(الخلية).. قوة أمنية تكمم أفواه المدنيين بمناطق سيطرة الجيش

عاين- 25 مارس 2024

“الخلية” عبارة تتردد عقب اندلاع الحرب في السودان في منتصف أبريل 2023 بين الجيش والدعم السريع وهي قوات مشتركة تتشكل من جهاز المخابرات والاستخبارات السعكرية وشرطة المباحث وتنشط في المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات المسلحة.

في مدن مثل عطبرة شمال السودان الواقعة على بعد 400 كيلو متر شمال الخرطوم تلاحظ بوضوح تحرك “الخلية” وهي القوات الأمنية المشتركة لمراقبة حركة الشوارع خاصة في أعقاب تهديدات الدعم السريع بالاجتياح العسكري لشمال البلاد وتهديدها بالسيطرة على مدينتي شندي وعطبرة حسب نشرات بثها الإعلام الحربي التابع لهذه القوات.

تهديد علني

ويقول عماد العامل في غرف الطوارئ بولاية نهر النيل إن الأمن اعتاد على تكميم الأفواه منذ عهد نظام المخلوع الآن باتت هذه المظاهر أكثر قربا خلال الحرب من خلال القوات الأمنية المنتشرة وتهديدات من عناصر هيئة العمليات على المنصات الاجتماعية واستعراض المركبات العسكرية المزودة بالمدافع.

وأردف: “المدنيون إذا تحدثوا بشكل مخالف لما هو سائد من لغة الحرب في الولايات الواقعة تحت سيطرة الجيش قد يعرضون حياتهم للخطر ناهيك عن الاعتقال أو التهديد أو التحقيق الأمني لساعات”.

ومطلع العام الحالي كان والي نهر النيل هدد أعضاء الحرية والتغيير بعدم البقاء في الولاية وأمهلهم ثلاثة أيام ومرت هذه التصريحات دون تعليق من أعضاء المكون العسكري الذين يقودون الحكومة من بورتسودان.

هيمنة الاستخبارات

وخلال الحرب صعدت أصوات الاسلاميين المطالبة بأهمية إعادة صلاحيات جهاز المخابرات في عمليات الاعتقال بحق المدنيين المعارضين ونشطاء غرف الطوارئ ومع ذلك فإن جهاز الإستخبارات التابع للجيش السوداني تمكن من وضع الجهاز تحت إدارته حتى الآن وفقا لمحمد عباس الباحث في الشأن الاستراتيجي لـ(عاين).

وخلال الحرب صعدت أصوات الاسلاميين المطالبة بأهمية إعادة صلاحيات جهاز المخابرات في عمليات الاعتقال

فيما يقول عماد العامل الطوعي في غرف الطوارئ بمدينة دنقلا شمال السودان لـ(عاين) إن ظهور الإسلاميين في الحياة السياسية داخل السودان أصبح واضحا بعد الحرب بالتالي فإن البطش الذي عرفت به الأجهزة الأمنية قد يكون واسعا وغير منظورا في بعض المناطق.

ويضيف : “خلال الحرب شاركت القوات الأمنية ضمن قوات مشتركة تعرف اختصارا بالخلية  تقوم بالطواف في المدن الواقعة تحت سيطرة الجيش هناك اعتقاد وسط هذه الأجهزة الأمنية أنها تقوم بمكافحة الطابور الخامس يطلقون هذا المصطلح على المعارضين المدنيين تحت ذرائع التعاون مع الدعم السريع”.

ولدى “الخلية الأمنية” التي تعمل في مناطق سيطرة الجيش سجل من الانتهاكات وفق عماد فهي تقوم بالطواف في الشوارع وأحيانا تداهم المنازل أو المراكز المدنية أو الاسواق لالقاء القبض على بعض الشبان والرجال بحجة أنهم مجموعات تخريبية وأذرع للدعم السريع.

ويضيف: “توجد منصات على الشبكات الإجتماعية تحرض قوات الأمن على إلقاء القبض على عمال المهن الإضطرارية تحت مزاعم أنهم متعاونون مع الدعم السريع”.

صعود متطرفين

قبل ثلاثة أيام من هجوم الدعم السريع على مدينة ودمدني عاصمة ولاية الجزيرة في 19 ديسمبر 2023 ألقت القوات الأمنية القبض على مجموعة شبان بتهمة التعاون مع الدعم السريع قال قائد الدعم السريع محمد حمدان في مؤتمر صحفي مطلع هذا العام إن هذه المجموعة جرت تصفيتها بالكامل.

فيما يقول معمر وهو ناشط في ولاية نهر النيل لـ(عاين): إن “الاستخبارات العسكرية هي التي تسيطر على (الخلية) لأن هناك عدم ثقة من جنرالات الجيش في تصرفات بعض القيادات التي قد تدين بالولاء لنظام المخلوع عمر البشير لذلك فإن الاستخبارات العسكرية وضعت حتى المقاومة الشعبية تحت قيادة القوات المسلحة وفق الوسم المتداول منذ نهاية ديسمبر 2023 حتى لا يفكر الإسلاميون في تجاوز الجيش.

بالمقابل يقول الباحث في الشأن الاستراتيجي محمد عباس، أن القيادة العسكرية ترى ترك الأمور إلى جهة أمنية واحدة قد تقود إلى سرعة انتقال الدعم السريع إلى مدن واقعة تحت سيطرة الجيش لذلك لجأت إلى التعامل مع الأحداث عبر فريق أمني مشترك.

ويقول عباس: إن “جهاز المخابرات لن يستعيد صلاحياته لأن الاستخبارات هي التي تدير الأمور الأمنية في البلاد بشكل عام حتى تعيين مدير المخابرات في العادة كان يجد تأثيرا من الإسلاميين في عهد البشير اليوم قرار تعيين مدير المخابرات يتخذه العسكريون بشكل منفرد”.

وأضاف: “اذا تمكن الإسلاميون من تسريب عناصرهم المتطرفة إلى هذه القوات فإنها تصبح أكثر خطوة وترتكب الانتهاكات مثل تصفية المدنيين”.

اختفاء الأصوات المدنية

بينما يقول الناشط في منظمات المجتمع المدني الطاهر بدر الدين، إن الوضع السائد حاليا هو ارتفاع صوت الحرب وانحدار الصوت المدني إلى درجة التواري عن الأنظار لذلك يجب التفكير في كيفية رفع الصوت المدني حتى ينتصر دعاة السلام وهذا يعني بالضرورة وقف عسكرة الحياة العامة كما يحدث حاليا.

ويرى بدر الدين في حديث لـ(عاين) أن الحروب عادة تؤدي إلى هذا المنحى لذلك على المدنيين العمل على مقابلة هذا المد العسكري بالأدوات المختلفة المعروفة سواء عبر غرف الطوارئ في المدن أو نشر الوعي أو انتزاع مخاطبات في الهواء الطلق كما كان يحدث إبان فترات القبضة الأمنية لنظام المخلوع.