اعتصامات العاصمة السودانية.. مناوشات أمنية للفض ومقاومة شرسة
4 يوليو 2022
حاول رتل عسكري وصل إلى محيط اعتصام “الجودة” جنوب العاصمة من ناحية محطة الغالي مساء اليوم الاثين إنهاء الاعتصام بالقوة قبل ان يغادر عقب إظهار المحتجين مقاومة في المداخل الشمالية الغربية.
ويعتصم الحتجون في شارع رئيسي بمنطقة الديوم الشرقية الواقعة على بعد حوالي خمس كيلومترات من القصر الجمهوري جنوب الخرطوم وهي منطقة تعد مركزا رئيسيا لإنطلاق الاحتجاجات ضد الحكم العسكري منذ ثمانية شهور.
ويطالب المتظاهرون في “اعتصام الجودة” بالخرطوم بتنحي المكون العسكري وتكوين حكومة مدنية كاملة بصلاحيات تضع الأجهزة العسكرية والأمنية تحت قيادتها.
وتوسعت رقعة الاعتصامات في العاصمة السودانية إلى أربعة مواقع عقب “مليونية 30 يونيو” الخميس الماضي حيث تظاهر مئات الآلاف من السودانيين ضد الحكم العسكري وطالبت بإسقاطه بينما فتحت قوات الأمن على المحتجين وقتلت تسعة بالرصاص طبقا للجنة أطباء السودان وإصابة نحو 600 شخص واعتقال 200 من المتظاهرين بينهم 39 امرأة.
مناوشات أمنية
ووصلت القوات الأمنية من الناحية الشمالية إلى اعتصام الجودة جنوب العاصمة على متن ستة شاحنات ومدرعة أطلقت الغاز المسيل للدموع وعقب توافد المتظاهرين إلى “ترس محطة الغالي” غادرت القوات الأمن الموقع.
وتأتي التطورات الأمنية في اعتصام الجودة بعد خمسة أيام من استمراره عقب “مليونية 30 يونيو” الخميس الماضي احتجاجا على مقتل تسعة متظاهرين برصاص قناصات من رجال الأمن حسب لجنة الأطباء.
وكانت القوات الأمنية وضعت خطة بحسب مصادر تحدثت إلى (عاين)، لفض الاعتصامات التي تشهدها مدن العاصمة الثلاث في الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان.
وأشارت مصادر من النيابة العامة تحدثت لـ(عاين)، إلى أن وكلاء النيابة رفضوا مرافقة السلطات في فض الاعتصامات فيما استعان بعض المسؤولين الأمنيين بالقانونيين من كوادر حزب المؤتمر الوطني المحلول.
وقالت المصادر إن الخطة الأمنية تقتضي “مناوشة الاعتصامات” و اضعافها من الداخل وإطلاق الغاز المسيل للدموع بين الحين والآخر حتى الإجهاز عليها. وتأتي هذه الإجراءات الأمنية بضغوط مارسها رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان على القوات الأمنية لـ” إنهاء الاعتصامات في العاصمة السودانية مع الوضع في الاعتبار خفض الخسائر” بحسب المصادر.
وترتفع المطالب في الاعتصامات التي تنتظم في ثلاثة مدن بالعاصمة إلى تنحي البرهان من السلطة والمحاسبة وهي مطالب اشتدت عقب مقتل تسعة متظاهرين في “مليونية 30 يونيو”.
وقال فادي عبد الله 25 عاما وهو متظاهر من اعتصام الجودة إن القوات الأمنية غادرت بعد توافد المتظاهرين إلى الجهة الشمالية للاعتصام ولدينا شكوك قوية بعودتها في وقت متأخر من الليل.
وتابع: “في حال فض الاعتصام لن نقاوم حتى لا نتفادى الخسائر لأن الاعتصام مقدمة لاعتصامات قادمة للإطاحة بالانقلابيين” على حد تعبيره.
تفريق اعتصام سراج
في ذات السياق فرقت القوات الأمنية اعتصام محطة سراج بمدينة أم درمان غربي العاصمة السودانية مساء الاثنين عقب انسحاب المتظاهرين لتجنب العنف.
وقالت لمى محمد 26 عاما والتي غادرت اعتصام محطة سراج في امدرمان مع وصول القوات الأمنية لـ(عاين)، إن قادة الاعتصام قرروا الانسحاب لتجنب العنف المفرط للقوات الأمنية خاصة وأن الاعتصام من أدوات الثورة في وسائل متعددة قادمة.
وأشارت إلى أن اعتصام “ًصينية الأزهري” بالقرب من اعتصام “محطة سراج” لا يزال مستمرا وشارك فيه امئات اليوم وهتفوا ضد بيان قائد الجيش حول تكوين مجلس أعلى للقوات المسلحة واشتراط توافق المدنيين.
وقالت إن المطالب هي تنحي المكون العسكري ومحاسبتهم على الجرائم التي أُرتكبت من فض الاعتصام والانتهاكات التي وقعت عقب انقلاب أكتوبر.
أما اعتصام المؤسسة بالخرطوم بحري شمال العاصمة السودانية كان كالمعتاد في حالة من النشاط في الفترة المسائية وتبارى متحدثي لجان المقاومة في شرح دوافع الاعتصام للمتظاهرين.
ونقلت سلافة 25 عاما لـ(عاين)، وقائع الاعتصام الذي يستمر في يومه الثالث موضحةً أن الاعتصامات تضيق الخناق على الانقلابيين على حد تعبيرها. وقالت إن بقاء المكون العسكري كلفته عالية جدا على استقرار السودان وقد يقود إلى حرب أهلية.
وأضافت : “حتى وإن قرر السودانيون صرف النظر عن الثورة فإن الانقلابيين غير جديرين بالبقاء في السلطة لأنهم يشكلون خطرا على وحدة السودان”.
وحذرت من أن السلطة الانقلابية تعتزم “طي الثورة الشعبية” تماما بإخماد الاحتجاجات والتنكيل بمنظمات المجتمع المدني في مرحلة لاحقة أسوة بما حدث في مصر.
انتشار أمني في العاصمة
وسعت القوات الأمنية في العاصمة السودانية انتشارها في مدن العاصمة الثلاث وسط إرهاصات قوية بوجود نوايا أمنية لفض الاعتصامات السلمية
وقال شاهد من ضاحية بري شرق العاصمة لـ(عاين)، إن عشرات المركبات العسكرية من قوات الأمن وعناصر ترتدي الزي المدني وصلت إلى الحي وقد تحاول إنهاء الاعتصام الذي ابتدره المتظاهرون اليوم.
وكان قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان قدم خطابا للشعب السوداني مساء اليوم الاثنين وطالب الأطراف المدنية بالتوافق خلال شهر والانتقال إلى تكوين حكومة مدنية وحل مجلس السيادة بالتزامن مع تشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة والدعم السريع.
من جهته وصف المتحدث الرسمي باسم تجمع المهنيين السودانيين الوليد أحمد في تصريح لـ(عاين)، خطاب البرهان بالمحاولة اليائسة لتكوين مجلس عسكري أعلى والسيطرة على السلطة الحقيقية مع ترك الحكومة المدنية لمواجهة الأوضاع الاقتصادية المزرية.
وقال علي، إن الحل العملي للرد على خطاب البرهان بناء مركز موحد للثورة وجمع المواثيق والتأسيس للمرحلة الانتقالية وصولا إلى الانتخابات التي تحقق التداول السلمي للسلطة .