معارك سنجة تضع آلاف المدنيين أمام مصائر مجهولة
30 يونيو 2024
الهجوم الذي شنته قوات الدعم السريع على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار وضع مصير المدنيين على المحك كما إمتدت التأثيرات إلى مدينة سنار الواقعة على بعد 50 كيلومترا من سنجة وزادت موجات النزوح في المدينتين إلى مناطق وقرى مجاورة مثل الدمازين والحواتة والدندر والقضارف.
وسيطرت قوات الدعم السريع على نحو مفاجئ مساء السبت على الفرقة العسكرية 17 التابعة للجيش السوداني في مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار جنوبي البلاد متجاوزةً القوات المسلحة التي كثفت انتشارها قرب طريق رئيسي في سنار وفق شهادات المواطنين.
والأثنين الماضي استولت الدعم السريع على منطقة جبل موية الواقعة على بعد 45 كيلومتراً غرب سنار. ويقول مواطنون من سنجة إن قوات دقلو سيطرت على الحامية العسكرية دون مقاومة تذكر سوى اشتباكات خفيفة.
انتشار واسع
وقال عامر الذي نزح مع عائلته في الساعات الأولى من اندلاع الاشتباكات من سنجة إلى منطقة الحواتة الواقعة بولاية القضارف لـ(عاين) إن “قوات الدعم السريع انتشرت في شوارع المدينة وبدأت على الفور عمليات نزوح المدنيين وتفرق الآلاف في الشوارع وتوجهوا إلى مخارج سنجة شرقا وجنوبا يتجهون إلى ممرات لا يعلمون عنها شيئنا .. اما نحن حلفنا الحظ لأننا غادرنا بسيارة خاصة ووصلنا إلى وجهتنا”.
المدنيون العالقون في سنجة لم يتمكنوا من مغادرة المنازل عقب نشر الدعم السريع ارتكازات عسكرية وفق ما يقول عامر خاصة في الأحياء الغربية الجميع هناك يشكون عدم قدرتهم مغادرة المنازل.
فيما ذكر المرصد السناري لحقوق الإنسان في بيان، أن الدعم السريع تحتجز عشرات المدنيين من المرضى والعاملين والأطباء بمستشفى سنجة وتمنعهم من الخروج بفرض ترسانة عسكرية ولديها نوايا بتحويل المستشفى إلى مركز طبي عسكري لعلاج مصابيها.
بينما يقول الصادق وهو فاعل في لجان المقاومة منطقة مايرو بولاية سنار، إن “موجة النزوح هي الأكبر التي تشهدها مدن سنجة وسنار الساعات الماضية ولا تزال مستمرة إثر وصول الدعم السريع إلى سنجة متخذةً من مقر الفرقة العسكرية مركزاً قتالياً وتمكنها من هزيمة قوة صغيرة من الجيش كانت داخل هذا المقر العسكري”.
ويوضح الصادق، أن المدنيين نزحوا سيراً على الأقدام لعدم توفر وسائل النقل بعض المواطنين نُهبت سياراتهم وأُجبروا على تركها لدى قوات الدعم السريع التي شهرت السلاح في وجوه بعض المدنيين أمام عائلاتهم.
وأضاف: “بدأت حركة النزوح من سنجة منذ الساعة الثالثة من عصر السبت عندما سمع المواطنون دوي المدافع قرروا ترك المنازل لأنهم على يقين بصعوبة التعايش مع هذه القوات”.
ممرات غير آمنة
ولا تزال موجات النزوح مستمرة، ويشق الناس طرقات بعيدة لتجنب قوات الدعم السريع في وقت تستمر فيه الاشتباكات بين الجيش وهذه القوات بواسطة سلاح الجو والقصف المدفعي.
وتابع الصادق قائلاً: “نزح المدنيون إلى الحواتة بولاية القضارف كما واصل البعض السير حتى مدينة القضارف.. الطرق مليئة بالنازحين ومجموعات أخرى نزحت إلى القرى الواقعة خارج سنجة وإلى ولاية النيل النيل الأزرق مدن الدمازين والروصيرص”.
ويقول الصادق: إن “عدد المفقودين خلال موجات النزوح يُقدر بالعشرات من فقدوا عائلاتهم نتيجة اضطراب الوضع الأمني وهناك قذائف سقطت في بعض المنازل بمدينة سنجة”.
ورغم سيطرة الدعم السريع على الحامية العسكرية في سنجة أعلن متحدث الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله وفق تصريح نقلته منصة القوات المسلحة الأحد أن الجيش صامد في سنجة ويقاتل وحليفه النصر.
السيطرة على وسط البلاد
الجيش من جانبه بدا أكثر اصراراً على استعادة سنجة رغم المخاوف من فقدان مدينة سنار ومدن أخرى في النيل الأبيض مثل كوستي وربك الواقعتين تحت سيطرة القوات المسلحة عقب تطورات الوضع الميداني وسط البلاد وتوسع النفوذ العسكري لقوات الجنرال دقلو.
يقول الباحث في الشأن الاستراتيجي محمد عباس لـ(عاين): إن “استيلاء الدعم السريع سنجة وجبل موية في أسبوع واحد يجعلها قادرة على التوسع نحو مدينة سنار خاصة وأنها شبه محاصرة من جميع الاتجاهات وانخفاض الروح المعنوية لدى قوات الجيش التي تتمركز خارج سنار للهجوم على الجزيرة منذ ثلاثة أشهر”.
ويرى عباس، أن سيطرة الدعم السريع على سنجة وجبل موية تعني الاستحواذ على منطقتين غنيتين بالإنتاج الزراعي وتعني أيضا وضع دول مثل جنوب السودان وإثيوبيا الحدودتين مع ولايات النيل الأزرق والنيل الأبيض وسنار على مقربة من خطوط إمداد عابرة لبلدين لديهما علاقات بطريقة أو بأخرى مع الجنرال محمد حمدان دقلو قائد هذه القوات.
ويعتقد عباس، أن احتفاظ الجيش بمدينة سنار لم يعد بذات الأهمية قبل استيلاء الدعم السريع على سنجة لأن المدينة تشهد حركة نزوح واسعة وتكاد تفرغ من الحياة المدنية لاعتقاد المواطنين أن الجيش غير قادر على تقديم الحماية.
ويرجح عباس، أن تغير سيطرة الدعم السريع على مدينة سنجة ومنطقة جبل موية مسار الحرب في السودان مع تراجع الآمال بشأن مفاوضات السلام فإن المجتمع الدولي غالبا أصبح متفرجاً على انهيار مدينة تلو الأخرى وسقوطها على يد الدعم السريع.
وأردف: “الدعم السريع حاليا تسيطر على منطقة واسعة تمتد من العاصمة الخرطوم إلى مدينة سنجة وتضع أقدامها في ولايات تقع وسط البلاد وفصلتها من شرق البلاد مقر الجيش والحكومة وهي ولايات حدودية مع دول الجوار كما تسيطر على 80% من مساحة إقليم دارفور”.