هل تنجح «تقدم» في حشد أطراف سياسية جديدة لوقف الحرب؟

عاين- 11 يناير 2023

بينما تمدد المعارك العسكرية في السودان وسط مخاوف الحرب الأهلية، تسعى عدد من القوى السياسية والقوى المدنية والمهنية الفاعلة في تكوين جبهة مدنية واسعة لإنهاء الحرب.

وتنشط تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية “تقدم” في اتصالات واسعة شملت رئيس الحركة الشعبية ــ شمال، عبد العزيز الحلو ورئيس حركة جيش تحرير السودان، عبد الواحد محمد نور، والحزب الشيوعي السوداني، وحزب البعث العربي الاشتراكي – الأصل، طلب خلالها عقد لقاءات عاجلة للتشاور لبناء أوسع جبهة لوقف الحرب ووضع اللبنات لسودان المستقبل.

والأربعاء أبدت الحركة الشعبية لتحرير السودان ــــ شمال بقيادة عبد العزيز الحلو ترحيبها بالجلوس مع تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية «تقدم».

وقال مكتب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ـــ شمال، في تصريح صحفي أن الحركة  تلقت في الرابع من يناير الماضي، دعوة رسمية من رئيس الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» لعقد اجتماع عاجل لبحث سبل العمل المشترك بين قوى الثورة، من أجل وقف الحرب وتأسيس الدولة السودانية.

وقالت الحركة الشعبية لتحرير السودان ـــ شمال، إنها ترحب بالجلوس مع أي طرف أو جهة أو قوى ترغب في إنهاء معاناة السودانيين المستمرة منذ عهود بعيدة.

تجمع جماهيري شرق الخرطوم اليوم 21 أكتوبر 2021

وللوصول إلى حل نهائي وشامل لحروب السودان، دعت الحركة الشعبية ــــ شمال لإضافة أجندة لمناقشة عدد من البنود الإضافية التي تشمل قضايا الهوية الوطنية والوحدة الطوعية وعلاقة الدين بالدولة والتحول الديمقراطي ونظام الحكم والمشكلات الاقتصادية والمحاسبة التاريخية إلى جانب الترتيبات الأمنية.

ويتزامن رد الحركة الشعبية على دعوة حمدوك، وسط توترات أمنية بولاية جنوب كردفان في أعقاب هجوم قوات الدعم السريع شبه العسكرية، على منطقة هبيلة الزراعية القريبة من مدينة الدلنج الأسبوع الماضي.

من جانبه أعلن حزب البعث العربي الاشتراكي الأصل موافقته على لقاء تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية «تقدم» بهدف الحوار حول سبل وقف الحرب وإنهاء معاناة السودانيين.

وجاءت دعوات «تقدم» لعدد من القوى والأطراف السياسية عقب اجتماع تقدم مع قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا الأسبوع الماضي.

كما أعلنت تنسيقية «تقدم»، الثلاثاء، مخاطبة القوات المسلحة السودانية والدعم السريع لعقد لقاء مباشر وغير مشروط بحضور أطراف منبر الوساطة الموحد والفاعلين على الصعيدين الإقليمي والدولي.

من جهته أكد محمد عبد الرحمن الناير، الناطق الرسمي لحركة/جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور تلقي الحركة لدعوة من رئيس تنسيقية «تقدم»  عبد الله حمدوك.

وقال الناير لـ(عاين): أن “المجلس القيادي للحركة سيجتمع لدراسة الدعوة المقدمة ومن ثمّ الرد عليها في أقرب فرصة ممكنة”.

وأكد أن الحركة منفتحة على كافة الجهود التي من شأنها إيقاف معاناة الشعب بسبب الحرب عن طريق مخاطبة جذور الأزمة التاريخية بصورة صحيحة وتجاوز الخطايا التي ارتكبتها النخبة السياسية التي أورثت السودان الحروب والدمار وعدم الاستقرار السياسي منذ عام 1955.

ولفت إلى هنالك حوجة ماسة لتكوين جبهة وطنية لإيقاف وإنهاء الحرب ومعالجة الأسباب الموضوعية والمسكوت عنها والتي تولد الحروب.

