السودان: إعتصام تحت حماية صغار الضباط

 

تقرير: عاين 10أبريل 2019م

دخل إعتصام الآلاف من السودانيين أمام القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة يومه الخامس وسط تزايد أعداد المعتصمين الذين أمضت أعداد مقدرة منهم ليالي في الساحات العامة والشوارع الجانبية للقيادة منذ ليلة السبت 6 أبريل. وفي مشهد مهيب تدافع الآلاف منذ دعوة تجمع المهنيين للاعتصام أمام للقوات المسلحة.  نساء ورجال شابات وشباب عوائل وافراد، نحو القيادة العامة، ناشدين التغيير عازمون على البقاء  دون رجعة حتى ولو اعتصموا ٣٠ عاماً. وهي نفسها فترة حكم البشير وفق احاديثهم لـ (عاين). مُكسرين كل القيود متخطين ظروفهم الشخصية  لبناء سودان جديد.

وفي خضم الحضور الوطني   المتفاني تأبى الحكومة المطالبة بالتنحي إلا وأن تحيل  افراحهم الى اكراه بالهجوم المتكرر على الاعتصام لثلاث ليالٍ متكررة .  وقالت لجنة اطباء السودان المركزية ان محاولات فض الاعتصام أودت بحياة (21 )مواطن بينما جرح( 153 ). هذا وقد اعلنت قوات الشرطة السودانية عدم المساس بالمواطن  لكن سرعان ما عادت ونفت ذلك الخبر بحاجة أختراق قد حدث للصفحة الرسمية للشرطة على موقع فيس بوك، وتبعتها مليشيات الدعم السريع سيئة السمعة معلنة عدم المساس بأي احتجاج سلمي وإنها تقف مع مصلحة المواطن وليس الافراد. وفي تصاعد وتيرة الاحداث دعت كتلة برلمانية الرئيس البشير  للتنحي الفوري.

هجوم  وقتل

اعتصام السودان تراجع الفئات المسلحة و21 قتيل برصاص المليشيات

فجر يوم الاثنين، فاجأت قوات أمنية المعتصمين من ناحية كبري كوبر بإطلاق كثيف للغاز المسيل للدموع والرصاص الحي بغرض فض الاعتصام،  لكن قوة من الجيش ردت على قوات الأمن التي غادرت مواقعها مضطرة تحت وابل من رصاص القوات المسلحة التي تحمى المتظاهرين.

وفجرت أنباء فض الاعتصام من قبل قوات الأمن الاوضاع وزادت من إصرار المتظاهرين واستجاب أعداد كبيرة من المواطنين لنداءات الانضمام للمعتصمين في الشوارع الجانبية للقيادة العامة للجيش، و توافدت أعداد كبيرة وواجهت صعوبة في الدخول إلى مقر القيادة العامة بعد إغلاق قوات الأمن المداخل الرئيسية لكن مع ضغط المتظاهرين والمنضمين اليهم، اضطرت قوات الأمن بأوامر الجيش فتح ممرات جديدة تؤدى إلى مقر الاعتصام. وقالت لجنة اطباء السودان المركزية أن عدد القتلى من السادس من ابريل ٢٠١٩ بلغ (21) قتيل منهم ٥ من قوات الشعب المسلحة وكادر طبي وبلغ العدد الكلي للجرحى( 153)جريح كلها  بسبب محاولات فض  الاعتصام المتكرر من قبل مليشيات الحزب الحاكم.

تظاهرات متفرقة

في مناطق وأحياء بعيدة من مقر الاعتصام بالقيادة العامة تظاهر عديدون في مناطق بالسوق العربي الذي تكاد الحركة التجارية فيه مشلولة تماما منذ الصباح، وتلاحظ غياب تام لقوات الأمن التي اعتادت على تفريق الاحتجاجات في مناطق السوق العربي وأحياء العاصمة. ليلة الاحد شهدت أضخم موكب في الأحياء جهة السوق المركزي مناطق الصحافات وجبرة والكلاكلات وأبو آدم والشجرة، بجانب ام درمان في الثورات وشارع الأربعين و بحري المحطة الوسطى وما جاورها.

وعمدت قوات الأمن ليلة الأحد بحسب ما رصد مراسل (عاين) على عمليات تفتيش دقيقة للسيارات الخاصة والمركبات العامة والسؤال عن الهوية ومكان الوجهة وقوبلت هذه الخطوة باستهجان واسع من قبل المواطنين. وقال المواطن عيسى عبد الرحمن، “يريد الامن ان يخلق فتنة مجددا ويعضد فكرة ان هناك سيناريو فوضى قادمة.. لكن لا مجال لذلك.. الشعب السوداني اليوم موحد أمام القيادة العامة لقوات شعبه المسلحة وقال كلمته ..تسقط بس”.

