مرصد الصراع في السودان (14).. خمس قضايا رئيسية
التطورات الأمنية: احتدام المواجهة في الفاشر
تحالف “تقدم” يسعى لتوسيع قاعدته
القضايا الإنسانية: يزداد خطر المجاعة المدمرة مع استمرار عقبات الوصول
حقوق الإنسان: استهداف كل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية للمدنيين في مناطقهم
الاستجابات الدولية: قرار مجلس الأمن الدولي، عقوبات جديدة و جهود لوقف إطلاق النار
التطورات الأمنية: احتدام المواجهات في الفاشر
تركزت تطورات الصراع في الشهر الماضي حول الفاشر، حيث تزعم مصادر لقوات الدعم السريع أنها حشدت ما يصل إلى ٢٨ ألف جندي وميليشيات متحالفة معها – إلى جانب الأسلحة الثقيلة والطائرات بدون طيار والقوات الخاصة المدربة على القتال في المدن وبنادق القناصة – في حصار كامل للقوات المسلحة السودانية والمجموعات المسلحة على اتفاقية جوبا للسلام و المدافعين المدنيين (المستنفرين). وبينما حققت قوات الدعم السريع تقدمًا تدريجيًا في الأحياء الواقعة على أطراف المدينة، لا تزال مصادر القوات المسلحة السودانية واثقة من مواقعها الدفاعية وتشير إلى أن قوات الدعم السريع لم توجه ضربة حاسمة بعد. في ٢٨ مايو، رفضت المجموعات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام محاولات قائد قوات الدعم السريع علي رزق الله “السفانة” السيطرة على سد قولو الذي يقال إنه يضم ٨٠٪ من إمدادات المياه في المدينة. وفي ١٤ يونيو، تكبدت قوات الدعم السريع خسارة قائد منطقة وسط دارفور علي يعقوب جبريل في كمين نصب لها في ظروف غامضة وسط مدينة الفاشر، على مقربة من مقر الفرقة السادسة للقوات المسلحة السودانية. وعلى الرغم من النجاح التكتيكي قصير الأجل الذي حققته القوات المسلحة السودانية ومجموعات اتفاقية جوبا للسلام – جزئياً بسبب ما قيل عن استيلائهم على معلومات استخباراتية حيوية من سيارته – إلا أن مقتله يبدو أنه شجع قوات الدعم السريع على الانتقام.
ولا تزال مشاكل التنسيق تمثل مشكلة بالنسبة للقوات المسلحة السودانية ومجموعات اتفاقية جوبا للسلام والمدافعين المدنيين(المستنفرين). وقد تفاقمت هذه المشكلة خلال الشهر الماضي بسبب نقص الإمدادات. وأدت سيطرة قوات الدعم السريع على الطرق الرئيسية المؤدية إلى المدينة إلى قيام القوات المسلحة السودانية بإعادة الإمداد عبر ما لا يقل عن ٥-٦ عمليات إنزال جوي بين أبريل ويونيو. ومع ذلك، تشير مصادر ميدانية إلى أن غرفة العمليات المشتركة التي تديرها القوات المسلحة السودانية وقيادة مجموعات مجموعات اتفاقية جوبا للسلام جوبا للسلام، والتي تقع بالقرب من مقر مدفعية الفرقة السادسة في وسط المدينة، لم تتمكن من الاستجابة بشكل كبير لطلبات الحصول على ذخيرة إضافية وأغذية وإمدادات طبية من وحدات الخطوط الأمامية. بالإضافة إلى ذلك، أشارت مصادر ميدانية إلى شكاوى المدافعين المدنيين (المستنفرين) المسلحون تسليحًا خفيفًا بشأن الانسحابات الاستباقية لوحدات الدعم التابعة للقوات المسلحة السودانية ومجموعات اتفاقية جوبا للسلام، حيث تخشى الأخيرة من استيلاء قوات الدعم السريع على أسلحة ثقيلة ومدرعات ثمينة. وقد بدأت مناقشات بين القوات المسلحة السودانية ومجموعات اتفاقية جوبا للسلام بشأن قوة إغاثة محتملة للمدافعين عن الفاشر. و قد تعتمد على مئات المركبات التابعة للقوات المسلحة السودانية ومجموعات اتفاقية جوبا للسلام التي تتنقل بين الدبة بشمال السودان و منطقة المثلث (منطقة عابرة للحدود بين السودان وليبيا ومصر)، وفي معسكرات مجموعات اتفاقية جوبا للسلام (الموقعين على اتفاقية جوبا للسلام) المنتشرة في جميع أنحاء المحليات الغربية لشمال دارفور.
