لجان المقاومة  ومخاض تحديد المسار بعد الثورة

لجان المقاومة.. مارد الثورة السودانية

تقرير: عاين 20 نوفمبر 2019م

على خطى الثورة السودانية، كان الهدف موحداً لمئات لجان المقاومة في مدن وأحياء البلاد المختلفة، فشعار “تسقط بس” التفت حوله كل مكونات القوى الثورية الداعية لتغيير النظام عبر واجهته السياسية تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، لكنه وبعد أن تحقق الهدف الذي عمل لأجله ملايين السودانيين باحداث تغيير يراه البعض مقبولا وآخرين يعتقدون انه مازال المشوار طويلا لتحقيقه دبت صراعات مكتومة منذ وقت بين مكونات قوى الثورة لكنها تمظهرت في الخلافات حول توجهات لجان المقاومة والجدل الذي يثار منذ وقت حول أهدافها وموقفها من الحكومة الانتقالية والتجاذبات السياسية حول ادورها.    

مسارات لجان المقاومة

ولأن هذه اللجان مثلت رقما صعبا ابان العملية الثورية في البلاد وانضباطهم التام في ادارة العمل الميداني والتكتيكات المختلفة لتنفيذ التظاهر وفقا للجداول المعلنة وغيرها من عمليات المقاومة الليلة، تصدرت هذه اللجان عن جدارة المشهد السياسي ما جر عليها اهتماما متصاعدا من قبل القوى السياسية المكونة لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، والقادة العسكريين على راسهم الفريق محمد حمدانِ دقلو حميدتي  قائد قوات الدعم السريع عضو المجلس السيادي.

هذا الاهتمام المتصاعد والذي حول هذه اللجان الى حلبة صراع ينفتح على ثلاث مسارات رئيسية، خط الاول يذهب الى ضرورة استقلالية هذه اللجان التامة عن أي فعل سياسي ويحدد لها هذا المسار العمل على تقويم الثورة والتصدي لأي انحراف عن مسارها المعلوم والمنصوص عليه في إعلان الحرية والتغيير. والمسار الثاني، هو أن تتحول هذه اللجان الى دعم مباشر للحكومة الانتقالية وبرنامج قوى إعلان الحرية والتغيير وتتخلى هذه اللجان عن ثورتها والانخراط في وفق ما حدد لها من قرار وزير الحكم المحلي مؤخراً في البناء والتغيير والمشاركة في الحكم المحلي وبالتالي المجالس والبرلمانات الولائية والمحلية المنتظر إنشاؤها. اما المسار الثالث ينحو إلى عمليات اختراق بشكل او بآخر لعمل هذه اللجان من قبل الثورة المضادة.

لجان المقاومة ومخاض تحديد المسار بعد الثورة
هذا الصراع عملت عليه جهات عديدة وأنه صراعاً طبيعيا في ظل وجود مسارين متقاربين الاول يدعم استقلالية اللجان ويقاوم أي انحراف عن مسار الثورة والتصدي بكل قوة لأي محاولات تحيد عن خطها في مواجهة تيار آخر يقول انه وصل واسقط النظام ويجب أن يكون هناك تحولا في عمل اللجان بأن تتجه للبناء.

صراع الرؤى

المسارات الثلاث ووفقاً- عضو تنسيقية لجان مقاومة الخرطوم شرق، راشد عباش، تعمل عليها جهات عديدة وتأتي ضمن صراع يرى أنه طبيعي في ظل وجود مسارين متقاربين الأول الذي يدعم استقلالية اللجان ويقاوم أي انحراف عن مسار الثورة والتصدي بكل قوة لأي محاولات تحيد عن الخط الثورة في مواجهة تيار آخر يقول انه وصل واسقط النظام ويجب أن يكون هناك تحولا في عمل اللجان بأن تتجه للبناء. ويقول عباش وهو عضوفي الحزب الشيوعي السوداني ايضا، لـ(عاين)، “الخلاف بين المسارين ليسا بعيدا من نقطة التقاء لكنه في نفس الوقت لا يمكن ان نقول انه صراع سهل يمكن تجاوزه دون خسائر “.

بدأ واضحا-حسب راشد عباش-  ومن خلال المعارك التي بدأت منذ وقت بين أنصار الاتجاهين ان العملية ستكون مكلفة للغاية بعد الذي ظل يطفو من وقت لآخر على السطح ويذهب الى انقسام حول فكرتين بعدائية يستخدم فيها كل طرف اسوأ ما ما لديه لهزيمة الثاني. ويتوقع عباش، ان تستمر هذه المعارك أكثر شراسة و مثلما ظل يدور من اتهامات حول تلقى بعض اللجان تمويل دولي لتصفية لجان المقاومة، ومع استمرار الصراع ستستخدم وسائل مختلفة في المعركة، لكنه وحتى الآن الكفة الراجحة للخط الذي يساند فكرة أن تكون لجان المقاومة في الأحياء الحارس الأمين للثورة السودانية.  

