انترنت فضائي ينقذ سكان دارفور من محنة انقطاع الاتصالات
عاين- 29 أكتوبر 2023
فقدت السيدة “خديجة جار النبي” الاتصال بعائلتها في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور غربي السودان لثلاثة أشهر، وبقيت على هذا الحال وهي لا تعلم شيئاً عن مصيرهم لا سيما وأن الأنباء الواردة من المدينة تفيد بتصاعد عمليات القتال والقصف المتبادل الذي راح ضحيته مئات المدنيين.
تلقت خديجة النبأ الصادم عبر خدمة “الانترنت الفضائي” بعد ثلاثة أشهر من انقطاع الاتصالات وخدمة الانترنت. ” قُتل والدي وثلاثة من أفراد عائلتي بعد أن سقطت قذيفة متفجرة في منزلنا بحي الثورة شمال مدينة نيالا ونزح ما تبقى من عائلتي إلى منطقة شرق جبل مرة”. تقول خديجة المقيمة في مدينة الفولة بولاية غرب كردفان لـ(عاين).
فيما تعين على “زكريا خميس” المقيم في بلدة عديلة بولاية شرق دارفور، السفر براً إلى مدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، رغم المخاطر الأمنية التي قد تكلفه حياته، ودفعه مبالغ طائلة تصل إلى نحو 220 ألف جنيه مقابل تذكرة السفر لجهة أن ذلك كان الخيار الوحيد للاطمئنان على عائلته.
ويقول زكريا لـ(عاين)، “بعد تناقل أنباء عن تزايد العنف جراء الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في زالنجي، لم أتلق أي معلومات عن عائلتي لنحو شهر كامل ما حتم علي السفر بنفسي رغم خطورة المهمة”.
ومع دخول القتال بين الجيش والدعم السريع شهره السابع، تنقطع خدمة الاتصالات كلياً عن سكان أجزاء واسعة من ولايات غربي البلاد الذين تمثل الاتصالات وسيلة مهمة لهم لتلقي التحويلات المالية والتواصل مع عائلاتهم.
ودفع انقطاع خدمة الهاتف والانترنت السكان إلى العودة للرسائل التقليدية في التواصل عبر الرسائل المكتوبة باليد، وإرسال الأشخاص مئات الكيلومترات لمناطق التغطية لنقل المعلومات ومعرفة أحوال ذويهم، قبل أن تدخل خدمة الإنترنت الفضائي عبر الأقمار الصناعية مناطق الحرب لتنقذ آلاف المدنيين الذين حاصرتهم الحرب وعزلتهم عن العالم الخارجي خاصة في ولايات جنوب وغرب ووسط دارفور.
ولجأت مواقع تجارية وأفراد للإعلان عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن توفير خدمة اتصال (الواي فاي) في بلدات وأحياء عدة في نيالا وزالنجي والجنينة تتراوح بين 1000 – 2000 جنيه الدقيقة.
وأصبح الإنترنت الفضائي آخذاً في الانتشار بصورة كبيرة في مناطق عدة بدارفور وأحدث انفراجاً لم يكن كافياً لكنه ساعد كثيرين في التغلب على انقطاع الاتصالات والانترنت.
اجهزة ممنوعة في السابق
ويقول محمد إدريس، صاحب محل تجاري لشبكة انترنت “واي فاي” لـ(عاين)، “قطع الاتصالات من مدينة نيالا بسبب الحرب، دفعني للتفكير في استثمار في الاتصالات من خلال توفير أجهزة الإنترنت الفضائي مباشر عبر الأقمار الصناعية”.
ويضيف: “حقق المشروع بالنسبة لي أرباحاً كبيرة وفي نفس الوقت قدم خدمة انسانية للمواطنين الذين في أشد الحاجة للتواصل”.
إلى ذلك قال مهندس اتصالات فضل عدم ذكر اسمه لـ(عاين)، إن الهيئة القومية للاتصالات بالسودان كانت لا توافق على دخول هذه الأجهزة التي تعمل (عبر الاقمار الاصطناعية) وتمنع دخولها إلى البلاد، إلا إن الظروف الحالية التي يمر بها السودان، افقدت الهيئة السيطرة، ودخلت اجهزة كثيرة المناطق الصراع التي فقدت شبكات الاتصالات.
وتراجع مستوى خدمات الاتصالات والانترنت في كافة أنحاء البلاد وسط تفاوت في نسب التدهور من منطقة لأخرى، وتعد العاصمة الخرطوم واقليمي دارفور وكردفان الأكثر تأثراً إذ تنقطع الخدمة بشكل كامل في كثير من المناطق، الأمر الذي دفع المواطنين للعودة إلى وسائل بدائية للتواصل الرسائل التقليدية، بينما أغلقت البنوك أبوابها في وجه العملاء وتعثرت الوصول للتطبيقات المصرفية مثل “بنكك، وفوري” وغيرها.
وعزت شركات الاتصالات في بيانات سابقة خروج أغلب أبراج التقوية التي تقع في مناطق الاشتباك عن الخدمة بسبب انقطاع الكهرباء، ونفاذ الوقود، مؤكدةً أن فرق الصيانة تواجه صعوبة في الوصول إلى أبراج التقوية خاصة في الخرطوم وولايات جنوب دارفور(نيالا).