يستمر القتال في الفاشر في تصعيد خطر الصراع العرقي بين العرب والزغاوة الذي يحفزه خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي وتستغله الفصائل المتحاربة كدافع رئيسي للتجنيد. وقد شنت مليشيات الزغاوة ومجموعات مسلحة تابعة لاتفاقية جوبا للسلام بقيادة حركة تحرير السودان- مني ميناوي ورئيس الأركان فيصل صالح الذي عاد من ليبيا إلى محلية أمبارو مع أكثر من مائة عربة في أوائل مايو ٢٠٢٤- هجوماً على الزرق في شمال دارفور، وهي منطقة موطن قبيلة الأبالة الرزيقات. وتحتفظ قوات الدعم السريع بقاعدتين لوجستيتين وسلسلة من المعسكرات في المنطقة، كما أنها جلبت اثنين من القادة المسؤولين عن طرق الإمداد من ليبيا – عبد الله شاقاب وفاضل الناجي – لحشد القوات للدفاع عن المنطقة. كما هددت قوات الدعم السريع بمهاجمة مناطق تمركز الزغاوة في وادي هور وأم بارو وكرنوي للانتقام..
بدأ اصرار قوات الدعم السريع على القتال في الفاشر يفسح المجال لتقدم القوات المسلحة السودانية على طول خطوط الجبهات الأخرى في جميع أنحاء السودان، مع استمرار تحقيق مكاسب متزايدة في أم درمان وعلى طول محور المناقل في ولاية الجزيرة. كما واصلت قوات الدعم السريع شن هجمات على بابنوسة في غرب كردفان ومقر قيادة الفرقة المدرعة في الشجرة جنوب غرب الخرطوم، لكنها تكبدت خسائر فادحة حول الموقع الأخير في منتصف يونيو ٢٠٢٤.
تستمر مشاكل القيادة والسيطرة التي تواجهها قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة في الظهور، مع استمرار العمليات المجزأة التي يقوم بها قادة ميدانين مثل عبد الرحمن البيشي والمقرب له أبو شوتال بالإضافة إلى الهجمات المتزايدة على قرى المدنيين مثل هجوم ٥ يونيو على ود النورة. ووفقًا لأعضاء لجنة مقاومة ود مدني، قامت قوات الدعم السريع بقصف القرية من عدة محاور باستخدام الأسلحة الثقيلة، ما أسفر عن مقتل ١٦٠ مدنيًا ودفع الآلاف إلى الفرار من المنطقة، حيث انتقل العديد منهم إلى مدينة الدويم بولاية النيل الأبيض. زعمت قوات الدعم السريع في بيان لها أنها استهدفت ثلاث وحدات منفصلة من الجيش، تتألف من وحدات الجيش النظامي إلى جانب الاستخبارات العسكرية و”ميليشيا” الزبير بن العوام الإسلامية. إلا أن الجيش والمدنيين ينفون ذلك و يصرون على أنه لم يكن هناك وجود عسكري في المنطقة ويتهمون القوات المتحالفة مع قوات الدعم السريع باستخدام هذه الذريعة لنهب المدينة.
منذ السيطرة على ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، في ديسمبر الماضي، استهدفت قوات الدعم السريع عدة قرى داخل الولاية. ففي ٢١ مايو الماضي، اقتحمت قوات الدعم السريع منطقة التكينة ما أسفر عن مقتل ١٨ مدنيًا. كما وقعت غارات متعددة ومتكررة على قرى في ولاية الجزيرة في فبراير وفقًا لمصادر محلية. و من أكثرها دموية غارة وقعت في ١٩ فبراير في منطقة المغاربة، حيث قتلت قوات الدعم السريع ستة مدنيين. وقبل الهجوم على ود النورة بأيام قليلة فقط، استهدفت قوات الدعم السريع قريتي أم دويمة والحصاحيصا وقتلت ثلاثة مدنيين. وقالت مصادر محلية لـ”عاين” إن الجيش لم يتدخل رغم تواجده على بعد أربعة كيلومترات تقريبًا.
حرب الاستنزاف
قد تشير سلسلة من النجاحات الأخيرة على جبهات القتال إلى أن قوات الدعم السريع تستخدم استراتيجية جديدة لحرب الاستنزاف ضد القوات المسلحة السودانية لتشتيت تركيزها من خلال شن هجمات خاطفة على البلدات المعزولة وضعيفة الدفاع، والانسحاب قبل أن تتمكن القوات المسلحة السودانية من حشد قوات برية كبيرة لشن هجوم مضاد. ومن شأن الاستراتيجية الجديدة أن تزيد من اعتماد القوات المسلحة السودانية على الضربات الجوية لطرد قوات الدعم السريع من البلدات التي استولت عليها، مما يزيد من مخاطر وقوع خسائر في صفوف المدنيين في خضم الحرب. ويمثل هذا تغيرًا كبيرًا مقارنة بهجمات قوات الدعم السريع في بداية الحرب التي استخدمت خلالها القوات حشودًا كبيرة من القوات و الذخيرة لاجتياح حاميات المدن ومقار الفرق التابعة للقوات المسلحة السودانية. وعلى الرغم من فعالية هذه الهجمات، إلا أنها أسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في صفوف قوات الدعم السريع.