تدخلات اطراف    
لجان المقاومة ومخاض تحديد المسار بعد الثورةكان مثيرا للاهتمام، دخول تجمع المهنيين السودانيين، كأحد أطراف الصراع الدائر بين لجان المقاومة والذي لا يمت لهذه اللجان بصلة تنظيمية مباشرة، ليعلن عن مؤتمر صحفي موضوعه الاساسي لجان المقاومة يؤكد فيه عضو التجمع محمد ناجي الاصم لقاء أعضاء في  لجان المقاومة -لم يسمهم- بنائب رئيس مجلس السيادة، محمد حمدان دقلو “حميدتي” ورئيس المخابرات العامة، ابوبكر دمبلاب، ويؤكد ايضا ان لديه معلومات عن تلقي لجان المقاومة لتمويل خارجي قبل أن يشدد على رفضه لذلك. وقال عضو تجمع المهنيين، محمد ناجي الأصم، في المؤتمر الصحفي الاثنين الماضي، إن اللقاء الذي تم بين “حميدتي” ورئيس المخابرات العامة كان غير مرتب مسبقا وعبارة عن استدراج لاعضاء لجان المقاومة.

ونوه ناجي الاصم، الى ان التجمع يرصد ايضا منذ وقت التدخلات الحزبية في عمل لجان المقاومة الأمر الذي أضر بوحدتها واستقلاليتها. وشدد الأصم، على ضرورة استقلال عمل هذه اللجان والتي قال إنها في خندق واحد مع قوى الثورة الاخرى وان تجمع المهنيين يتفاكر معها في إطار اللجنة الميدانية لقوى الحرية والتغيير. وأضاف “نحن في خندق واحد مع لجان المقاومة لاستكمال الثورة بعيدا عن الاستقطاب وسنقف في وجه أي جهة تحاول النيل من وحدة هذه اللجان”.

استقطاب مكفول

لكن رئيس لجنة العمل الميداني في قوى إعلان الحرية والتغيير، شريف محمد عثمان يستغرب، ما يتداول عن صراع سياسي حول هذه اللجان، ويشير إلى أن الصراع والاستقطاب حق مكفول ومن صميم عمل اي منظومة سياسية ومن ضمن مهام وواجبات القوى السياسية العمل الدعائي داخل الأحياء، “ولذلك أن النقاش من هذا النوع اعتبره غير موضوعيا”.  هذا الى جانب ما يتردد عن استقلالية هذه اللجان يجانبه الصواب أيضا لجهة أن اللجنة حددت موقفا بالاستقلالية او غيرها فإنها تكون قد قالت رائياً.

ويعزو محمد عثمان وهو عضو في حزب المؤتمر السوداني، ما يدور من تجاذبات وخلافات بين لجان المقاومة في الأحياء بين المكونات السياسية الثورية في البلاد إلى غياب الأهداف الواضحة. ويسرد شريف في مقابلة مع (عاين) خلفية تاريخية لتكوين هذه اللجان في الاحياء إبان الحراك الثوري الذي اطاح بحكم المخلوع البشير، ويشير إلى أن لجنة العمل الميداني استطاعت في ظرف أمني صعب قبل سقوط النظام خلق تشبيك بين عناصر الأحزاب والفاعلين محل الثقة في الاحياء لادارة العمل الميداني، وبالفعل كان مشهودا لهذه اللجان حراكها الثوري في المواكب التي انتظمت البلاد والدقة في تنفيذ برامج الثورة وفق الجداول المعلنة.

لجان المقاومة ومخاض تحديد المسار بعد الثورة
بعد توقيع الاتفاق السياسي ودخول البلاد مرحلة انتقالية لم يعد الهدف موحدا كما كان في السابق، وبدأت تقرأ الاسئلة حول ماهو الهدف وماهي آليات العمل وتبعية هذه اللجان هل هي لجان مستقلة أم تتبع لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير ـ رئيس لجنة العمل الميداني في قوى إعلان الحرية والتغيير، شريف محمد عثمان

