دارفور: مبادرة للسلم الاجتماعي بعد قطيعة 20 عاماً بين مكونين أهليين  

8 فبراير 2023

حققت مبادرة مجتمعية أطلقها شباب محليتي “قريضة” و”تلس”  في ولاية جنوب دارفور غربي السودان تواصلاً إجتماعياً واسعاً بين مجموعتي المساليت والفلاتة الأهليتين بعد (20) عاماً من الصراع المميت بين الطرفين. وجاءت المبادرة في وقت فشلت فيه جهود المصالحات الحكومية والمؤتمرات التي أقيمت لوقف العنف المتبادل.

وتبنى (7) طلاب جامعيون من أبناء المحليتين بالجامعات فكرة المبادرة قبل أن تتوسع وتختار الرياضة والفنون جسراً للتواصل والسلام بين المجموعتين الأهليتين.

ووصل مئات الاهالي في زيارة تاريخية من محلية قريضة الخميس الفائت الى بلدة “تلس” في زيارة تبادل اجتماعي أزال الجمود والتوتر الأمني بين الطرفين. وشهدت مدينة “تلس” معقل أهلية الفلاتة تدافع آلاف المواطنين في استقبال وفود أهالي المساليت الذين وصلوا بزعامة محمد يعقوب الملك رئيس الادارة الاهلية للمساليت بولاية جنوب دارفور بعد (20) عاما من القطيعة.

وشهد ميدان الحرية وسط بلدة “تلس” عروض واغاني شعبية وتقليدية علاوة على عرض التراث المادي للقبيلتين بجانب مهرجان رياضي ومباراة لكرة القدم جمعت بين فريقي قريضة وتلس لأول مرة.

وأشار عضو الإدارة الأهلية لقبيلة الفلاتة، محمد الفاتح احمد السماني، إلى أن المبادرة حققت ما فشلت فيه جهود الحكومات والقيادات السياسية والاهلية لجهة أنها جمعت الطرفين في فترة قصيرة دون أي تكاليف. ولفت السماني، الى أن مبادرة أبناء تلس وقريضة نموذج يقدم لجميع أبناء السودان وخاصة اقليم دارفور.

وحول المحافظة على السلام الاجتماعي بين قبيلتي المساليت والفلاتة، يشدد السماني خلال حديثه مع (عاين) على ضرورة قيام الدولة بدورها تجاه الخدمات الأساسية التي دائما ما تقود إلى الحرب والصراع على الموارد.

ونوه السماني، الى أن المنطقة بحاجة عاجلة لرعاية ودعم المبادرة المجتمعية من خلال فتح نقاط الشرطة لحماية المواطنين بجانب إنشاء مراكز خدمات التعليم والصحة والمياه التي يعاني منها سكان المنطقة، علاوة على انشاء الجمعيات الزراعية ومراكز خدمات الرعاة.

وبالمقابل، أبان ملك المساليت بولاية جنوب دارفور، يعقوب محمد ، ان المبادرات المجتمعية للسلام قطعت شوطا كبيرا وتجاوزت كل المراحل الصعبة وان ما تبقى هو دور الدولة في توفير الخدمات التي تُمكن المزارعين والرعاة من العيش في سلام وأمان، قبل ان يشكو خلال افادة لـ(عاين)، من عدم تفاعل الجهات الحكومية مع المبادرة المجتمعية.

ووجدت المبادرة تفاعل ومشاركة كبيرة من النساء اللائي دفعن الثمن غالياً خلال فترات النزاع بحسب ما أشارت إليه – نور الهدى علي ابراهيم- عضوة المبادرة من محلية قريضة والتي أعربت عن سعادتها بالوصول الى خطوات متقدمة في السلام المجتمعي بين المساليت والفلاتة.

وتقول نور الهدى لـ(عاين) إنها عاشت سنين عديدة من عمرها وحالة التوتر والقتال متواصلة بين المساليت والفلاتة وتسببت في فقد أصدقاء، بجانب أن عدد من أفراد أسرتها انتقلوا لاحقا الى مخيمات النزوح في قريضة ونيالا.

واستند المبادرون في تحقيق أهدافهم في الوصول إلى السلم الاجتماعي على ما يجمع القبيلتين من مصالح مشتركة وفقا لعضو المبادرة أبوبكر تابتين الذي راهن على نجاح المبادرة لأنها جاءت من المجتمع واعتمدت منهج جديد لحل المشاكل والصراعات المجتمعية في المنطقة دون أي وساطة أو تدخل سياسي في شؤون المجتمع.

وأقر تابتين، خلال مقابلة مع (عاين) بتحديات تواجه المبادرة خاصة في الجوانب والأدوار التي يجب تقوم بها الحكومة لاسيما فيما يتعلق بالنواحي الامنية ومواجهة المتفلتين وقطاع الطرق. وأشار الى وضع خطط وبرامج لمواجهة خطاب الكراهية عبر وسائل التواصل الاجتماعي الذي يؤثر بشكل كبير في إثارة العنف الأهلي.

وبدأت المجتمعات المحلية بولايات دارفور تبحث عن السلام المجتمعي بعد ان فشلت مساعي المصالحات في وقف الصراع الأهلي بين المكونات الاجتماعية. وشهدت بمحلية “بليل” بجنوب دارفور مهرجان رياضي ثقافي للتعايش السلمي مماثل بمشاركة فرق رياضية من مخيمات النازحين وقرى وبلدات العودة الطوعية.

وفي يناير الماضي، شهدت بلدة “بلبل أبوجازو” مهرجان مجتمعي مماثل عكس حاجة أهالي المنطقة للسلام والتعايش السلمي وشاركت في المهرجان أكثر من (10) بلدة مجاورة بجانب قرى العودة الطوعية.