الفولة
في ٢٠ يونيو، سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفولة، عاصمة ولاية غرب كردفان، محولةً انتباهها من بابنوسة إلى المدينة. كان هذا أول تقدم كبير لقوات الدعم السريع منذ عدة أشهر. وبسقوط الفولة تصبح بابنوسة المعقل الوحيد للحكومة في المنطقة التي تعتبر مفترق طرق مهم. كان الدافع وراء الهجوم جزئياً زيارة بعض وجهاء المسيرية إلى بورتسودان الذين أعلنوا ولاءهم للقوات المسلحة السودانية، ما أثار مخاوف في قوات الدعم السريع من أن يؤدي هذا التصرف إلى تحفيز محاولات القوات المسلحة السودانية لخلق انقسامات بين أحد أكبر جماهيرها، أي المسيرية في ولايتي غرب وجنوب كردفان. وأظهر الهجوم قدرة قوات الدعم السريع على شن هجوم كبير دون أن تستدعي القوات التي تحاصر بابنوسة والفاشر والأبيض. وكما دون خالد إسماعيل، فإن استيلاء قوات الدعم السريع على هذه المناطق يضع حقول النفط الرئيسية في بليلة وأبو جابرة تحت سيطرتهم. بالإضافة إلى امتدادات خطوط الأنابيب الكبيرة التي تعبر غرب كردفان وإنتاج الثروة الحيوانية والتجارة في المنطقة، والحدود الطويلة مع دولة جنوب السودان وولايات دارفور. وبالتالي تأمين خطوط الإمداد الاستراتيجية لقوات الدعم السريع في كردفان ووسط السودان ومع جنوب السودان وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى.
أدى هذا التطور إلى نزوح أعداد كبيرة، حيث قال أحد المتطوعين من غرفة طوارئ الفولة إن ٦٠٪ من سكان المدينة فروا بعد سقوط المدينة، ما فاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة. كما كانت الفولة تأوي ١٦١٨ نازحاً من الرجال والنساء القادمين من بابنوسة، من بينهم ٣٢٤ طفلاً و ٧١٤ امرأة، حسبما جاء في بيان غرفة طوارئ بابنوسة. وفي رد فعل معهود، قام سلاح الجو التابع للقوات المسلحة السودانية بقصف الفولة في العشرين من يونيو بعد سقوطها في يد قوات الدعم السريع، مما تسبب في سقوط عشرات الضحايا المدنيين وتدمير العديد من المباني العامة، بما في ذلك مبنى التشريع بالولاية..
وفي الوقت الذي سيطرت فيه قوات الدعم السريع على مزيد من حقول النفط السودانية في ولاية غرب كردفان، تعرضت مصفاة الجيلي لتكرير النفط، الواقعة على بعد ٧٠ كيلومترًا شمال العاصمة والخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع أيضًا، لهجوم. في العشرين من يونيو، سقطت قذائف على المصفاة ونفى الطرفان المتحاربان مسؤوليتهما عن الهجوم. يرى وكيل وزارة الطاقة والنفط السابق، حامد سليمان حامد، أن هذه المواقع تعتبر “مجمعًا حيويًا للطاقة” على مستوى البلاد، وتقدر قيمة أصول مصفاة الخرطوم وحدها بـمليار و نصف المليار دولار أمريكي. ويقول مصدر من نقابة العاملين في قطاع النفط المتمركزة بالقرب من المصفاة إن ما يقرب من ٣٠٪ من المنشأة قد دُمر في الحرب.