أهداف وآليات

يرى شريف، أنه وبعد توقيع الاتفاق السياسي ودخول البلاد مرحلة انتقالية لم يعد الهدف موحدا كما كان في السابق، وبدأت تقرأ الاسئلة حلو ماهو الهدف وماهي آليات العمل وتبعية هذه اللجان هل هي لجان مستقلة أم تتبع لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير وهل هي لجان تعمل ضمن منظومة موحدة لتقويم الثورة ام حميايتها، وغير هذا العديد من هذه الاسئلة بجانب التجاذبات السياسية وربما المسافات المتفاوتة بين القوى السياسية هي التي قادت الى ما سماه بغياب الرؤية والأهداف لهذه اللجان قبل ان يقلل من ما يدور في الساحة السياسية هذه الأيام حول لجان المقاومة ويعتبره فرصة جيدة لتقويم دورها. وأعلن في هذا الاتجاه عن مؤتمرات قاعدية تجيب على العديد من الاسئلة وتضع الأمور في نصابها عبر مؤتمر ترعاه الحكومة الانتقالية قريبا.

حملة منظمة

ويقلل عثمان، من ما يعده حملة منظمة لتشويه صورة اللجان، لكنه يعترف بشروخ في بعض لجان الأحياء “لكن ما يدور فيه تضخيم”. ويقر القيادي بقوى الحرية والتغيير كذلك “لجان المقاومة ليست في وضعها المثالي قبل مواكب 30 يونيو”. والمطلوب عاجلا وفقا لـ-شريف- هو العمل تحديد الأهداف والعمل عليها والاجابة على الاسئلة الكثيرة في هذا الخصوص، وأشار إلى ان ذلك لن يتأتى إلا عبر المؤتمرات القاعدية التي يجرى الترتيب لها وينتظر أن تخلص الى مؤتمر عام خلال اسبوعين.

محاولات تقرب

من جهتها وصفت لجان المقاومة بمدينة بحري المؤتمر الصحفي لتجمع المهنيين بالمحاولة اليائسة لارسال رسائل للرأي العام بأنه قريب من لجان المقاومة وهذا ليس بالصحيح، وقال عضو لجان المقاومة محمد العبيد لـ(عاين) ” المؤتمر الصحفي حاول فيه تجمع المهنيين انه يرسل رسائل للرأي العام انو قريب من اللجان وكانت محاولة للرد على غضب اللجان بخصوص قرارات وزير الحكم المحلي”.  ورفض العبيد التدخلات الحزبية موضحاً ان هناك لوائح مشددة داخل اللجان تمنع تمرير أي اجندة حزبية داخل لجان المقاومة التي تقف في قضايا الشعب دون إملاءات من أي جهة مؤكدا أن هناك محاولات حزبية مستمرة للتدخل لكنهم منعوه باللوائح.

لجان المقاومة ومخاض تحديد المسار بعد الثورة
ما ورد في المؤتمر الصحفي لتجمع المهنيين فيما يتعلق بتعرض لجان المقاومة لمحاولات استدراج أو استقطاب داخل عضويتها كان بناء على مذكرة توضيح رسمية رفعتها لجان المقاومة للتجمع بينت فيها هذه اللجان عن محاولات اختراقها من قبل بعض الأحزاب بقوى الحرية والتغيير ومحاولة استقطابهم كعضوية لصالح احزابهم

استقطاب واستدراج

 وذهبت في ذات الاتجاه لجان مقاومة امبدات ووصف متحدثها ابراهيم لـ(عاين) ما ورد في المؤتمر الصحفي لتجمع المهنيين فيما يتعلق بتعرض لجان المقاومة لمحاولات استدراج أو استقطاب داخل عضويتها لقد كان بناء على مذكرة توضيح رسمية رفعتها لجان مقاومة للتجمع بينت فيها هذه اللجان عن محاولات اختراقها من قبل بعض الأحزاب بقوى الحرية والتغيير ومحاولة استقطابهم كعضوية وأحزابهم  وقال إبراهيم لـ( عاين) ” اعتقد هذه الأحزاب هي أحزاب خفيفة الوزن والثقل الجماهيري والتي تسعى في الغالب للاستفادة من لجان المقاومة في كسب مقاعد المجالس التشريعية”. واستدرك: بأن محاولات الاستقطاب كانت من مختلف القوى السياسية وليست مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير متهماً بعض الجهات بمحاولات اختراق لجان المقاومة “هناك عدة جهات تحاول اختراق لجان المقاومة وعلى رأسها جهاز الأمن والدعم السريع وحزب المؤتمر الوطني البائد”  ,وعدد كل من المعتصم والعبيد انشطة لجان المقاومة المختلفة والمتمثلة في مبادرات خدمية عديدة منها صيانة المدارس و الإجلاس الطلابي والرياض و ترميم وتزيين الطرق الحية بالأحياء والمناطق و تنظيف المرافق الصحية.