إغلاق السفارات يحول مئات السودانيين إلى عالقين دون وثائق سفر

5 مايو 2023

تخشى السودانية “سلمى المبارك” فقدان وظيفتها التي تم اختيارها لها حديثاً في احدى المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، لجهة أنها لن تتمكن من مغادرة السودان بسبب أن جواز سفرها رهين أضابير السفارة الأمريكية في الخرطوم التي أجلت موظفيها واغلقت ابوابها بعد اندلاع الحرب في السودان.

أصبح مئات السودانيين الذين تقدموا للحصول على تأشيرات دخول من سفارات  بلدان عديدة عالقين في السودان بعد عملية إجلاء موظفي هذه السفارات وتعليق عملها في البلاد.

قبل يومين من اندلاع القتال في 15 أبريل الماضي بالعاصمة السودانية، سلّمت “سلمى المبارك” جواز سفرها للسفارة الأمريكية بالخرطوم بغرض الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة الأمريكية وحضور ورشة عمل في إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة .

“نسبة للأوضاع الأمنية في السودان تم تعليق الخدمات القنصلية الى أشعار آخر بما فيها إلغاء المقابلات وارجاع الجوازات والوثائق الأخرى”. هذا هو الرد الآلي الذي تلقته سلمى بعد إرسالها بريداً الكترونياً على البريد الخاص بالسفارة الأمريكية.

وتقول سلمي في مقابلة مع (عاين) انها ايضا حاولت ارسال رسالة أخرى الى وزارة الخارجية الأمريكية لكن دون جدوى فجميع النوافذ في موقع الوزارة خاصة بالمواطنين الأمريكيين ولا يوجد عنوان الكتروني في الموقع يُمّكن غيرهم من إيصال شكواه  

وبدأت الولايات المتحدة الامريكية وعدد من الدول الأوربية والعربية عمليات إجلاء رعاياها  مع دخول الاشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع يومها التاسع، حيث أجلت واشنطون 70 من دبلوماسييها  بما فيهم طاقم السفارة وأفراد عائلاتهم عبر طائرات عسكرية أمريكية في عملية نوعية تابعها الرئيس الأمريكي جو بايدن، وتم بعد ذلك اغلاق مباني السفارة في الخرطوم .

لم يصدر عن السفارة الأمريكية أي توجيهات للمواطنين السودانيين الذين تحتجز السفارة جوازاتهم سواء بتحويلهم الى سفاراتها في دول مجاورة  أو بتخصيص موظفين محليين للقيام بمهمة تسليم وثائق السفر الى أصحابها. تقول “سلمى”  لــ(عاين): “أنا الآن في منطقة حرب وقد احتاج للخروج من البلاد في أي لحظة”.

ولدى اتصالها مع موظف محلي يعمل في السفارة الامريكية نصحها باستخراج وثيقة سفر جديدة – كسباً للوقت حسب تعبيره – فالسفارة لن تفتح أبوابها قبل ستة أشهر على الأقل حتى في حال وقف القتال .

وعلّقت السفارات في الخرطوم، العمل القنصلي دون أن تنبه أصحاب الجوازات من السودانيين عن مصير أوراقهم.

ويواجه عشرات السودانيين من الطلاب والمسافرين إلى دولة الهند ذات المشكلة. ويقول المسافر إلى الهند، علي رباح، وهو أحد الذين تحتجز السفارة الهندية وثائق سفرهم:” أبلغني السفير الهندي في اتصال بعد مغادرته مع الطاقم الدبلوماسي  أنه أوكل مهمة تسليم الجوازات لأربعة موظفين محليين” .

ويضيف لـ( عاين):”الموظفون المحليون يخشون على حياتهم ولم يباشروا عملهم منذ أن هاجمت مبنى السفارة قوة عسكرية واستولت على سيارة الدفع الرباعي الخاصة بالسفارة “.

وأشار رباح، إلى أنه وعلى الرغم من تضررهم من قرار الموظفين إلا أنهم يراعون جانب المحافظة على حياتهم أيضاً ولا يمكن الضغط عليهم في سبيل استلام جوازاتهم فأرواح أولئك أهم.

وقال علي رباح، “لم اترك جهة رسمية إلا وتواصل معها وأرسلت رسائل إلكترونية على الصفحات الرسمية لوزارة الخارجية السودانية والهندية وسفارة السودان في الهند لكن دون أي نتيجة ولم أتلق أي ردود من تلك الجهات” .

وأكثر ما يخشاه “رباح” فقدان جواز سفره الذي يحمل تصريح إقامة في أستراليا إذ أن إجراءات نقل الإقامة لجواز جديد ستأخذ فترة من الزمن لاسيما في ظل الأوضاع غير المستقرة التي تمر بها البلاد. وأضاف: “أبنائي يقيمون في استراليا ويبدو من العسير عليّ لم الشمل في الوقت الراهن”.

 إلى جانب الأزمة التي يمر بها علي رباح، هناك عشرات الطلاب السودانيين لن يتمكنوا من اللحاق بالعام الدراسي الجامعي الذي سيبدأ يونيو المقبل بسبب حجز جوازاتهم داخل السفارة الهندية.

قضية جوازات المواطنين السودانيين داخل السفارات الأجنبية في الخرطوم خارج نطاق علم وزارة الخارجية السودانية. حسب ما أفاد مصدر دبلوماسي (عاين). واضاف قائلاً: “لم يتم أي تواصل أو تنسيق مع السفارات العاملة في الخرطوم بخصوص جوازات المواطنين السودانيين”. وتابع: “كل التنسيق الذي تم مع السفارات الأجنبية تم بخصوص إجلاء رعايا تلك الدول.. وزارة الخارجية السودانية لا تعمل حالياً وأنها علمت بخطوات إغلاق السفارات من وسائل الإعلام”.