السودان: هل تنجح اجتماعات “أديس أبابا” في ضم أطراف جديدة؟
عاين- 24 أكتوبر 2023
تتواصل في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا جلسات الاجتماع التحضيري لوحدة القوى المدنية الديمقراطية بمشاركة عدد من القوى السياسية والنقابية والأجسام المهنية، بينما تشد وتيرة المعارك العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور.
ومنذ السبت الماضي ابتدرت قوى مدنية سودانية “اجتماعات تحضيرية” في العاصمة أديس أبابا تستمر لأربعة أيام لبناء جبهة مدنية مناهضة للحرب واستعادة التحول الديمقراطي.
والإثنين، تعهدت اللجنة التحضيرية، للاجتماع الذي حضره رئيس مجلس الوزراء المنقلب عليه في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021، عبد الله حمدوك، بتقديم التنازلات اللازمة لوحدة القوى المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية.
مشاركون
ويهدف المؤتمر التحضيري لإيقاف الحرب المندلعة منذ منتصف أبريل الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، كما يهدف لتشكيل أوسع جبهة مدنية ممكنة لإستعادة المسار الديمقراطي.
وبعد أكثر من ستة أشهر على القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، نزح ما يقدر بنحو 5.6 مليون شخص داخل السودان وخارجه.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، فقد نزح حوالي 18,750 شخصًا حديثًا داخل السودان خلال الأسبوع الماضي، ليصل إجمالي عدد النازحين في جميع أنحاء البلاد منذ منتصف أبريل إلى 4.57 ملايين.
وبذلك، حسب المنظمة الأممية، أصبح السودان يعتبر أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم حيث نزح أكثر من 7.1 مليون شخص داخل البلاد.
ويشارك في المؤتمر التحضيري الذي سيستمر حتى الخميس القادم، الجبهة المدنية لوقف الحرب واستعادة الديمقراطية وائتلاف قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي- ولجان مقاومة، والجبهة الثورية برئاسة الهادي إدريس، وأجسام مهنية ونقابية وفئوية وشخصيات مساهِمة في العمل العام.
كما يشارك ـــ بحسب معلومات حصلت عليها (عاين) ــ ممثلون لمبادرة الآلية الوطنية لدعم التحول المدني الديمقراطي ووقف الحرب، ومجموعة تحالف القوى المدنية لوقف الحرب واستعادة الديمقراطية “مجموعة إعلان المبادئ” ، ومجموعة خبراء ضد الحرب، ومنصة السودان للسلام والتنمية والديمقراطية، ومجموعة نساء ضد الحرب بالإضافة لممثلين لمبادرات السلام بالشرق ودارفور والنيل الأزرق، وهي مبادرات وطنية طرحت رؤى سياسية من أجل وقف الحرب ومعالجة القضايا المرتبطة بها
وقال الناطق الرسمي للتحالف الوطني السوداني، شهاب الدين الطيب، لـ(عاين) أن وحدة القوى المدنية والديمقراطية على أساس مشروع سياسي أمر ضروري لوقف الحرب.
ولفت الطيب، إلى أن الواقع الراهن يضع كافة القوى المدنية والديمقراطية أمام مسؤولية بناء مشروع حقيقي يعبر عن تطلعات كل السودانيات والسودانيين في معالجة أسباب اندلاع الحرب بصورة جذرية.
وأوضح الطيب، أن الاجتماع المنعقد في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا يعتبر اجتماعاً للتحضير لمؤتمر تأسيسي لأوسع جبهة مدنية لإيقاف الحرب.
وفي 12 مايو الماضي وقع طرفي النزاع السوداني على إعلان جدة الذي التزما فيه الالتزام بحماية المدنيين وهو الأمر الذي لم يحدث.
ولا يزال طرفا النزاع يعيقا وصول المساعدات الإنسانية لملايين السودانيين في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور وكردفان.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، في تحديث قبل أربعة أيام قُتل أو اعتقل ما لا يقل عن 45 من عمال الإغاثة منذ 15 أبريل جميعهم تقريباً من الموظفين الوطنيين.
ويرى شهاب الدين الطيب، أن الآليات الممكنة لحث الأطراف المتقاتلة لإنهاء الحرب والجلوس للتفاوض تتمثل في وضع خارطة طريق لإنهاء الحرب إضافة للضغط الإقليمي والدولي.
وأكد الطيب، أن وجود جبهة مدنية واسعة تحظى بالتفاف جماهيري سيقود إلى عزل الخطاب الذي يدعو للحرب، كما أنها ستعمل على نزع مشروعية الحرب.
وأوضح أن إيقاف الحرب مسؤولية تتحملها القوى المدنية والحركة الجماهيرية مشيراً إلى أن الضغوط الدولية تعتبر عاملاً مساعداً.
تواصل القوى السياسية والمدنية المستمر مع طرفي النزاع هو الذي أدى لأن يبديان الرغبة في العودة لمفاوضات منبر جدة.