أزمة قديمة

وأكد الناطق الرسمي لحركة/ جيش تحرير السودان، أن الأزمة السودانية قديمة قدم الدولة، كما أنها لم تبدأ في حرب 15 أبريل أو الحروب التي سبقتها.

واعتبر أن الحروب التي اندلعت في السودان كانت نتاجاً طبيعياً لغياب العقل الرشيد في إدارة الدولة والتنوع والمواطنة المتساوية بين السودانيين وهو الأمر الذي يجب أن يتوقف.

ورداً على سؤال مطلوبات الوحدة السياسية المنشودة، أوضح الناير أن الوحدة السياسية يجب أن تُبنى على أهداف وليس على أشخاص أو تنظيمات.

وأكد أن الحركة سبق وجربت الوحدة السياسية الشكلية التي سرعان ما تصطدم بالصراع على السلطة وتقاسم المناصب.

ودعا أن تكون الوحدة السياسية خلف قضايا السودان الحقيقية وإنهاء الحروب للوصول للتأسيس السليم لدولة المؤسسات والقانون والمواطنة المتساوية.

وأكد الناير على أن تحالف حركة/ جيش تحرير السودان مع بعض القوى السياسية ولجان المقاومة والأجسام الأخرى لا يمنع الاجتماع والتنسيق مع قوى أخرى من أجل المساهمة في حل مشكلات السودان المتشابكة.

ورأى أن الاجتماع بهذه القوى سيمثل إضافة لتحالفات الحركة القائمة، خاصة وأن الحركة تطرح مبادرة الحوار السوداني سوداني.

وأوضح أن هذا الحوار السوداني يخص كل مكونات السودان السياسية والمدنية والأهلية والعسكرية، كما أنه لا يستثني أحد عدا نظام المؤتمر الوطني وواجهاته.

من جهته، قال القيادي في الحزب الشيوعي السوداني، كمال كرار في تصريحات سابقة لـ(عاين)، أن حزبه ظل ينادي بضرورة وحدة قوى الثورة وهزيمة المتآمرين عليها قبل انقلاب الخامس عشر من أكتوبر 2021، وقبل اندلاع الحرب.

وأكد كرار أنهم منفتحون للتواصل مع جميع القوى السياسية باستثناء “الفلول والانقلابيين” بهدف أن يضم هذا التحالف الثوري أكبر عدد من القوى المؤمنة بالتغيير الجذري.

وأوضح إلى أن هذا المسار الذي يمثل رؤيتهم السياسية يختلف عن المسار الذي تمضي فيه تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» التي انصب تركيزها على شكل السلطة بعد الحرب، وليس حل قضايا الثورة الملحة حسب وصفه.

من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية، مصعب محمد علي، أن دعوات تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية «تقدم» للأحزاب السياسية وحركات الكفاح المسلح للاجتماع جاء عقب التوقيع على إعلان أديس أبابا. ولفت إلى أن هذه الدعوات تهدف إلى صنع أكبر قاعدة لدعم هذا الإعلان وتوسيع مظلته.

وأوضح أن هذه الدعوات وحدة الجبهة السياسية والمدنية تأتي بسبب أن إيقاف الحرب يحتاج لقاعدة كبيرة من القوى السياسية والمدنية للمساهمة في دفع عملية تحقيق السلام.

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن تنسيقية «تقدم»  يمكن أن تحقق وحدة القوى السياسية إذا لاقت دعواتها قبول واسع من الأطراف السياسية والمدنية والعسكرية.

وتوقع أن توافق حركة/ جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور على لقاء «تقدم»  للنقاش حول الأجندة المطروحة.

وأكد أن مطلوبات الوحدة السياسية المنشودة تتمثل في أن تنظر القوى السياسية والمدنية بكل تياراتها لوضع البلاد الراهن الذي لن يكون بالإمكان  تداركه إلا عن طريق عمل سياسي منظم يعمل على منع انهيار الدولة.

وطالب أستاذ العلوم السياسية القوى السياسية والمدنية الابتعاد عن الاستقطاب، معتبراً أن انقسام القوى السياسية سيقودها لدعم أطراف الحرب ويؤخر الحلول السياسية مما يقود لاستمرار حالة عدم الاستقرار التي تشهدها البلاد.