السودانيون يحاصرون “الانقلابيين” ويكسرون الترسانة الأمنية

19 ديسمبر 2021

تحدى عشرات الآلاف من المتظاهرين السودانيين اليوم الأحد الترسانة الأمنية التي اقامتها تشكيلات من القوات الشرطية والعسكرية وسط العاصمة السودانية لمنع وصول المتظاهرين في الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر 2018 القصر الرئاسي.

وأجبر الآلاف المتجهين إلى محيط القصر من مدن الخرطوم  بحري وأم درمان قوات الأمن التي أغلقت الجسور المؤدية إلى العاصمة ليلة أمس للانسحاب والتراجع أمام الحشود التي ابدت تصميما على العبور للحاق بآلاف وصلوا محيط القصر متحدين عنف قوات الشرطة الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته بكثافة تجاههم.

واستجابت الحشود التي تظاهرت في العاصمة الخرطوم ومدن ولايات السودان المختلفة للدعوات الواسعة التي أطلقتها لجان المقاومة وقوى الثورة السودانية في الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر والاحتجاج على الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي.

وتستمر حتى حلول المساء محاولات قوات الشرطة لتفريق المتظاهرين من محيط القصر وسط دعوات أطلقتها لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين لمواصلة المحتشدين المقاومة والبقاء في محيط القصر الرئاسي وسط دوي قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية التي أوقعت أصابات عديدة رصدتها (عاين) بين المتظاهرين وسط تقارير عن إصابات بالرصاص. لم يكن أمام الآلاف الانتظار سوى ساعات لكسر الطوق الأمني ومحاصرة القصر الرئاسي مقر مجلس السيادة الانتقالي “أعلى هيئة انتقالية”.

متظاهر سوداني يحمل قنابل للغاز المسيل للدموع فارغة امام مقر القصر الرئاسي 19 ديسمبر 2021: (عاين)

وكسر الموكب الأول الذي وصل الى شارع القصر من الخرطوم الترسانة الأمنية بعد سلسلة من المناورات والكر والفر حيث أجبر المتظاهرين القوات الأمنية على الانسحاب الى الناحية الغربية من القصر جوار مبنى رئاسة شركة البريد.

ورصدت (عاين) مواكب الخرطوم التي وصلت الى شارع القصر تقدر أعدادهم بعشرات الآلاف وظهر عليهم التصميم بالوصول الى مقر مجلس السيادة الانتقالي للمطالبة بتنحي المجلس بالكامل والذي يضم عسكريين َومدنيين عينهم قائد الجيش في 11 نوفمبر الماضي بعد اسبوعين من الانقلاب العسكري.

وتمكن الآلاف من المتظاهرين من عبور جسر النيل الأبيض الذي يربط بين الخرطوم وأم درمان عقب تراجع الحواجز الامنية وانسحاب القوات العسكرية إلى محيط قاعة الصداقة. وقال شاهد لـ(عاين)، ان الآلاف من المتظاهرين عبروا جسر النيل الأبيض وشكلوا دعما للمتظاهرين في محيط القصر وقاوموا الترسانة الامنية في شوارع السوق العربي غربي القصر والتي تضم المقار الرئيسية للحكومة.

قالت رانيا عبد المنعم وهي متظاهرة في شارع القصر  لـ(عاين)، ان المكون العسكري سقط معنويا حتى الآن. وترى عبد المنعم، أن الاحتجاجات التي اندلعت منذ وقت ستكتب النهاية للعسكريين والتحالف المسلح معهم لأنهم انقلبوا على السلطة في وضع لم يتراجع الشارع وهذا نوع من الجنون.

وتتمسك الحشود بالبقاء أمام القصر الرئاسي تحاول تنظيم اعتصام سلمي لاجبار العسكريين على تغييرات جذرية بينما اكد مسؤول سابق في مكتب رئيس الوزراء أن الساعات القادمة ستكون حاسمة ربما يتم إعلان قرارات جريئة من جانب الجيش السوداني الذي يدرس الوضع في الوقت الراهن ويخضعه للمراقبة المستمرة.

واوضح المصدر ان القرارات ربما تشمل قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك وقد يغادران المشهد تماما. ورصدت (عاين) جلب بعض المتظاهرين المقاعد والوسادات في اشارة الى اعتصام القصر الجمهوري.

متظاهرون امام البوابة الجنوبية للقصر الرئاسي، 19 ديسمبر 2021، (عاين)

وقال منتصر عبد الرحمن، الذي كان يتواجد جوار حديقة الشهداء قرب القصر،  أن الإعتصام وَسيلة لإجبار السلطة العسكرية على التنحي. موضحا ان (اعتصام الانقلابيين) في شهر أكتوبر الماضي هو الذي حفز السودانيين على حماية ثورتهم التي لا تزال مشتعلة منذ ثلاثة سنوات.

وفي منحى آخر قال المصدر الحَكومي السابق ان القوات الامنية التي أطلقت قنابل الغاز على المتظاهرين جوار القصر مجموعة منهم جرى تجميعهم من الأمن الطلابي التابع للتنظيم الاسلامي لذلك كانوا يحاولون فض مواكب القصر بالقوة.

اعتصامات

وفي مدن بورتسودان بولاية البحر الأحمر وود مدني في ولاية الجزيرة أواسط البلاد، أعلن المئات الذين احتلوا مقرات رئاسة الحكومة الولاية اعتصاما حتى سقوط الحكومة العسكرية. فيما شهدت مدن اخرى بولايات دارفور ونهر النيل والشمالية وسنار مظاهرات مماثلة. وندد المئات بمدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور باستيلاء العسكريين على السلطة ورفضهم وثيقة الشراكة بين قائد الجيش ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

وتوافد المتظاهرون الى موقع التجمع الرئيسي في “سينما نيالا” وسط المدينة وتحركت المواكب جنوبا الى شارع الضعين، ثم الى شارع الشهيد عبدالعظيم “أحد شهداء الثورة السودانية.” ورفع المتظاهرون شعارات تطالب بضرورة التحول المدني الديمقراطي الكامل بفض الشراكة مع العسكريين، وتسليم السلطة كاملة لحكومة مدنية.

وقال هاشم زكريا، عضو لجنة المعلمين بولاية جنوب دارفور إن اللجان الثورية مواصلة المواكب بصورة مستمرة في نيالا دعما للتحول المدني الديمقراطي الكامل. وأكد زكريا لـ(عاين)، وحدة الاجسام الثورية في نيالا بشكل كامل بعد قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر، واتفاق اجسام الثورة في رفض القرارات قائد الجيش والتسليم الكامل للسلطة للمدنيين. ودعا زكريا المتظاهرين الى سلمية الثورة وتفويت الفرصة للقوات العسكرية باستخدام القوة لفض المواكب.