المبادرة الأممية.. طريق صعب نحو توافق السودانيين
9 فبراير 2022
في منتصف ديسمبر الماضي أطلقت بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان مبادرة للوصول إلى وفاق بين الفرقاء الوطنيين في البلد الذي يشهد احتجاجات سلمية على الانقلاب العسكري منذ 25 أكتوبر الماضي.
وبدأ رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان فولكر بيرتس مبادرته التي أطلقها منذ شهرين بلقاءات مع القوى السياسية والقادة العسكريين ولجان المقاومة والقوى النقابية بالتزامن مع احتجاجات شعبية تناهض الانقلاب العسكري.
رفض
المبادرة الأممية قُوبلت برفض من بعض قوى الثورة السودانية، فيما تظاهر المئات من أنصار النظام السابق المساندين للجيش قرب مقر البعثة الأسبوع الماضي رفضا لما أسموه بالتدخل الدولي في السودان.
فيما جاء رفض المبادرة من بعض لجان المقاومة باعتبار أن الأمم المتحدة تحاول الوصول إلى تسوية هي محل رفض للمتظاهرين الذين يطالبون بخروج الجيش من السياسة والعودة إلى مهامه.
ويقول المحلل السياسي منتصر إبراهيم الزين في حديث لـ(عاين)، أن مبادرة فولكر تخص “الصفوة السياسية” وهي لا تلامس رغبة السودانيين في بناء مصالحة وطنية لإنهاء الأزمة الوطنية منذ سنوات طويلة.
الزين يقول إن فولكر يحاول هيكلة الدولة دون الإجابة على أسئلة مهمة حول العدالة والعدالة الانتقالية والمحاسبة والمصالحة وأسئلة الحرب والسلم. ويشير إلى أن فولكر كان يجب أن يعقد ورشة داخلية يجمع فيها الفرقاء السودانيين من جميع الأطراف العسكرية والمدنية والمعارضة المسلحة والقوى الشعبية لبناء مصالحة وطنية شاملة.
عدم حماس الجيش
وكان نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف بـ حميدتي صرح قبل أسبوعين بأن مبادرة الأمم المتحدة في السودان مجرد ليست وسيطا بين السودانيين.
تصريحات حميدتي اظهرت رغبة العسكريين بعدم الترحيب بالمبادرة الأممية حيث تظاهر الآلاف من أنصار النظام البائد وعناصر موالية للعسكريين وأنصار الادارات الأهلية قرب مقر البعثة ورفضوا تدخلها وهذه التظاهرات حظيت بحماية القوات الأمنية بحسب ما نقل شهود عيان.
وفي تطور لافت للمبادرة طلب رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان فولكر بيرتس اجتماعا مع قوى الحرية والتغيير “مجموعة المجلس المركزي” أمس الثلاثاء وخلال الإجتماع تسلم فولكر الميثاق السياسي الذي صاغته قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي”.
توسعة المبادرة
وأبلغ وفد قوى الحرية والتغيير فولكر بيرتس بأنهم يرفضون التفاوض المباشر مع العسكريين وإن كان هناك ثمة تفاوض يجب أن يكون على نقل السلطة إلى من العسكريين إلى المدنيين.
وجرى اللقاء بمساندة من دول الترويكا التي شجعت قوى الحرية والتغيير على صياغة بنود قد تستخدم كـ”خارطة طريق” لاستعادة مسار الانتقال من الانقلاب العسكري.
ويوضح عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير “مجموعة المجلس المركزي” شهاب الطيب في تصريحات لـ(عاين) أن فولكر نقل لبعض المقربين أن المبادرة قد تتحول إلى مائدة مستديرة لجمع الفرقاء السودانيين.
ولفت الطيب إلى أن المائدة المستديرة قد تكون “حلا مناسبا ” للوضع الراهن وإنهاء الانقلاب إذا تمت تسمية الأطراف الممثلة على المائدة لأن هناك قوى مدنية موالية للانقلاب العسكري لذلك يجب تحديد أطراف المائدة من الجهات التي لها مصلحة في التحول الديمقراطي.
وتواجه مبادرة فولكر بيرتس تعقيدات في نظر المحللين السياسيين أبرزها استغراق الوقت والتواصل مع أطراف غير مؤثرة سياسيا إلى جانب رفضها من القوى الشعبية التي تقود الاحتجاجات لإسقاط الحكم العسكري.
لكن المسؤول في مكتب الإعلام في بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان، فادي القاضي ذكر في تصريحات لـ(عاين) ردا على السقف الزمني للمبادرة : “عملية المشاورات ليست مفتوحة بلا نهاية إنما يستكمل الزملاء والزميلات اللقاءات ضمن جلسات المشاورات”.
تيسير وتسهيل
وأضاف القاضي : “المشاورات في الوقت الراهن هي عملية تيسيروتسهيل تتضمن فقط الاستماع إلى وجهات نظر وطروحات الأطراف السودانية”.
وحول الموعد المضروب لوصول المبادرة إلى غايتها، ذكر متحدث يونتاميس فادي الفاضي، أن المبادرة تعتمد على الخطوات اللاحقة عقب استعراض استعراض ودراسة كل وجهات النظر التي تم طرحها من قبل الأطراف المختلفة.
وتابع : “لا يوجد تصور حاليا لما يمكن أن تكون عليه الخطوة لاحقا”.
ويجري فولكر لقاءاته الأطراف السودانية في مقر البعثة بالعاصمة السودانية بينما يجري المشاورات مع العسكريين في في مجلس السيادة الانتقالي.
والمبادرة التي انطلقت في ديسمبر تحظى بدعم الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي ومؤخرا دخل الاتحاد الأفريقي على خط الأزمة مقدما مبادرته لكن بالنسبة للمدنيين فإن مبادرة الاتحاد الأفريقي قد تكون مساندة للعسكريين.
وفي رد فعل على تحركات الاتحاد الأفريقي طلبت قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” من فولكر بيرتس في اللقاء الذي جرى أمس الثلاثاء بالعاصمة تكوين آلية دولية للمبادرة تضم دول الترويكا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي على أن تكون الأمم المتحدة مقررة للآلية.
ويرى عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” شهاب الطيب أن دول الترويكا والاتحاد الأوروبي لديهم قدرة على ممارسة ضغوط هائلة على الأطراف المعرقلة للتحول الديمقراطي لان المبادرة الأممية رغم انها مدعومة من مجلس الأمن الدولي قد تكون غير كافية لاستعادة الفترة الانتقالية وإنهاء الانقلاب العسكري.