سنار
في الرابع والعشرين من يونيو، شنت قوات الدعم السريع هجومًا بالقرب من مدينة سنار، عاصمة ولاية سنار، حيث هاجمت قوات الدعم السريع من الخلف الخطوط الأمامية للقوات المسلحة السودانية وأحدثت حالة من الذعر في المدينة. بدى الهجوم أقرب إلى غارة منه إلى هجوم شامل يهدف إلى الاستيلاء على الأراضي، لكنه مع ذلك أظهر ضعف الخطوط الأمامية. على الرغم من إرسال القوات المسلحة السودانية تعزيزات من ولاية النيل الأزرق للحفاظ على السيطرة على العاصمة، إلا أن المئات من السكان غادروا في اليوم التالي خوفًا من استيلاء قوات الدعم السريع على المدينة. وتسيطر قوات الدعم السريع على منطقة جبل موية القريبة، حيث يوجد مشروع زراعي كبير ومخازن للحبوب، وفقًا لما ذكرته نهلة حسن، العاملة في المجال الإنساني. وأضافت نهلة أن السيطرة على هذه المنطقة ستحرم الكثيرين من الوصول إلى الإمدادات الغذائية التي تشتد الحاجة إليها، كما أضافت نهلة حسن أن سيطرة قوات الدعم السريع على هذه المنطقة ستضع قوات الدعم السريع في وضع أفضل للسيطرة على سنار
سنجة
في ال٢٩ من يونيو، أغار رتل من القوات الفنية التابعة لقوات الدعم السريع على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار وسيطر بسهولة على الفرقة 17 مشاة التابعة للقوات المسلحة السودانية. ووفقًا للرسائل الصوتية التي أرسلها السكان المحليون أثناء الهجوم، فإن الفرقة كانت مكشوفة لأن فريق الاستخبارات العسكرية كان قد سافر إلى سنار في اليوم السابق لتأمين زيارة الفريق أول برهان. كانت القوات المسلحة السودانية قد عززت قواتها بسنار بعد هجوم قوات الدعم السريع،و على ما يبدو أن الهدف منه كان تشتيت انتباه القوات المسلحة السودانية عن الهدف الحقيقي، سنجة. في الواقع، كانت القوات المسلحة السودانية قد عززت دفاعات سنار بعد استيلاء قوات الدعم السريع على جبل موية قبل أيام. واعتبارًا من مساء ال٢٩ من يونيو، بدأت قوات الدعم السريع في عمليات نهب واسعة النطاق للمدينة، بما في ذلك المركبات، مع توقعات باستهداف البنية التحتية والمؤسسات المدنية. من المتوقع أيضًا أن يكون لسقوط سنجة عواقب إنسانية وخيمة، مع احتمال تعطل المخططات الزراعية واسعة النطاق في المستقبل في المناطق المجاورة مثل ولايات النيل الأزرق والنيل الأبيض والجزيرة.
تحالف “تقدم” يسعى لتوسيع قاعدته
جمع قادة تحالف “تقدم” المدني في أواخر مايو نحو ٦٠٠ مندوب في محاولة لتوسيع قاعدة التحالف وجعله صوتًا أقوى وأكثر مصداقية للمدنيين. وتم الإعلان عن هيكلية قيادية جديدة سمحت بقيادة أكثر انفتاحًا. وقد لعب قادة قوى الحرية والتغيير دورًا أقل وضوحًا بشكل ملحوظ في الهياكل القيادية الجديدة، مما يشير إلى محاولة الانفتاح.
كما حاولت القيادة أيضًا التواصل مع مراكز القوة الأخرى، لا سيما الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال، لضمها إلى تحالف أوسع. وقد انضمت الحركة إلى مؤتمر مايو بصفة مراقب، لكنها قالت إن مشاركتها على المدى الطويل ستعتمد على التطورات القادمة.
بالإضافة إلى ذلك، أدان التحالف علنًا انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في يونيو ٢٠٢٤. ويبدو أن هذه الخطوة هي محاولة لإبعاد تحالف تقدم عن قوات الدعم السريع، التي يراها البعض قريبة منها.
ومع ذلك، يبقى أن ترى مدى مصداقية هذا الجهد الأكبر لدى المجتمع المدني السوداني الأوسع نطاقاً ومدى ملاءمته لجهود الوساطة الأوسع نطاقاً. رحب الناشط السياسي البارز في الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، ياسر عرمان، بالمؤتمر، لكنه قال إن هناك حاجة إلى مزيد من التواصل للوصول بالمبادرة إلى كتلة معتبرة. وعلى الصعيد الدولي، يجب أن ينظر إلى كيفية تعامل التحالف مع الحوار السوداني الداخلي الذي يرعاه الاتحاد الإفريقي المزمع تنظيمه الشهر المقبل. وتفيد التقارير بأن الاتحاد الأفريقي يتطلع إلى إشراك جميع الأطراف، بما في ذلك حزب المؤتمر الوطني الحاكم السابق، وهي خطوة عارضها تحالف تقدم.
القضايا الإنسانية: يزداد خطر المجاعة المدمرة مع استمرار عقبات الوصول
يستمر الوضع الإنساني في السودان في التدهور. فوفقًا لمدير العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، يواجه حاليًا ما يقرب من خمسة ملايين شخص مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي (المستوى الرابع من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي)، معظمهم في مناطق النزاع. أكثر من مليوني شخص من هؤلاء معرضون لخطر التدهور إلى مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي في الأسابيع القليلة المقبلة. ويقدر عدد الأطفال المتأثرين بالفعل بسوء التغذية الحاد بنحو ٣،٧ مليون طفل، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي. تفيد الشبكة العالمية للإنذار المبكر بالمجاعة أن الموارد الغذائية في الفاشر تزداد ندرة، وأن أسعار الحبوب ارتفعت بين مارس ومايو بنسبة ١٥-٢٥٪ في المدينة، و المواد الغذائية الأخرى ارتفعت بنسبة ٢٥-٧٠٪
قدر تحليل أجرته منظمة كلنغانديل في مايو من ٢٠٢٤ أن عدد الوفيات الناجمة عن المجاعة القادمة قد يصل إلى ٢،٥ مليون شخص، على افتراض استمرار عمل أنظمة الدعم المجتمعي مثل المطابخ المجتمعية.
