جزيرة أثرية شمال السودان في مهب الريح

عاين- 1 مايو 2024

قامت السلطات المحلية التابعة إلى وحدة عبري الإدارية بإيقاف عمليات تعدين جديدة على مواقع قريبة من الآثار في جزيرة صاي الأثرية شمال السودان عقب احتجاج أهالي المنطقة.

وشوهدت آليات الحفر وهي قريبة من المواقع الأثرية في جزيرة “صاي” شمال البلاد حسب ما ذكر ناشطون يعملون على حماية الآثار من النهب والهدم عن طريق شركات التعدين العاملة في المنطقة منذ عامين.

تواطؤ محلي

ويرى الباقر وهو ناشط محلي في حماية الآثار بالولاية الشمالية في مقابلة مع (عاين) أن جزيرة “صاي” الأثرية تتعرض إلى عملية هدم منظمة، وجرفت آليات الحفر العديد من المواقع الأثرية، ولا يمكن البقاء مكتوفي الأيدي، ونشاهد جزيرة بمثل هذه الأهمية تختفي أثرا بعد عين بفعل جشع الحكومة.

وأردف قائلا: “السلطات المحلية تزعم أنها تحمي الآثار، لكنها بشكل أو بآخر تحصل على دعم من هذه الشركات لذلك تتجاهل التغول على المواقع الأثرية عن طريق المعدنين”.

وتحتوي جزيرة “صاي” على مواقع أثرية “دينية” و”مباني مدنية” و”جنائزية” تتراوح بين حقب تاريخية مختلفة في قمة الجبل تجد آثاراً تعود إلى 500 ألف عام، وتضم مساكن لقدامى البشرية ما يعني أن السودان وفق تقول بعثات الآثار من أقدم الأماكن للمستوطنات البشرية.

جزيرة في مهب الريح

ويحذر خبراء في الآثار من أن جزيرة “صاي” أعرق موقعاً أثرياً في شمال السودان والبلاد بصورة عامة قد تتحول إلى مناجم ذهب عوضا عن الاحتفاظ بهذه الآثار التي لا تقدر بثمن.

قال عبد الحميد عبد ربه الخبير في مجال الآثار لـ(عاين) إن “جزيرة صاي تضم آثار ذات دلالات تاريخية وهي مرشحة للدخول في قوائم اليونسكو للتراث العالمي والحكومة السودانية لا تكترث لذلك في سبيل سعيها لجلب المال من عائدات التعدين”.

جانب من بلدة صواردة شمالي السودان

وأردف: “السكان المحليون في جزيرة صاي قادرون على حمايتها، لكن المخاوف من سرقة هذه الآثار تحت غطاء عمل التعدين قائمة؛ لأن هذه الشركات غير حريصة على القيمة الأثرية بقدر بحثها عن المال”.

كما يوجد المعبد الفرعوني في جزيرة “صاي” الذي شيده الملك “أحمس” لزوجته “نفرتاري” وهي من المواقع المهمة، وتطل على نهر النيل الذي يمر من جنوب البلاد إلى أقصى الشمال وصولا إلى مصر، ويضم المكان “أثاثات” تعود إلى العائلة الثامنة عشر. وفي جزيرة “صاي” يوجد مركز فرعوني يحتوي على وثائق الفراعنة في منطقة النوبة.

نفي حكومي

ويؤكد مشرف الآثار في جزيرة “صاي” وهو مكتب يتبع لوحدة عبري الإدارية عماد شوربجي في تصريحات نقلتها المنصة الإعلامية لوحدة عبري الإدارية أن الحديث عن تغول شركات التعدين إلى المواقع الأثرية غير صحيح، لقد أوقفت السلطات الأمنية التصاديق الجديدة التي مُنحت للشركة، وأبقت على التصاريح القديمة فقط، والتي حددت مواقع بعيدة عن المناطق الأثرية.

وأضاف: “تعمل شركات التعدين منذ عامين في جزيرة صاي الأثرية، وجاء فريق من الآثار، وحدد مواقع التعدين على أن لا تمس الآثار والعمل يسير وفق هذه الإجراءات”.

جزيرة صاي

من جهتها، أعربت الشّبكة الإقليمية للحقوق الثّقافية، عن مخاوفها الكبيرة من أن يفقد السُّودان واحدة من أغنى المناطق الأثرية في البلاد بسبب العبث الذي يطال مواقع تاريخية مهمة في جزيرة “صاي”؛ ودعت المختصّين وخبراء الآثار، والمنظّمات المُدَافِعة عنها، في المحيط الإقليمي والدّولي، بإدانة هذه الجّريمة الإنسانية الخطيرة والعمل على منعها وعدم تكرارها.

وقالت الشبكة في بيان الثلاثاء إنه “أمام أعين سلطات الأمر الواقع في السُّودان، وبمشاركتها الواضحة في ممارسات المجرمين، تَدخُل آليات التّنقيب إلى جزيرة صاي (موقع أثري نوبي)، مستغلين حالة الحرب في السُّودان، وفي غياب سلطة مركزية تدير شؤون البلاد”.

وأضافت: “هكذا يتسابق الانتهازيون وعديمو الضّمير، مستغلين الظّروف الحرجة لسرقة أقدم بقعة آثار في العالم تحت ذرائع التّنقيب عن الذّهب، بحسب مصادر أخبار موثوقة وفيديوهات انتشرت من خلال مواقع التّواصل الاجتماعي”.