ديون البنوك على الشركات تهدد قطاع المصارف السوداني

عاين- 2 أغسطس 2023

يواجه القطاع المصرفي في السودان تحديات كبيرة في تسيير شؤون البنوك لاسيما ديون هذه المصارف لدى شركات عملاقة ومصانع كبيرة دمرت حرب العاصمة أصولها و جرى نهبها أثناء المعارك.

ومنذ بداية الحرب في منتصف أبريل الماضي توقفت المصانع والشركات الكبيرة التي تنتج الغذاء والمستهلكات والمواد الخدمية والصناعات الخفيفة عن العمل. وذكر تقرير حكومي  في الشهر الأول للحرب إن 27 مصرفا تعرض للنهب الى جانب نهب 15 مصنع بالعاصمة الخرطوم وتشريد 200 ألف شخص من الوظائف. 

وذكر مسؤول مصرفي سابق في حديث لـ(عاين) مشترطا حجب اسمه، أن “البنوك السودانية  قد تتعثر جراء صعوبة تحصيل ديونها من الشركات والمصانع التي دمرت الحرب أصولها في الخرطوم”.

 وأشار المسؤول المصرفي، إلى إن قيمة الديون التي يجب أن تعيدها الشركات والمصانع إلى البنوك كبيرة وهي قروض استثمارية اقرضتها البنوك للاستثمارات الصناعية والخدمية وشركات الاستيراد.

ولفت إلى أن البنوك لا تستطيع إلزام المصانع والشركات بجدولة الديون في ظل استمرار الحرب وعدم وجود يقين حول توقفها بالتالي فإن البنوك لا تستطيع في ذات الوقت التخلي عن التزاماتها المصرفية.

تصفية  

ومن بين حوالي 35 مصرفا تمكن نصف هذا العدد من تشغيل أنظمتها المصرفية في الولايات البعيدة عن القتال فيما لا تزال بقية البنوك تحاول التأقلم مع اقتصادات الولايات خارج العاصمة.

وقال الخبير الإقتصادي عمر عبد الرحمن، إن البنوك لن تتمكن من تخطي أزمة الديون التي يجب أن تحصلها من الشركات بالتالي قد تلجأ المصانع ورجال الأعمال الى تصفية الإستثمارات في السودان لسداد ديونها.

خبير اقتصادي: القطاع المصرفي في السودان على أعتاب مخاطر حقيقية وجدية ستعصف به لأن ما حدث له قبل الحرب سيكون مجرد نزهة مقارنة مع وضعها المالي حاليا.

ونوه عبد الرحمن، إلى إن البنك المركزي منح مرونة في استيراد المصانع والمعدات الصناعية في الولايات لتعويض المصانع المدمرة في العاصمة بسبب الحرب لكن تغطية الاستيراد من البنوك إذا لم تحصل على ديونها سيكون صعب جدا.

ويوضح عبد الرحمن، بأن القطاع المصرفي في السودان على أعتاب مخاطر حقيقية وجدية ستعصف به لأن ما حدث له قبل الحرب سيكون مجرد نزهة مقارنة مع وضعها المالي حاليا.

وذكر مصدر مصرفي لـ(عاين) إن اجتماع مسؤولي المصارف مع البنك المركزي والذي عقد في مدينة بورتسودان مؤخراً طرح أزمة ديون الشركات، ودعا الى معالجة عادلة وسريعة لكن لم يحدث تطور حتى الآن خاصة مع عدم وجود بادرة من الشركات لحل أزمة الديون.

ويقول المصدر، إن بعض الشركات الكبيرة العاملة في مجال الصناعات الغذائية قد تتمكن من جدولة ديونها لكن الشركات الأخرى ربما تتعثر لذلك من المهم ايجاد مخرج.

فشل

وتخطط شركات كبيرة في السودان لتسريح الموظفين حال عدم توقف الحرب خلال ستة أشهر بينما قامت بعض  الشركات بتسريح آلاف الموظفين مثل شركة تابكو التي أعلنت الأحد عن تسريح العاملين ومعالجة الأجور بعد توقف الحرب.

ويرى الخبير المصرفي محمد بشر في حديث لـ(عاين)، أن انتقال المصارف إلى الولايات لا يعني معالجة المشكلة لأن السؤال كيف تستعيد ديونك وأموالك من الشركات ورجال الأعمال والأفراد حتى تقوم بتسيير نشاطك الاقتصادي.

ويقول بشر، إن النشاط المصرفي انعكاس لنشاط الأسواق وحاليا هناك مشكلة في الصناعة المحلية متوقفة والمواطنون لا يملكون المال للشراء والموسم الزراعي متعثر بسبب التمويل المصرفي.


خبير مصرفي: حكومات الولايات فشلت في جذب الاقتصادات الهاربة من جحيم العاصمة
صورة متداولة لحريق سوق ام درمان

ويرهن بشر الحل بتوقف الحرب تماما، ويشير إلى إن الأمم المتحدة تتوقع نقص الغذاء لدى 24 مليون شخص في أكتوبر أي نصف سكان البلاد بالتالي ما هو النشاط الاقتصادي الذي قد يكون موجودا والبلاد على أعتاب مجاعة.

ونوه الخبير الاقتصادي إلى فشل حكومات الولايات في جذب الاقتصادات الهاربة من جحيم العاصمة لأنها لا تملك بنية تحتية ولا تملك قوة شرائية وأغلب النازحين بحاجة الى مساعدات إنسانية.

ويشدد بشر، على ضرورة “لجم الحرب ” وتوقيع اتفاق وقف اطلاق النار واطلاق مشاورات سياسية تشكل حكومة طوارئ لمعالجة الوضع الإنساني والاقتصادي والأمني كأهم ثلاثة ملفات رئيسية خلال عامين.