وعلى خلفية هذه الصورة الإنسانية المدمرة، لا تزال الاستجابة تواجه إشكالية كبيرة. وتواجه غرف الاستجابة للطوارئ التي تدير مطابخ مجتمعية في الخرطوم للاستجابة للجوع، تواجه نقصاً في التمويل وتهديدات أمنية. وقد أُجبر العديد منها على تقليص خدماتها إلى أقل من وجبة واحدة في الأسبوع.
قد أعاق كل من القتال و القيود البيروقراطية الوصول إلى هذه المطابخ. وقد تم رفض عدد من التصاريح المتعلقة بمعبر تينا ويشكل الوصول إلى أكثر الطرق المباشرة مصدر قلق، خاصة مع اقتراب موسم الأمطار، والذي يُخشى أن يجعل بعض المعابر، وخاصة معبر تينا غير صالحة للعبور. وقد دعا مجلس الأمن في قراره الأخير بشأن الفاشر على وجه التحديد إلى إعادة فتح نقطة أدري الحدودية. وعلى الجانب الإيجابي، أفادت التقارير أن الحكومة كانت أكثر تعاوناً في الأسابيع الأخيرة، حيث زادت نسبة التنقلات والتأشيرات التي تمت الموافقة عليها. ومع ذلك، لا يزال فتح الحدود يشكل مصدر قلق كبير.
حقوق الإنسان: استهداف كل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية للمدنيين في مناطقهم
تتسابق كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والفصائل المتحالفة معهما في تجاهل التزاماتها بموجب قوانين الحرب.
فقد قامت قوات الدعم السريع بمهاجمة وذبح المدنيين والمجندين الجدد في وحدات المقاومة الشعبية التي شكلتها هذه القوات في مختلف القرى والبلدات الصغيرة في الجزيرة، مبررةً عمليات القتل هذه بأنها عمل عسكري مشروع ضد التهديدات الوشيكة لقواتها، كما حدث في قرية ود النورة بولاية الجزيرة، حيث قامت قوات الدعم السريع بذبح عشرات المدنيين. وردًا على تنديد لجان المقاومة والفاعلين في مجال الديمقراطية، زعمت قوات الدعم السريع أن الهجوم كان ردًا عسكريًا استباقيًا ضد الجيش والمجندين الجدد في المقاومة الشعبية ومعسكرات إحدى الكتائب الجهادية في محيط القرية. ووقعت حوادث مماثلة في قرية البابكر، حيث قُتل سبعة مدنيين وتعرضت القرية لعمليات نهب واسعة النطاق، وفي عسير، حيث أفادت التقارير بمقتل ١٨ شخصاً.
وفي منتصف شهر يونيو، ظهر الإسلامي البارز الناجي عبد الله في شريط فيديو بثته قناة طيبة التلفزيونية الجهادية التي تبث من تركيا، وهو يحث المجندين الجدد، الذين يُزعم أنهم من كتيبة البراء الإسلامية في موقع لم يُذكر اسمه في منطقة المناقل على اعتقال وذبح أسرى قوات الدعم السريع دون رحمة، مشبهاً إياهم بأضاحي عيد الأضحى.
وفي التاسع عشر من يونيو، ارتكب مجندو القوات المسلحة السودانية والمقاومة الشعبية مذبحة بحق أكثر من خمسين من سكان القرية ٣٢ في منطقة تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية بالكامل، ثم أحرقوا القرية. تم الإبلاغ عن هذا الحادث من قبل جمعية للعمال المهاجرين في ولاية الجزيرة وأكدته تقارير إعلامية مختلفة. وكان الضحايا، وهم من قبيلتي التاما والبرقو، من سلالة عمال زراعيين مهاجرين من غرب السودان عاشوا في المنطقة لأجيال.
و في السابع و العشرين من الشهر نفسه، قتلت القوات المسلحة السودانية ثلاثة من كشافة قوات الدعم السريع الذين تم أسرهم. وتؤكد مقاطع فيديو للوقائع أن الرجال تم احتجازهم قبل قتلهم. ومن ثم التمثيل بجثثهم وإلقائها في قناة مائية.
