عقوبات تطال العاملين الداعمين للثورة في الخدمة المدنية 

عقوبات تطال العاملين الداعمين للثورة في الخدمة المدنية

تقرير: عاين 2 يوليو 2019م

الفصل من الخدمة المدنية أو التهديد بالفصل من الخدمة العامة أو النقل لمناطق بعيدة وغيره من الإجراءات العقابية أسلحة استخدمها المجلس العسكري في محاولة للحد من تصاعد الحراك الجماهيري منذ مجزرة القيادة العامة التي راح ضحيتها أكثر من مائة شخص وتوجت حالة الغضب الجماهيري بمليونية الأحد الماضي التي عدها كثيرون رد اعتبار للثوار والشهداء. وفيما اعتبره مراقبون احدى ابرز مؤشرات سيطرة الدولة العميقة والنظام السابق علي الاوضاع في البلاد لا سيما العمل في القطاعات الحكومية والخاصة، وممارسة عمليات الفصل والخصم من المرتبات والخ من العقوبات التي تقوم علي أساس الموقف السياسي باتباع ذات سياسات التمكين المعروفة في ظل النظام السابق. 

وواجه مئات الموظفين في القطاعين الخاص والعام تهديدات بالفصل وانذارات بالإيقاف عن العمل والخصم من رواتبهم اثر مشاركتهم الفاعلة في تنفيذ الوقفات الاحتجاجية التي دعت لها قوى المعارضة السودانية ونادت جميعها بالحكم المدني، الى ان وصلت المطالبات ذروتها بعد مجزرة فض اعتصام القيادة العامة للجيش وما تبعها من دعوات للدخول في العصيان المدني الشامل في البلاد والذي تم تنفيذه بنجاح على مدى  ثلاثة أيام.

خصم رواتب 

عقوبات تطال العاملين الداعمين للثورة في الخدمة المدنية

وفور عودة الموظفين الى مقار دواوينهم الحكومية وشركاتهم الخاصة واجهوا عسفا من قبل مدرائهم ذوي الصلة بالنظام السابق وتمثلت هذه العقوبات في الاستيضاحات والإنذارات الشفاهية والمكتوبة والخصومات المالية واجراء بعض التنقلات الادارية من العاصمة الى الولايات او الى الادارة الاقل امتيازات مالية.   

ولجأ ديوان الضرائب الاتحادي، الى عملية عقابية أخرى بحق الموظفين الفاعلين في الثورة السودانية والمشاركين بشكل مباشر في تنفيذ جداول تجمع المهنيين السودانيين بالوقفات الاحتجاجية والعصيان المدني، وتضمنت الإجراءات العقابية التهديد بالفصل والنقل الى الادارات المهمشة او ما يعرف بـ”القراش” داخل الديوان وهذه الإدارات في السابق يتم تحويل الموظفين المتهمين باختلاسات مالية في الغالب أو المرتكبين لاخطاء ادارية بحسب موظفة في الديوان فضلت حجب اسمها تحدث إليها (عاين).

 متنفذون الوطني

أضافت الموظفة، “لجأ متنفذون معروف عنهم انتمائهم لحزب المؤتمر الوطني ومؤيدين للمجلس العسكري الى تقديم قوائم الموظفين داخل الضرائب معروف معارضتهم للنظام بعضهم لم يشارك حتى في الاضراب، ولكن لمعارضتهم هذه، تمت عملية نقلهم من إدارات الى ادارات اخرى مهمشة بتوقيع من مدير الضرائب المنتمي للحزب الحاكم.

وتشير الموظفة إلى أن الحادثة الأشهر كانت هي سفر أحد هؤلاء النافذين مع موظفين موالين الى مدينة ود مدني التي يدير مكتبها موظف معروف انتمائه الى حزب معارض، وقام الموظف النافذ المحسوب على حزب المؤتمر الوطني بتصوير مكاتب الإدارة خالية من الموظفين الذين نفذوا العصيان المدني مائة بالمائة وجاء يحمل صوره الى المدير العام الذي وجه بنقل مدير الإدارة بالولاية.

 

سيطرة المؤتمر الوطني 

 فيما تروى فردوس الرشيد، الموظفة بالديوان، لـ(عاين) انه تم نقلها من ادارتها الحساسة-حسب قولها- التي كانت تعمل بها الى ادارة اخرى رقم طلب مديرها المباشر من ادارة الضرائب بحاجته لها في العمل وتقديم ذلك كتابة إلا أنه جاء ردهم عليه بتنفيذ التوجيه. وأضافت الرشيد “نٌقلت بالفعل الى ادارة اخرى احتاج فيها لوقت طويل وتدريب حتى تستفيد الدولة من خدماتي وهذا ببساطة لانني نقلت الى ادارة لا اعلم عنها الكثير واحتاج وقتا حتى اتأقلم على العمل هنا”. وتشير فردوس الى ان هذا الاجراء طال( 47) مفتشا جامعيا من الدرجة الثانية وحتى الثامنة. 