اعتصام السودان تراجع الفئات المسلحة و21 قتيل برصاص المليشيات

تفتيش  واعلان

نهار الثلاثاء وفي لحظات الزحف الكبيرة من المواطنين في طريقهم الى مقر الاعتصام قرب مباني القيادة العامة تمركزت قوات امنية في طرقات عديدة واخضعت المارة خاصة السيارات الى عمليات تفتيش تستهدف هذه المرة قوارير المياه والعصائر والخبز الذي يحمله المتضامنين الى المعتصمين. لكن هذا الخناق وفقا لما رصدت (عاين) تكسر في وقت مبكر من النهار أمام الحركة الكثيفة للسيارات و الراجلين بنية الوصول إلى مقر الاعتصام. ومع تقدم النهار الذي ارتفعت فيه درجات الحرارة بالخرطوم، نصب المعتصمون خياما ولاذوا بمباني حكومية قريبة من مكاتبهم ولم تتوقف اهازيجهم الثورية ومخاطبتهم المستمرة بأن على الجميع مواصلة الاعتصام، وتتعالى الصيحات من وقت لآخر كلما قدم زعيما سياسيا من قوى المعارضة الى داخل الساحة.

دعم الشعب

اعتصام السودان تراجع الفئات المسلحة و21 قتيل برصاص المليشيات

عند الواحدة ظهرا، قالت قوى الحرية والتغيير كلمتها في مؤتمر صحفي تلاى فيه رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير موقفهم من الحراك وشدد على ضرورة التنحي الفوري للرئيس البشير كمطلب أساسي.  وأكد البيان مطلب الشعب بالتنحي الفوري للرئيس ونظامه دون قيدٍ أو شرط. وتكوين مجلس من قوى إعلان الحرية والتغيير وقوى الثورة التي تدعم الإعلان، على أن يتولى هذا المجلس مهام الإتصال السياسي مع القوات النظامية والقوى الفاعلة محلياً ودولياً من أجل إكمال عملية الإنتقال السياسي وتسليم السلطة لحكومة مدنية انتقالية متوافق عليها شعبياً ومعبرة عن قوى الثورة.

ودعا البيان القوات المسلحة لدعم خيار الشعب السوداني في التغيير والانتقال إلى حكم مدني ديموقراطي وسحب يدها عن النظام الحالي الذي فقد أي مشروعية له، وقطع الطريق أمام محاولاته البائسة لجر البلاد للعنف أو للإلتفاف على مطالب الثورة وإعادة إنتاج نفسه. هذا الأمر يتم عبر التواصل المباشر بين قوى إعلان الحرية والتغيير وقيادة القوات المسلحة لتيسير عملية الانتقال السلمي للسلطة للحكومة الإنتقالية.

احتفالات مبكرة

في  الخامسة  من عصر ذات اليوم تحولت شوارع وسط الخرطوم الى  الاحتفال مبكرة حيث سيطر المطالبون بالتغيير على معظم الشوارع،  وسط تتعالى أبواق السيارات بطول شوارع الجامعة- النيل- البلدية والقصر. هذا الى جانب الزحف البشري الذي رصدته (عاين) باتجاه القيادة العامة من اعلى جسر القيادة العامة وكبري القوات المسلحة.  وكان الرئيس البشير قد استبق ذلك بعقد اجتماعين يوم ٨ أبريل ٢٠١٩ إحداهما مع المؤتمر الوطني، وآخر مع قيادة القوات المسلحة أعلنت فيه التفافها حوله كقائد عام للقوات المسلحة وسط رفض تام من القيادة الوسطية للجيش  التي أعلنت انضمامها المباشر للشارع السوداني الثائر.

انسحابات وتردد

جاء دور قوات الشرطة السودانية في بيان رسمي بعدم التعرض للمواطنين والمواكب السلمية بالمركز والولايات لكن سرعان حذف البيان من صفحتها الرسمية على فيس بوك.  وأعلنت قوات الدعم السريع عدم المساس باي تظاهرات سلمية وطالب محمد حمدان دلقو في خطاب رسمي له قوات الدعم السريع بعدم  التدخل وأن مهمتهم هي حماية المواطن وليس الأشخاص، موجهاً قواته بالتدخل ضد المخربين  الذين يمسون ممتلكات المواطن. وظهرت في الايام الماضية مجموعات مجهولة الهوية جنوب العاصمة تنهب وتهدد المواطنيين  وقالت مصادر مطلعة لـ(عاين) ان هذه المجموعات تتبع لكتائب ظل حزب المؤتمر الوطني تسعى لإشاعة الفوضى بالتاثير على مسار السلمية.  وشهدت قوات الدعم السريع في مدخل كبري النيل الأزرق المؤدي الى القيادة العامة للقوات المسلحة مقر الاعتصام إلا أنها حتى لحظة كتابة هذا التقرير لم يبدر منها أي تصرف سلبي ضد المعتصمين.

في تطور مفاحي طالبت  كتلة التغيير بالبرلمان الرئيس البشير بالتنحي.  وعلى صعيد اخر تشهد منطقة الاعتصام سؤ شبكة الإنترنت الأمر الذي قلل من متابعة الاعتصام على وسائط التواصل الاجتماعي  وكان السلطات السودانية قد قامت بإغلاق مكتبي قناة العربية و الحدث بعد تغطية مباشرة للاعتصام والأحداث التي صاحبته.  وأكد مراسلو شبكة (عاين) ان اعداد المتظاهرين في حالة تزايد مستمر وهناك من حضر من الولايات.