وقد فشلت القوات المسلحة السودانية في التحقيق في العديد من الحوادث التي قام فيها مقاتلون يرتدون زيها العسكري بقطع رؤوس أفراد يُشتبه في كونهم من أفراد قوات الدعم السريع أو مؤيديها. يظهر في أحد مقاطع الفيديو مدير جهاز المخابرات العامة في شمال كردفان العوض محمد العوض بينما يقوم الجنود بقطع رأسي اثنين من مقاتلي قوات الدعم السريع بحضوره، كما يظهر في مقطع فيديو آخر وهو يوجه المقاتلين والمتطوعين لقطع رؤوس أسرى قوات الدعم السريع.
وقد اعتاد الطرفان على نشر صور مصورة ذاتيا على وسائل التواصل الاجتماعي تظهرهم وهم يعدمون مقاتلين غير مسلحين إما أنهم أصبحوا عاجزين عن القتال أو تم أسرهم.
وفي ولايتي نهر النيل والقضارف اللتين تسيطر عليهما القوات المسلحة السودانية، حثّ الولاة مرارًا وتكرارًا الأجهزة الأمنية والمواطنين على مراقبة هؤلاء المهاجرين، خشية أن يكونوا خلايا نائمة تابعة لقوات الدعم السريع. وقد أدى ذلك إلى سياسات “التنميط الإقليمي” المعتمدة رسميًا، حيث تعرض العديد من الغربيين في الولايات التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية للاعتقال أو سوء المعاملة أو الاختفاء بناءً على شكوك واهية حول ارتباطهم بالعدو.
إن تكرار هذه الحوادث يسلط الضوء على عدم قدرة أو عدم رغبة القيادات العليا في كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في ضمان التزام قواتها بالقانون الإنساني الدولي. ويجب أن يخضع هؤلاء القادة للمساءلة عن دفع بلادهم نحو عمليات قتل جماعي واسعة النطاق في جميع أنحاء السودان.
الردود الدولية: قرار مجلس الأمن الدولي، عقوبات جديدة وحملة لوقف إطلاق النار
مجلس الأمن الدولي يصدر قرارًا يطالب قوات الدعم السريع بإنهاء حصارها للفاشر
في ال١٣ من يونيو ٢٠٢٤، تبنى مجلس الأمن الدولي القرار رقم ٢٧٣٦ الذي أعرب فيه عن “قلقه العميق” إزاء القتال في الفاشر وطالب قوات الدعم السريع بإنهاء حصارها للفاشر. كما دعا القرار إلى إعادة فتح معبر أدري الحدودي، الذي أعاقه عدم حصوله على إذن من القوات المسلحة السودانية. وذكّر القرار الدول الأعضاء بضرورة احترام حظر الأسلحة السابق على السودان.
وقد قوبل القرار بالترحيب من قبل النشطاء الذين يسعدهم بشكل عام أن يروا انخراطًا في الأزمة، ولكن يُنظر إليه على أنه إجراء ضعيف نسبيًا جاء متأخرًا. وذكر كاميرون هدسون، عضو رفيع في برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، “أرى أن هذا القرار هو بمثابة ضربة افتتاحية أكثر من كونه مغيرًا لقواعد اللعبة”. هناك حاجة إلى بذل المزيد من الجهود للدفع باتجاه حماية المدنيين في الفاشر الذين يواجهون العواقب الكارثية للنزاع.
وبالإضافة إلى ذلك، أصدر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بياناً في الحادي و العشرين من يونيو بإنشاء لجنة رئاسية مخصصة تابعة لمجلس السلم والأمن الأفريقي لتيسير المفاوضات في أقرب وقت ممكن، ووضع إطار لفرض عقوبات على الجهات الخارجية التي تتدخل في النزاع، وطلب خيارات تتعلق بحماية المدنيين. كما أشار الاتحاد الأفريقي إلى اعتزامه عقد جلسة استثنائية بشأن السودان
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يفرضان جولة جديدة من العقوبات
في السادس من يونيو ٢٠٢٤، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على ستة كيانات تجارية مسجلة في دولة الإمارات العربية المتحدة تم توثيق دعمها للمجهود الحربي لقوات الدعم السريع، وهي شركة الجيل القديم للتجارة العامة ذ.م.م، وشركة الزمرد والياقوت لتجارة الذهب والمجوهرات ذ.م.م، وشركة كابيتال تاب للتجارة العامة ذ.م.م، وشركة كابيتال تاب القابضة ذ.م.م, وشركة كابيتال تاب للإدارة والاستشارات ذ.م.م. وشركة كابيتال تاب للتجارة العامة والاستشارات ذ.م.م. وشركة كرييتف بايثون ذ.م.م. وشركة هورايزون ادفانسد سوليوشنس للتجارة العامة – ملكية فردية ذ.م.م. ويعتقد أن هذه الكيانات الستة إما أنها واجهات لشراء الأسلحة/المواد من قوات الدعم السريع، أو أنها متورطة في تجارة الذهب المستخرج من المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع. وبحسب الموقع الإلكتروني للبنك، فإن شركة الجيل القديم ش.ذ.م.م.م، التي تمتلك ١٤،٠١٪ من أسهم بنك الخليج في السودان، مسجلة في دولة الإمارات العربية المتحدة. أدرج الموقع الإلكتروني لوزارة الاقتصاد الإماراتية بتاريخ ٣١/٣/٢٠٢٠ اسم المدير المسؤول عن شركة الجيل القديم على أنه عبد الرحيم حمدان دقلو موسى، نائب قائد قوات الدعم السريع. حالياً، لم يظهر البحث أي معلومات عن الشركة.
