حرب على الفُوط الصحية.. السودانيات يلجأن إلى بدائل
عاين- 31 مارس 2024
بعد أن خرجت معظم الصيدليات عن العمل، وأغلقت المستشفيات أبوابها، في العاصمة السودانية، لم تجد تيسير (28) عاما، غير الثياب القديمة كبديل للفوط الصحية خلال فترة الدورة الشهرية، تقول: “اعتدت هذا الحل بعد خمسة أشهر من اندلاع الحرب.. أقص الأقمشة بعناية واستخدمها لاحتواء النزيف، ثم اغسلها لاستخدامها في المرة التالية”، تفعل ذلك وهي لا تجهل المشاكل الصحية المحتملة لكنها مضطرة.
تُعبر نساء عالقات في مناطق الحرب بالعاصمة السودانية الخرطوم، عن تأثير هذا النقص الحاد في توفير الفوط الصحية على حياتهن وصحتهن الجسدية والنفسية. فيما يواجه بعضهن مشاكل صحية نتيجة استخدام بدائل غير ملائمة،
تيسير، التي كانت تقيم في منطقة كرري البعيدة نسبيًا عن الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع، كانت محظوظة بوجود المياه التي ساعدتها على الحفاظ على نظافتها الشخصية. ومع ذلك، كانت الحالة مختلفة تمامًا بالنسبة للنساء اللاتي يعيشن في بحري شمال العاصمة الخرطوم، الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع، حيث كن يعانين نقصاً حاداً في المياه، لذلك لم يلجأن إلى استخدام الأقمشة.
وتروي سلمى، (26) عامًا، وهي تسكن في ضاحية شمبات بالخرطوم بحري، لـ(عاين) تجربتها مع الفوط الصحية، خلال فترة الحرب، وتشير إلى أنها خلال الشهور الأولى كانت الفوط متوفرة، ويتم شراؤها بسهولة مقابل ألف جنيه، ولكن مع تصاعد المعارك، انقطعت وأصبح العثور عليها أمرا صعبا للكثيرات؛ بسبب الصعوبات المالية التي تواجه المواطنين المتواجدين في مناطق النزاع،
وكانت غرفة طوارئ الخرطوم بحري، أشارت إلى “انقطاع الإنترنت وتوقف التحويلات البنكية وعدم توفر المال، تسبب في عجز وحوجة للفوط الصحية التي تعتبر من الضروريات النسائية الأساسية التي لا يستطعن الحصول عليها الآن بسهولة”. وقالت إن “النقص الحاد في توفير الفوط، يمثل تهديداً كبيراً على الصحة الإنجابية، لأكثر من 150 ألف امرأة داخل المنطقة التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع منذ أبريل الماضي”.
واعتبرت الغرفة، أن تأثير الاانعدام يتجاوز الجوانب الصحية، إلى تعطيل النساء عن ممارسة حياتهن بشكل طبيعي، ويؤثر في نفسيتهن. وشددت الغرفة على ضرورة التصدي للأوضاع الطارئة بسرعة وفعالية من خلال تقديم الدعم الإنساني والإغاثي اللازم للنساء المتأثرات في السودان وضمان توفير الفوط النسائية الضرورية لهن.
مُصادرة
كما دعت غرفة طوارئ بحري جميع الجهات المعنية إلى التدخل العاجل واتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية النساء وتقديم الدعم الكافي لهن تحت هذه الظروف الصعبة.
في ضاحية شمبات، لم يكن هناك محاولات للتوجه نحو أي بديل للفوط الصحية؛ بسبب نقص المياه وانقطاع التيار الكهربائي، مما يجعل الاعتماد على بدائل أخرى غير ممكن. كما ذكرت المتطوعة في غرفة الطوارئ بحري لـ(عاين). وأوضحت بأن البديل الرئيسي للفوط الصحية كان استخدام “قطن مع الشاش”، والتخلص منه بعد الاستخدام.
متطوعة: تتعرض الفوط الصحية للمصادرة من قبل قوات لدعم السريع التي تستخدمها لوقف نزيف جنودها الجرحى.
خلال الشهرين الأوائل من الحرب، كانت الفوط الصحية متوفرة بالقدر الكافي في المتاجر، بسبب نقل التجار بضائعهم من الأسواق إلى الأحياء، ومع تفاقم الأوضاع، توجه المتطوعون لشراء الفوط من منطقة الحاج يوسف بأسعار مرتفعة تتراوح بين 1200 و1500 جنيه، مقارنة بسعرها الطبيعي الذي كان يبلغ 600 جنيه ثم 1000 جنيه .
وأشارت المتطوعة التي فضلت (عاين) حجب اسمها، إلى المضايقات التي واجهت المتطوعين في أثناء إدخال الفوط من منطقة الخرطوم، وقالت: “في الغالب تتعرض للمصادرة من طرفي الصراع خاصة قوات الدعم السريع التي تستخدم الفوط النسائية كضمادات لوقف نزيف إصابات جنودها”، وأكدت المتطوعة:” الغرفة كانت تلجأ أحيانا للحصول على الفوط الصحية عبر المعارف والأهل بمدينة شندي بولاية نهر النيل، إلا أن ارتكازات الجيش كانت تمنع وصولها”.
تحديات صحية
فيما شكت إيمان وهي في العقد الثالث من عمرها، من ارتفاع قيمة الفوطة الصحية، ووصفتها بـ”المكلفة وعبء إضافي للكابوس الشهري الذي يضاف إلى الإرهاق النفسي والبدني بالتزامن مع شح السيولة واستمرار المعارك للشهر الحادي عشر”.
“في ظل انعدام الفوط الصحية نسبة لظروف الحرب تعاني السيدات في طريقة التعامل مع الدورة الشهرية، مما يؤثر سلبا عليهن من ناحية نفسية وجسدية على المدى القريب والبعيد”. تقول الطبيبة الهام الفاتح أحمد بابكر، وتستعرض الأضرار الناجمة عن استخدام البدائل الأخرى كالقماش على المدى القريب، والذي يسبب أعراض جلدية تتمثل في الحكة، التهيج الجلدي وظهور البقع”.
ولفتت بابكر في مقابلة مع (عاين) إلى صعوبة غسل القماش وتعقيمه في ظل نقص المياه في مناطق النزاع، وصعوبة العثور على بدائل للقماش. وتوضح أن استخدام القطن، الذي قد لا يكون متوفراً بكميات كافية، لفترات طويلة دون تغيير يمكن أن يزيد احتمالية التهابات وتهيجات الجلد، ويزيد خطر الإصابة بالتسلخات والعدوى.
أما على المدى البعيد- حسب إلهام بابكر- يمكن أن تسبب الالتهابات المزمنة وغير المعالجة في مشاكل في الحمل والعقم لدى السيدات وبشأن الضرر النفسي حال حدوث التسريب، وما يمكن أن يسببه من شعور بالإحراج للفتيات، رغم أن العادة الشهرية جزءًا من الطبيعة ليس لها تأثير نفسي سلبي.