ديوان الضرائب، ليس الجهة الحكومية الوحيدة التي هددت موظفيها وانذرتهم كتابة او شفاهة، ويقول موظفون في مصفاة الجيلي للبترول ان إدارة المصفاة حققت مع عدد من الموظفين الذين شاركوا في الثورة ومن ثم أضربوا عن العمل وشاركوا أيضا في العصيان المدني المعلن من قبل تجمع المهنيين. ولفت الموظفون في حديث مع (عاين)  الى ان ادارة المصفاة بعد أن حققت مع الموظفين رفعت اسمائهم الى وزارة النفط التي تنظر الى ملفاتهم ومازالوا في انتظار قرارها النهائي بحقهم. وأضافوا “الموظفين يمارسون عملهم لكنهم ينتظرون القرار”.شركة انيرجي للبترول المحسوبة على الحكومة السابقة، واحدة من الشركات التي انذرت( 8) من رؤساء أقسام فنية متنوعة فيها. 

“شأن داخلي

قال مشارك آخر في تنفيذ العصيان المدني بالشركة فضل حجب اسمه لـ(عاين)، “اليوم الذى تلى مذبحة( 29 ) رمضان، قررنا نحن مجموعة كبيرة من الموظفين الذين نعمل في الحقول خارج العاصمة بالتوقف عن العمل، واشار الى انهم اجتمعوا مع مدير الحقل صيني الجنسية و ابلغوه انهم سيتوقفون عن العمليات الفنية في الشركة للأيام المقبلة نسبة انخراطهم في العصيان المدني المعلن في البلاد؛  وما تلى مذبحة فض اعتصام القيادة العامة. ونوه الموظف المشارك في العصيان، إلى أن المدير الصيني ابلغهم بان هذا شأن سوداني داخلي وعليه رفع مطالبهم الى ادارة الشركة التي قال انها ارسلت لجنة امنية على الفور الى الحقل وهددت عبر ضابط أمن معروف فيها بتشريد العاملين المضربين وايقافهم عن العمل وفصلهم بدون حقوق وغيرها من التهديدات. واشار الى انه وبعد تنفيذنا للعصيان تمت إنذارات لـ (8 ) من رؤساء الاقسام، بجانب اصدار كشوفات تنقلات للعاملين في الحقول وابعاد كافة المؤثرين في العمل الثوري عن بعضهم البعض ووضعهم الى جانب مجموعات معروفة بولائها الى النظام السابق.     

في هيئة الموانئ البحرية بمدينة بورتسودان، يقول الموظف بالهيئة عبداللطيف عشميق، ان موظفي الموانئ الذين نفذوا العصيان بنسبة كبيرة لاسيما في الميناء الجنوبي، واجهوا تهديدات بالفصل ونقل من الميناء الجنوبي والشمالي بمعنى حرمانهم من امتيازات مالية في الميناء الجنوبي. 

عقوبات تطال العاملين الداعمين للثورة في الخدمة المدنية

عودة الفصل التعسفي 

يقول المتحدث باسم تجمع المهنيين، إسماعيل التاج أن التجمع يرفض بشكل قاطع عملية التهديد والتخويف بالفصل التعسفي عن العمل لمئات الموظفين في القطاعين الخاص والعام بعد مشاركتهم في الإضراب السياسي والعصيان المدني الشامل الذي نظم بالبلاد الشهر الماضي. وقال التاج لـ(عاين)، “ينبنى رفضنا لهذا التهديد بالفصل عن العمل من مبدأ عدم مشروعيته الاخلاقية والانسانية والقانونية، وأن تخويف الناس وحرمانهم من ممارسة دورهم النقابي والمهني وتكوين نقابتهم التي تعبر عن آرائهم وتطلعاتهم ودولتهم التي ينشدونها أمر معيب وفكر شمولي آحادي التفكير والتنفيذ”.

يقول التاج، إلى أن تمكين العاملين والموظفين من حقوقهم هو بالطبع تمكين وتقوية منظومة الحقوق في مجالات الحق في العمل وحق النقابات في التعبير عن نفسها ومطالبها ومصالحها المباشرة، لكن التهديد بالفصل عن العمل الذي انتهجه النظام البائد بمعاونة المجلس العسكري هو انتقاص من هذه الحقوق. واعتبر إسماعيل التاج، عمليات الفصل التي تمت بحق العشرات والتهديد بالفصل التي تمت بحق المئات من الموظفين والعمال قمة في العسف والاستبداد والتعدي على حقوق الإنسان والعمال في ممارسة المساواة.

لفت التاج، الى أنهم في التجمع يفردون مساحة كبيرة لرصد الانتهاكات الحكومية بحق الموظفين وأبوابها مفتوحة للتبليغ عنها وتلقى الشكاوى والمعلومات عن الفصل لكل الذين طالهم في المؤسسات المختلفة بالقطاعين الخاص والعام. مشددا “هذا الأمر بالنسبة لنا فصل تعسفي دون شك ويخالف التزامات السودان بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ومنظمة العمل الدولي”. 

وحول احصائيات الذين طالهم الفصل والانذار والايقاف عن العمل يقول التاج، نحن في تجمع المهنيين نعمل منذ وقت على تصنيف الفصل والوقوف على الأرقام الكاملة، واضاف “علمنا ان هناك فصل شفاهي تم لموظفين وايقاف و إنذارات شفهية ومكتوبة وهذا يعني أن من اصدروا هذه الأوامر لا يتجرأون حتى على إصدار خطابات فصل عن الخدمة مكتوب. وكان تحالف المحاميين السودانيين قد استنكر عمليات الفصل التعسفي الكبيرة التي  اتبعتها بعض المؤسسات الخاصة والعامة ضد العاملين. مطالباً بإرجاع المفصولين للخدمة فوراً دون قيد او شرط.