شهاب الطيب: عضو بتحالف الحرية والتغيير – المجلس المركزي
وأفاد الطيب، بأن تواصل القوى السياسية والمدنية المستمر مع طرفي النزاع هو الذي أدى لأن يبديان الرغبة في العودة لمفاوضات منبر جدة.
تواصل مع أطراف الحرب
وحول قدرة التنظيمات السياسية والأجسام المهنية والنقابية الممثلة في المؤتمر التحضيري المنعقد في أديس أبابا في التواصل مع أطراف النزاع، يقول شهاب الدين الطيب:” من المتوقع أن تقوم اللجنة المعنية بالتحضير للمؤتمر التأسيسي بالتواصل معهم لاحقاً”. ولفت إلى أن كافة القوى المدنية المناهضة لاستمرار الحرب منفتحة على بعضها وإن تباينت مواقفها تظل وحدتها أو التنسيق بينها ضرورة وأولوية.
من جهته اعتبر عضو مجلس السيادة السابق، محمد الفكي سليمان أن وحدة المدنيين ضد الحرب ستكون إضافة كبيرة وتؤكد مطالبة السودانيين بالسلام والاستقرار وستحاصر أصحاب الأجندة الحربية، كما سترسل رسائل مهمة للمجتمع الإقليمي والدولي.
وأكد سليمان في حديث لـ(عاين) أن الاجتماع التحضيري يهدف لدفع المتقاتلين لوقف إطلاق النار فوراً وفتح المسارات الإنسانية، وابتدار عملية سياسية تهدف لاستعادة المسار المدني إضافة لنقاش قضايا وحدة الجيوش وإعادة إعمار السودان.
ولفت إلى أن الجبهة المدنية، هي تكتل مدني يعمل عبر أدوات العمل المدنية السياسية الدبلوماسية وحث الرأي العام مدنياً ضد الحرب.
وأكد الفكي، أن بعض مجموعات الجبهة المدنية لديها خطوط تواصل مستمرة مع أطراف القتال بهدف حثها على وقف إطلاق النار وابتدار عملية سياسية.
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية، بالجامعات السودانية مصعب محمد علي، في حديث لـ(عاين): إن الجهد المبذول من أجل وحدة القوى المدنية بإمكانه الضغط على أطراف الحرب لوقف الحرب.
لكن المحلل يربط نجاح هذه الخطوة بقدرة القوى السياسية والمدنية بتكوين أكبر تحالف يستطيع أن يضم فئات سياسية ومدنية مختلفة وهو الأمر الذي سيقود إلى أن يصبح الجانب السياسي له تأثير على الأطراف العسكرية.
وحول أبرز النتائج التي يمكن خروجها من الاجتماع التحضيري للقوى السياسية والمدنية في العاصمة الأثيوبية فإن أستاذ العلوم السياسية يرى أنها تتلخص في أهم مطلب وهو وقف الحرب.
وتابع: “عقب وقف الحرب، ضرورة التجهيز لمرحلة ما بعد الحرب والتي يجب مناقشتها والتداول حولها أثناء الاجتماع التحضيري لوضع الأسس الأولية لتكوين حكومة ما بعد الحرب”.
ولفت محمد علي، إلى أن الوصول لذلك يتطلب الانفتاح على كافة القوى السياسية السودانية حتى لا تحدث انقسامات واستقطابات يمكن أن تؤدي إلى طول أمد الحرب.
وأشار إلى أن الأدوات المتوفرة لوقف الحرب هي الضغط السياسي والاتصال مع الأطراف العسكرية لأجل دعم جهود التفاوض لإيقاف الحرب.
وبحسب المحلل السياسي، ففي الوقت الحالي، فإن الضغط الجماهيري لن يساهم في إيقاف الحرب على عكس الضغط الدولي الذي قد يقوم بدفع عملية الحوار.
وأوضح أن قدرة التنظيمات السياسية والمهنية والنقابية تكمن في أنها لديها قنوات اتصال مع أطراف الحرب، كما أن لديها مصلحة في إيقاف الحرب مما يمكنها من الضغط لتحقيق ذلك.
وأضاف: “كل هذه القوى مجتمعة من خلال انفتاحها وتقديم تنازلات وتحالفات واسعة ستؤدي إلى توحيد القوى السياسية واتفاقها حول خطاب موحد لوقف الحرب”.
ويتوقع المحلل السياسي، مصعب محمد علي، أن تكون توصيات لقاء الجبهة المدنية لإيقاف الحرب، تتصل بضرورة توحيد القوى المدنية وأطراف عملية السلام وضم أطراف ممانعة لها، والعمل على الضغط على أطراف الحرب لإيقاف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية.
وتابع: “يمكن القول أن نجاح بناء الجبهة المدنية الواسعة من أجل إيقاف الحرب، يرتبط بالقدرة ضم أطراف سياسية ومدينة وحركات مسلحة أخرى، غير ذلك فإن الانقسام سيتعمق أكثر في البلاد”.