في ال٢٤ من يونيو ٢٠٢٤، فرض الاتحاد الأوروبي حظر على ستة أفراد جدد، من بينهم عبد الرحمن جمعة بارك الله، قائد قوات الدعم السريع في غرب دارفور، والطاهر محمد العوض الأمين، قائد القوات الجوية السودانية.
يعتقد البعض أن العقوبات الغربية – بما في ذلك موجات يونيو وديسمبر ٢٠٢٣ من العقوبات الأمريكية ضد القوات المسلحة السودانية وشركات قوات الدعم السريع، وعقوبات المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في يناير ٢٠٢٤ على أهداف مماثلة – يجب أن تستمر وفق استراتيجية “إغلاق الصنابير” التي تستهدف تمويل ومشتريات الأطراف المتحاربة. ومع ذلك، بالنسبة لقوات الدعم السريع على الأقل، يبدو أن مصادر قوات الدعم السريع غير منزعجة، مستشهدة باستراتيجيات قوية للتحصين من العقوبات التي تم تطويرها قبل نزاع ١٥ أبريل والجهود المستمرة التي تبذلها الإمارات العربية المتحدة لمساعدة قوات الدعم السريع على التهرب من العقوبات بشكل مباشر. وقد لاحظ المجتمع المدني السوداني أيضًا أن سلسلة من الأفراد البارزين في جانب القوات المسلحة السودانية لا يزالون نشطين في التوسط في صفقات الأسلحة – على سبيل المثال، رئيس هيئة النظم الصناعية الدفاعية الخاضعة للعقوبات، الفريق ميرغني إدريس -.
وقد أشارت عناصر أخرى من المجتمع المدني السوداني إلى استعداد الولايات المتحدة لفرض عقوبات فردية على قادة قوات الدعم السريع (الرجل الثاني في القيادة عبد الرحيم دقلو وقائد منطقة غرب دارفور عبد الرحمن جمعة في سبتمبر ٢٠٢٣ بشأن أحداث الجنينة, وقائد منطقة وسط دارفور المتوفى الآن علي يعقوب جبريل، وقائد العمليات عثمان محمد حامد محمد “عمليات” في مايو ٢٠٢٤ بشأن حصار الفاشر) كوسيلة أكثر مباشرة لممارسة الضغط الذي يستهدف في الوقت نفسه التطلعات السياسية المستقبلية لهؤلاء الأفراد. لكن اللافت للنظر أنه في حين أن الولايات المتحدة كانت على استعداد لفرض عقوبات على بعض القادة الإسلاميين المتحالفين مع القوات المسلحة السودانية، مثل الأمين العام للحركة الإسلامية السودانية علي كرتي والشخصيات الأمنية صلاح قوش ومحمد عطا، إلا أنها لم تستهدف بعد قادة داخل القوات المسلحة السودانية نفسها. وقد انتقد البعض هذا النهج باعتباره يبدو متساهلاً للغاية مع القوات المسلحة السودانية كطرف محارب.
يبدو أن مصادر القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على دراية تامة بالمناقشات المستمرة حول العقوبات داخل الولايات المتحدة والحكومات الغربية، بما في ذلك تلك المرتبطة بالقيود والعوائق ضد الجهات الفاعلة الإنسانية. وقد تشكل العقوبات الموعودة، عندما يتم تفعيلها، نقطة نفوذ حاسمة في ضمان الامتثال للمعايير والمبادئ الإنسانية مع استمرار النزاع.
الجهود الدولية للتوسط لوقف إطلاق النارلا تزال متوقفة
يواصل المجتمع الدولي محاولاته لجلب القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى محادثات وقف إطلاق النار، كما يتضح من خلال استمرار القنوات الخلفية الخاصة، مثل اتفاق المنامة يناير ٢٠٢٤ وطلبات إعادة عقد منبر جدة. ومع ذلك، لم تظهر بعد مؤشرات على حدوث اختراق. ففي منتصف يونيو ٢٠٢٤ أعرب المبعوث الأمريكي الخاص توم بيريلو عن جدول زمني “ثلاثة أو أربعة أسابيع لتهيئة الظروف للتوصل إلى اتفاق سلام”، ملمحًا على الأرجح إلى الصعوبات التي يواجهها الوسطاء الدوليون لتهدئة القتال و/أو الانقسام داخل أي من الطرفين المتحاربين. وأشار المبعوث الخاص بيريلو أيضًا إلى استمرار عرقلة القوات المسلحة السودانية للمحادثات وأعرب عن قلقه إزاء فشل قوات الدعم السريع في التفاوض بحسن نية، مشيرًا إلى عدم قدرة الأخيرة على الوفاء بالشروط التي وعدت بها في جولات المحادثات السابقة.
