“حرب بلا هدنة”.. نحو مائة قتيل جثثهم مازالت في شوارع مدينة الجنينة

29 أبريل 2023

فشلت هدنة جديدة في إسكات أصوات الرصاص ودوي الطائرات بالعاصمة السودانية الخرطوم التي تواصلت فيها العمليات العسكرية يوم الجمعة، مع بدء سريان خامس تهدئة إنسانية منذ اندلاع الصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف شهر أبريل الجاري.

ونقل شهود لـ(عاين) سماعهم دوي طائرات في سماء مدينة صالحة جنوبي أمدرمان ومقر هيئة الإذاعة والتلفزيون، كما دارت اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في منطقة جبل أولياء جنوبي العاصمة حيث سيطرت “الدعم السريع” على قاعدة عسكرية هناك وسعى الجيش لاستعادتها باستخدام الطيران الحربي.

ودخلت هدنة جديدة مدتها 72 ساعة منتصف يوم الخميس كان طرفي الصراع أعلنا الالتزام بها استجابة لمبادرة من الآلية الرباعية ومنظمة الايجاد لأغراض إنسانية، لكن الجيش السوداني اتهم قوات الدعم السريع بخرق التهدئة وضرب طائرة إجلاء تركية في مطار وادي سيدنا شمال مدينة أمدرمان مما أدى لتلف في أجزاء الطائرة واصابة أحد طاقمها، الشيء الذي نفاه الدعم السريع بشدة.

ولم يتم تسجيل ضحايا جدد في الخرطوم الجمعة، لكن نيران الصراع المسلح تواصل حصد المدنيين في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور والتي تجاوزت فيها حصيلة قتلى اشتباكات قبلية تفجرت كامتداد لصراع الجيش والدعم السريع الـ100 شخص، وفق ما أفادت به مصادر طبية (عاين).

جثث في الطرقات

وقالت مصادر محلية إن جثث الضحايا ما تزال ملقاة على الطرقات، لافتة الى أن جمعية الهلال الأحمر السوداني دخلت اليوم الجمعة وبدأت في جمع الجثامين، لكن جهات مجهولة أطلقت الرصاص على متطوعي الجمعية مما دفعها الى المغادرة بعد جمع 13 جثة، نظرا لعدم توفر الأمن والحماية.

وبحسب المصادر فإن الجنينة تشهد تدهور مريع في الأوضاع الصحية ونقص في الادوية والكوادر الصحية التي تواجه صعوبة في الوصول الى المشافي بسبب انعدام الأمن واستمرار الاشتباكات المسلحة، كما توجد صعوبات في إجلاء الجرحى الى المراكز الصحية لتلقي الرعاية الطبية اللازمة.

آثار دمار الحرب بمدينة الجنينة- الصورة من مواقع التواصل الاجتماعي

 وقال والي ولاية غرب دارفور خميس أبكر في بيان صحفي الجمعة، إن حكومته خصصت قوة مشتركة من الأجهزة الأمنية لبسط هيبة الدولة واستقرار المنطقة وتأمين الأسواق والمؤسسات وحفظ أمن المواطن وممتلكاته.

وأضاف أن الصراع ألحق الضرر بالكثير من الممتلكات والمؤسسات ومراكز الايواء والأسواق ومراكز الخدمات الصحية والإنسانية والأمنية ومستشفى الجنينة التعليمي، كما عطلت الاشتباكات خدمات المياه والكهرباء ودقت ناقوس الخطر على أمن وسلامة المواطن وصحته ومعاشه”.

وتقدم الوالي بالاعتذار لمواطني ولايته على القصور في حمايتهم في ظل ما وصفه بالواقع الاستثنائي الذي يشهده الوطن وانعكس سلبا على واقع إقليم دارفور عامة وغرب دارفور خاصة، داعيا أطراف الصراع بضرورة تحكيم صوت العقل والحكمة لأن الفتنة لها المقدرة في سفك الأرواح وتفكيك المجتمع وإلحاق الخسائر بالجميع، حسب وصفه.

وتواصل كيانات ومنظمات مجتمع مدني في السودان حملة تحت وسم “لا للحرب” في مسعى لوقف القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع وذهاب الطرفين الى طاولة محادثات تفضي الى استعاد مسار الانتقال الديمقراطي ونقل السلطة الى حكومة مدنية كسبيل وحيد لتجنب البلاد مآلات الحرب الاهلية الشاملة.

وترتفع الأصوات الداعية لوقف القتال وذلك بعد الآثار الكارثية التي خلفتها المواجهات العسكرية خلال الـ 13 يوما الماضية، اذ حصد النزاع أرواح 512 شخصاً من المدنيين بينهم 169 من العاصمة الخرطوم، وجرح 4193 آخرين في الخرطوم والولايات وفقا لاحصائيات منظمات طبية.

والى جانب ذلك، تدهورت الأوضاع الإنسانية بشكل مريع إذ خرجت 72% من مستشفيات الخرطوم عن الخدمة، كما اشتعلت أسعار مجمل السلع الاستهلاكية والذي فاقم الازمة المعيشية للمواطنين في ظل توقف الأعمال في كافة القطاع، وتوقف صرف الرواتب للعاملين في الدولة بسبب المواجهات العسكرية.

وتتواصل عمليات الفرار الجماعي من الخرطوم الى الأقاليم رغم ارتفاع قيمة التذاكر السفرية بشكل جنوني، والتي يعزيها أصحاب المركبات السفرية الى شح الوقود الناجم عن إغلاق محطات الخدمة البترولية، وحصولهم على الوقود من السوق السوداء بأسعار باهظة.