج لشراء احتياجاتهم المعيشية، وسط اغلاق غالبية المحال التجارية التي تخشى عصابات النهب المنتشرة في المنطقة.

واتهمت وزارة الصحة السودانية خلال بيان صحفي، قوات الدعم السريع باقتحام مستشفى أم درمان التعليمي اليوم الثلاثاء وطرد الكادر الطبي واستغلاله كنقطة تمركز مما أدى لخروجه من الخدمة، وفعلت الشيء نفسه في مستشفي البان جديد بشرق النيل وأحمد قاسم بمدينة بحري، فيما لم يصدر تعليق من الدعم السريع على هذا الاتهام.

مناوشات بالأبيض

نقل سالم محمد أحد سكان الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان لـ(عاين) أن المدينة استيقظت فجر الثلاثاء على دوي إطلاق نار كثيف باتجاه قيادة قوات الهجانة التابعة للجيش السوداني الواقعة وسط المدينة و يجاورها المطار، ولم يتمكن أحد من انها اشتباكات بين الجيش والدعم السريع.

وقال إن قوات الدعم السريع تتمركز غرب وجنوب وشرق الأبيض منذ أيام وكانت هناك مخاوف من هجوم على المدينة، ولكن لم يحدث شيء وعاشت البلدة حالة من الهدوء الحذر طوال يوم الثلاثاء، وان الأسواق بما فيها السوق الكبير تعمل، وظلت حركة المواطنين عادية.

وتمكنت الهدنة من إيقاف القتال الضاري في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور التي شهد هدوء كبير اليوم الثلاثاء، لكن المخاوف مستمرة من تجدد الاشتباكات حيث ظل الجميع في منازلهم وسط اغلاق تام للمرافق والأسواق، بينما شرع التجار في نقل بضائعهم الى منازلهم تحسبا لتجدد المواجهات.

وكانت نيالا عاصمة جنوب دارفور عاشت مأساة إنسانية بالغة تجلت في انتشار جثث قتلى المواجهات العسكرية الأخيرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في شوارع المدينة والذين ارتفعت حصيلتهم إلى 31 شخصاً من المدنيين، وفق وزارة الصحة الولائية.

ودخلت الهدنة الانسانية حيز التنفيذ في تمام الساعة (45 : 9) مساء الإثنين بتوقيت السودان، وسط تعهد من الجيش وقوات الدعم السريع بالالتزام بها، وآمال المواطنين السودانيين في يضع الاتفاق حداً لمعاناتهم الإنسانية التي يعيشونها منذ اندلاع الحرب في منتصف ابريل الماضي.

ويشمل اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعه الجانبين في مدينة جدة السعودية، آلية مراقبة يشارك فيها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بجانب ممثلين من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية اللذين توسطا في الاتفاق خلال محادثات جدة، ولوحت واشنطن بعقوبات على مخترقي الهدنة.

ويركز اتفاق جدة على السماح بوصول المساعدات واستعادة الخدمات الأساسية. ويقول وسطاء إن هناك حاجة إلى مزيد من المحادثات التي تستهدف سحب القوات من المناطق الحضرية من أجل إبرام اتفاق سلام دائم بمشاركة قوى مدنية.

وتسبب الصراع المسلح الدائر منذ منتصف أبريل الماضي، في مقتل نحو 900 شخص من المدنيين، ونزوح 1.1 مليون شخص من منازلهم، بينهم 250 ألف لجأوا الى خارج البلاد، وفق الأمم المتحدة.