على الرغم من أن الغرب والحلفاء الإقليميين حاولوا العمل مع الرجل الثاني في القوات المسلحة السودانية شمس الدين كباشي لتوحيد محادثات وقف إطلاق النار على مدى الأشهر التسعة الماضية، إلا أن قطاعات أخرى من قيادة القوات المسلحة السودانية لا تزال غير مقتنعة. وقد ظهر ذلك بشكل بارز في انتقاد القوات المسلحة السودانية لمكالمة هاتفية جرت في مايو ٢٠٢٤ بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن واللواء البرهان، والتي تم التعبير عنها لاحقًا عبر خطاب منمق لنائب رئيس مجلس سيادة القوات المسلحة السودانية مالك عقار. كما أجرى الرجل الثالث في القوات المسلحة السودانية، ياسر العطا، مقابلة على قناة الحدث في أواخر مايو شارحًا أسباب عدم رغبة القوات المسلحة السودانية في المحادثات، مشيرًا إلى الدعم الواسع في أوساط الشعب السوداني، الذي يُزعم أنه يتراوح بين كتيبة البراء بن مالك الإسلامية ومجموعة غاضبون الثورية التي أعقبت انقلاب أكتوبر ٢٠٢١ للمجهود الحربي للقوات المسلحة السودانية. كما أشار العطا إلى استعداد القوات المسلحة السودانية لاستيعاب جهات فاعلة مثل روسيا في الترتيبات الأمنية للوجود على البحر الأحمر، مما يشير إلى تأييد التقارب الروسي الجديد وتسليم الأسلحة للقوات المسلحة السودانية، بينما أدان فرنسا كحليف لقوات الدعم السريع التي حثت على الاستيلاء على الفاشر في جزء لم ينشر من المقابلة..
وإلى حد ما، يبدو أن تعنت القوات المسلحة السودانية تجاه المحادثات مرتبط بمطالب مكوناتها المدنية السودانية. ويتعلق ذلك على وجه الخصوص بشرط القوات المسلحة السودانية المسبق بإخلاء قوات الدعم السريع لمنازل المدنيين، وهو ما لم تتمكن قوات الدعم السريع من تنفيذه حتى الآن، حيث ردت بأن على الطرفين تنفيذ هذا الإجراء. كما استهدفت القوات المسلحة السودانية أيضًا الدعم المادي الذي تقدمه الجهات الفاعلة الإقليمية، ولا سيما دولة الإمارات العربية المتحدة، لقوات الدعم السريع عبر نقاط الإمداد الموجودة في الدول المجاورة للسودان. مع ذلك، فإن الزيادة الأخيرة في تلقي القوات المسلحة السودانية للأسلحة وغيرها من الدعم من جهات فاعلة مثل روسيا وإيران تشير إلى أن قيادة القوات المسلحة السودانية لا تزال لديها تطلعات لمواصلة الحرب بغض النظر عن ذلك. وقد اختلف الوسطاء الدوليون مرارًا وتكرارًا مع حسابات الأطراف المتحاربة حول إمكانية التوصل إلى حل عسكري كامل للنزاع في السودان.
لا تزال قوات الدعم السريع وداعميها الإقليميين الإمارات العربية المتحدة ملتزمين ظاهريًا بمناقشة حل سياسي، على الرغم من أنه يبدو أنهم يشعرون بالإحباط سرًا من عدم القدرة على المضي قدمًا في برنامج وقف إطلاق النار. وقد لمّحت قوات الدعم السريع إلى خطط لتوسيع النطاق الجغرافي للقتال إلى مواقع مثل شمال السودان في حال استمرت القوات المسلحة السودانية في عرقلة المحادثات، مع مواصلة نشر المزيد من الغارات الجوية بعيدة المدى بطائرات بدون طيار في مناطق في عمق الأراضي التي تسيطر عليها القوات المسلحة السودانية كتكتيك للضغط. استمرار حصار الفاشر، مقترنًا بتصاعد الاستياء الداخلي لقوات الدعم السريع ومشاكل القيادة والسيطرة، يقوض بشدة المصداقية السياسية لقيادة قوات الدعم السريع وقدرتها المتصورة على تنفيذ أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار.